حروب الموارد في السودان مستمرة ليس بسبب شحها لكن بسبب سوء إدارتها و استغلالها او بالاحري الفساد في أدارتها وتوجيهها . فمن جهة يعد أقليم جبال النوبة ولاية جنوب كردفان من أغنى بقاع الارض قاطبة من حيث الموارد الطبيعية بكل أشكالها فوق و تحت سطح الارض . و من جهة أخري يعد شعب و سكان هذه الولاية او الاقليم من أفقر سكان الكرة الارضية علي الإطلاق في الحصول علي اسباب الحياة الانسانية الكريمة في الصحة و التعليم و سبل كسب العيش . ظلت هذه المنطقة علي مدار تاريخ السودان الحديث منطقة تهميش و فتن و حروبات عنصرية متتالية تدار من المركز بنهج مدروس لشغل حياة انسان المنطقة او لتفريغ المنطقة من شعبها و سكانها بالتشريد و التهجير و النزوح و الحروب ادوات رئيسة لتحقيق هذه الاهداف الهدامة … تلك الحروب الممنهجة المستمرة هي حروب في اكثر حالاتها حروب مفتعلة من المركز بغرض استغلال تلك الموارد والاستفادة منها لغير سكان الارض و قاطنيها او لدفع الشعوب لترك ترك ديارها قسراً لأنعدام الامن و الامان و الخروج منها وطلب الامن في أي مكان أخري غير وطنهم .
فكلما لاحت تباشير السلام في بلادي وجد تجار الحروب اسباباً وحركت الجيوش و دقت طبول الحرب و اطلقت رصاصات الغدر علي حمائم السلام وأشعلت النيران في أشجار الزيتون لا غصونها .
هذه الايام و بوادر السلام تلوح في الافق القريب الذي انداح بالتغيير في السودان و كل المؤشرات تشير الي تحقيق السلام الكامل الشامل في كل ربوع السودان في الفترة القادمة . والكل متفائل يمن النفس بالسلام و الاستقرار و التنمية و الازدهار لا سيما للشعوب المنهكة بالحروب العنصرية في دارفور و النيل الازرق و جبال النوبة . تجد من يقف بصلابة و قوة في جهة استمرار الحرب و القتال لمزاولة الفساد و الاغتصاب و اشعال نيران الفتن و الصيد في المياه العكرة . تشهد ساحة أقليم جبال النوبة او ولاية جنوب كردفان نذر شر و شرارات قد لا يحمد عقباها ما لم يتم تدارك الموقف بالحكمة و الحنكة و المعالجة الحاسمة العاجلة و أطفاء النيران في مهدها .
و مطالب حراك شباب الثورة في تلكم المناطق يجب التعامل معها لحل جزور المشكلة و هي في اساسها مطالب قديمة و واقعية قوبلت بالتجاهل و الاستغفال و تسويف الوقت . و لا يمكن بحال من الاحوال تجريم من يطالبون بأيقاف استخدام مادة السيانيد المضرة بالبيئة و الانسان و النبات و الحيوان و هي مادة محرم استخدامه دولياً . هذه المادة التي أضرت ببيئة تلك المنطقة وظهرت اثارها في الاجنة و الاطفال المشوهين و سممت مياه الشرب و أهلكت الانسان يجب ايقاف استخدامه فوراً . كما ان الاستمرار في تعدين الذهب و المعادن الأخرى لصالح شركات تخص افراد يهربونها الي الخارج ليستفيد منها جهات خارج السودان دون ان تعود بفوائد لآنسان المنطقة والسودان هو جريمة كبرى بحق السودان . فلابد من إعادة توجيه البوصلة في استغلال موارد السودان ليستفيد منه الشعب السوداني من خلال أجهزة الدولة السودانية الرسمية و ايراد دخلها الي خزينة الدولة واصلاح الاقتصاد والتنمية المتوازنة .
ان ما يحدث هذه الأيام في منطقة تلودي و كالوقي و ما حولها من أماكن تعدين الذهب هو تعبئة في اتجاه إفشال جولة المفاوضات القادمة في جوبا . فالحشود العسكرية و أرتال العربات المدججة بالجنود والأسلحة .. كما المداهمات التي تتم للشباب و قتلهم او أخذهم الي جهات غير معروفة . و كل ما تم من قتل ينبئ بالشر و المستطير و اول الحريق شرارة لا يهم من يشعلها لكنها ستحرق الجميع كما ان الطريقة التي يتعامل بها الشباب في التخريب و الحرق لا يمكن قبولها .. ثورة الشباب السوداني ثورة سليمة يجب ان تستمر في نهج سلميتها حتي تحقق كل أهدافها فلا تعطوا المبررات لأعداء الثورة و المتربصين بها .
نأمل ان لا تذهب الامور الي اكثر مما هي عليها الان في جبال النوبة وجنوب كردفان فعلي مجلس السيادة و مجلس الوزراء تدارك الموقف اول بأول حتي لا تنزلق من أيديهم .
نقلا عن سودانيزاونلاين
أحدث التعليقات