يعيش محمد يحيى أبو بكر ذو 42 ربيعاً والزوج والاب لخمس بنات وثمانية أبناء في قرية أبو سروج بولاية غرب دارفور. وينحدر محمد يحيى من عائلة تمارس مهنة الزراعة وسار على نفس خطاهم.
تأسست قرية أبو سروج في مطلع خمسينيات القرن العشرين و يبلغ عدد سكان القرية حوالي 10,050 نسمة. وينتمي سكان القرية بشكل رئيسي إلى مجموعة من القبائل مثل الفور والتاما والبرقو والمساليت. ومحمد يحيى وغيره من سكان قرية ابو سروج ، مثلهم مثل غيرهم من معظم سكان دارفور الكبرى، يعتمدون على الزراعة المطرية وتربية الحيوانات في سعيهم للحصول على الغذاء والمال.
تتميز دارفور، مثلها مثل معظم المناطق الجافة وشبه الجافة في أفريقيا، بقدر كبير من التنوع المناخي. وقد أدى التغيّر المناخي أيضاً إلى زيادة الاهتمام بتأثير الطقس على رفاه الدارفوريين. وتشكل البيانات الشحيحة عن معدلات هطول الأمطار إحدى أكبر التحديات، خصوصاً في المناطق الريفية النائية. ويُضاف إلى ذلك القدرات المحدودة للمؤسسات الحكومية حيث يواجه المهندسون تحديات كبيرة في قضاء كل موسم الأمطار في المناطق الريفية لجمع ورصد بيانات هطول الأمطار.
وقال محمد يحيى، الذي يكسب قوته من خلال عمله في مجال البناء في فصل الجفاف “في الماضي كنت أعرف متى يبدأ هطول الأمطار أما الآن فلا أدري. من الصعب على المرء الآن أن يعرف إن موسم الخريف قد بدأ فعلاً أم أن ما يحدث هو مجرد زخات مطر لا يعقبها شيء”.
اشتمل معظم برامج العون الإنساني في الإقليم على حفر الآبار على نطاق واسع كاستجابة طارئة. وكثيراً ما تتركز هذه الآبار في مناطق معينة دون أن تسبقها أعمال مسح هيدرولوجي هيدروجيولوجي منسقة.
لقد أحدث الضخ المستمر للمياه، وبالتحديد في مناطق الصخور الصلبة والطبقات الضحلة للمياه الجوفية، آثاراً سـلبيّة على موارد المياه انعكسـت في خفض منسوب المياه وتجفيف بعض الآبار الضحلة. وعادة ما تتم تغذية المياه الجوفية في السنوات التي تشهد هطول أمطار غزيرة. ومنذ عام 2017 ظل سكان القرية، مثل محمد يحيى وغيره، ينخرطون في مراقبة ورصد وتجميع بيانات هطول الأمطار من خلال أجهزة قياس معدلات هطول الأمطار التي أقامها مشروع استراتيجية تنمية دارفور. وصار القرويون يجمعون بيانات هطول الأمطار ويرسلون المعلومات مستخدمين الهواتف النقالة.
ويعتبر العمل جزءً من مشروع الإدارة المتكاملة للموارد المائية في دارفور، الذي يتولى تنفيذه برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، والمنظمة الدولية للهجرة، ومنظمة الصحة العالمية، بشراكة مع وزارة الموارد المائية والري والكهرباء وإدارة المياه الجوفية والوديان السودانية وغيرها من الوزارات الحكومية السودانية الأخرى.
قال محمد يحيى، وهو واحد ضمن 21 فردا يمثلون 15 قرية تم تدريبهم على كيفية تشغيل أجهزة قياس معدلات هطول الأمطار وتقديم تقارير دورية و منتظمة إلى إدارة المياه الجوفية والوديان في الخرطوم: “حينما وصل فريق وزارة الموارد المائية والري والكهرباء وإدارة المياه الجوفية الوديان إلى قريتي لتركيب جهاز قياس معدلات هطول ألامطار ومعدلات التبخُّر، قام السكان باختياري لدعم الفريق لأن لي تجربة سابقة في مجال البناء . وقد تم اختياري للتدرب أثناء تركيب المحطة، وظللت أقدم بصورة منتظمة بيانات لمنسوب سقوط الأمطار للإدارة في دارفور وللمجتمع. وتُجمع نفس البيانات في تقرير يُرسل إلى الخرطوم من أجل تحقيق تخطيط مستقبلي أفضل”. وجاءت إفادة محمد يحيى هذه في حديث عبر هاتفه الجوال من دارفور.
كان المشروع المشترك الذي اكتمل في ديسمبر 2018 قد تم تصميمه لتدعيم التعافي والاستقرار لسكان دارفور المتأثرين بالحرب، وذلك عبر تزويدهم بإمكانية الحصول على المياه الصالحة للشرب والمرافق الصحيّة والنظافة الصحيّة، ولضمان استدامة الموارد المائية في مواقع مختارة للعودة الطوعية في ولايات دارفور الخمس.
وقال أتيلا أوراس، مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة بالسودان “إن المشروع قد تمكّن من تأسيس نظام إدارة مستجمعات مياه باستخدام نهج يستند إلى الأدلة في نطاق إدارة شاملة لموارد المياه وذلك بدعم من المجتمع المحلي في المناطق النائية. وقد أنجز ذلك العمل من خلال تقييم شامل لموارد مياه أربع مستجمعات مائية في دارفور ومن ثم تحديد مناطق محتملة لمياه جوفية وسطحية تماشـياً مع التوزيع الحالي لموارد المياه والقضايا المرتبطة بها.”
ومنذ اكمال عمليّة التقييم البيئيّ ألاساسي للسودان عام 2007 شرع برنامج الأمم المتحدة للبيئة في إرساء وجودً نشط له في السودان من خلال العمل مع القادة السودانيين على المستوى الوطني والولائي والمحلي، وعلى مستوى المجتمع المدني والمجتمع الدولي، لتشجيع إقامة تنمية مستدامة للموارد الطبيعية للسودان. وظل الهدف النهائي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة هو مساعدة السودانيين على تحقيق السلام والتعافي والتنمية بطريقة مستدامة بيئياً.
المصدر: https://www.unenvironment.org
أحدث التعليقات