أجنحة حركات دارفور و البحث عن المراعى الخضراء فى بلاد الغاز المسال.
دكتور شريف حرير
بينما يبحث المسيرية و غيرهم من شعوب حزام البقارة فى السودان، و الذين يعتمد إقتصادهم و ما يقيم أودهم، على رعى الماشية والترحال بها جنوبًا وشمالًا حسب دوران فصول السنة، يبحث قادة أجنحة حركات دارفور الموقعة على إعلان جوبا- الذائع الصيت- عن مراعي خضراء فى شبه الجزيرة العربية، المكسوة برمال صحراء الربع الخالى، و المتكئة فوق أطنان الغاز المسال الذي يتحول سريعاً الى ما يسميه أهلنا فيما يشبه الشفرة الاستخبارية “بالأخضر الإبراهيمي” أو “رأس الشايب”. معلوم إن الأخضر الإبراهيمي علم فى رأسه نار حيث كان وزيراً للخارجية الجزائرية- ارض المليون شهيد و أبا القاسم الشابى القائل: و للحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق. و إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر… ولا بد لليل ان ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر.
و لكن استدعاء الأهل لهذا الإسم كشفرة فى سوق العملات الذي يسميه البعض السوق الأسود)، كما شقيق هذه الشفرة “رأس الشايب”، هو إستدعاء للدولار الأمريكي- صاحب السطوة الإقتصادية فى دول العالم الثالث، فى إطار العولمة و التبعية فى كل شئ بما فى ذلك الاقتصاد المعيشي التقليدي لشعوبنا. الذى يبحث عنه إخواننا- قادة أجنحة حركات دارفور التى تحاول احتكار النضال و تمثيل دارفور فى شكل كارتل يسحق الآخرين بالإشاعة و الإشانة و الهمز و اللمز و التقزيم و “الكرتنة” أو إطلاق صفة الحركات الكارتونية على قدامى المناضلين المحاربين رفاق الشهداء- ما يبحث عنه هؤلاء هو دولارات الغاز المسال، بنفس الطريقة التى يبحثون فيها عن الألقاب المجانية و الإستوزار المجانى!
مناسبة هذا الكلام هو ما جاء في الأنباء أن الأمين العام للجبهة الثورية (و قد تمت هيكلتها فى جوبا، بضيافة كريمة من دولة جنوب السودان) قال إن جوبا لا “تملك” مالاً لتهديها فى إعمار مناطق الحرب (أو هكذا قال)، و قد أبدت الدول التى تراكمت لديها دولارات الغاز المسال، مثل السعودية و الإمارات، كما غريمتها قطر، رغبتها في توفير مال لتهديها فى إعادة إعمار السودان، مقابل إستضافتها للمحادثات، أو هكذا قال الأمين العام للجبهة الثورية، و التى جاء لحم أكتافها، من كرم دولة جنوب السودان. لانحتاج إلى تفصيل ادوار هذه الدول، و مواقفها التاريخية، عندما كانت ترتكب الإبادة الجماعية فى دارفور، من قبل حكومة محمية منهم فى مجلس الأمن، و فى أغلب المحافل التى تظلم فيها مناضلي دار فور، و حملوا قضيتهم إليها. كذلك لم نسمع نهياً بالمعروف عن الإغتصاب المستمر للمسلمات القصر، كسلاح إخضاع، لكسر إرادة المقاومة عند أهل دارفور، عبر سنوات الحريق بقصف المدنيين بالانتونوف، و الميج ٢٩، و الابابيل والسوخوى، ثم الإفقار و التهجير بالقوة، تحت سنابك خيل تتار آخر الزمان (جنجويد استخبارات الحدود والدعم السريع). لعل كتاب الحسنات و المواقف الإيجابية فى هذا الصدد من تلك الجهات، سوف يكون أقصر كتاب، حتى و لو تمت كتابته تحت إشراف ابرع كتاب زماننا هذا، حيث يجتهد من يدعون تمثيل المظلومين، للحصول على امتيازات هذا التمثيل بكل الطرق و “كاش داون”!
ماذا يقول شهداؤنا اذا علموا ان رفقائهم فيما مضت من أيام النضال الصادقة، و بخاصة من تسنموا قيادة الحركات، بعد تحويلها الى أجنحة، تحمل أسماء الأفراد من القادة، او صفات المبالغة، مثل “الكبرى” و “الأم” و “الأصل” و “الجديدة” و هلمجرا، يبحثون حثيثاً، عن المراعى الخضراء، بكل واد فى العالم، و دولارات الغاز المسال “خارجياً” و “الألقاب المجانية”، و بهلوانيات “المحاصصة” الوظيفية”داخلياً”، و طرق احتكار “سلعة” النضال فى كل الأوقات- ليس بنكران الذات، بل بتضخيمها، و تبخيس تضحيات الرفاق من المناضلين، الذين لا يبصمون على حيل “الحواة”، فى ادعاء البطولات الحصرية على أشخاصهم! كيف نفسر للأرامل و اليتامى، و ساكنى معسكرات الذل و الهوان داخلياً و خارجياً، سلوكيات”التهريج” و “الاحتيال” فى حقهم، ونحن ندعي اننا نعمل من اجلهم، بينما همنا هو “رنة” الذهب و “كشكشة” الدرهم و الريال؛ أو أفضل منهما أجمعين: دولارات الغاز المسال!
دكتور شريف حرير
الاثنين ١٤ أكتوبر ٢٠١٩
أحدث التعليقات