نزار النعيم كما يعلم الجميع لمع نجمه أثناء ثورة ديسمبر بتأييده للثورة مثل الكثيرين من الشباب في الأجهزة الأمنية، ولكن مشكلته أنه كان الأشجع ولم يتعامل بأضعف الإيمان استخدم يده ولسانه ورفض تنفيذ الأوامر وقدم لمحاكمة، وقال في تسجيل إنه يمتلك أدلة عن مجزرة فض الاعتصام ويقدمها للعدالة، موقفه هذا جعل الناس يشعرون إنه مستهدف وإن أي مكروه يحدث له سيكون بفعل فاعل.
الأسبوع الماضي تفاجأ الجميع بخبر وفاة الثائر نزار النعيم في مصر، وتضاربت الأخبار بشأن موته بعض يقول قتل في ظروف غامضة وبعض يقول مات ميتة طبيعية ولكن رجحت الجماهير إنه قتل بناء على سلوك الأجهزة الأمنية السابق معه ومع الجميع، وكردة فعل طبيعية خرجوا في تظاهرات عارمة في أم درمان وأماكن أخرى يتهمونها صراحة .
المؤسف حقاً إنه لم تخرج جهة رسمية تطلب من الجماهير الهدوء وتتحمل مسئولية كشف ملابسات الحادث حتى ولو مراعاة لمشاعرهم، وأعتقد هذه مسئولية الشرطة، ولا أدري لماذا لم يتحرك مديرها بالرغم من أن الشرطة هي المتهم الأول كما يعتقد المواطنون، وحقيقية بسكوتها هذا تؤكد الشكوك حتى وإن لم تقتله، وهذا الأسلوب دائماً ما يتبعه النظام السابق .
عم نزار النعيم أكد لقناة الجزيرة أن ابن أخيه قتل مسموماً، وأن جهات في الأجهزة النظامية مسؤولة عن قتله لإخفاء حقيقة ما حدث للمتظاهرين إبان فض اعتصام الخرطوم، إذاً هذا اتهام رسمي من عائلة نزار لكل الأجهزة النظامية ،فهل فعلاً هي الفاعل أم جهة أخرى أم مات نزار ميتة طبيعية، الكل يريد أن يعرف كيف قتل؟
بالأمس شكل رئيس الوزراء لجنة للتحقيق في ملابسات موت نزار، وأرجو أن تصل إلى نتيجة مقنعة، ولكن لا يجب أن يكون هذا كل شيء، بل لابد للحكومة الانتقالية تضع منهجهاً ثابتاً للتفاعل مع مثل هذه القضايا وتتعامل معها بجدية باعتبارها جريمة قتل يجب أن لا يفلت مرتكبوها من العقاب فلا يعقل أن يستمر قتل الشرفاء حتى بعد الثورة.
نزار النعيم ليس المواطن الوحيد الذي ذهب إلى مصر بكامل صحته وعاد محمولاً على صندوق ولا أحد يعرف كيف ماتوا، ولكن أن يظل الأمر مستمراً حتى بعد الثورة فبلا شك الآن يؤكد أن النظام المخلوع لم يسقط كله وأن الثورة يجب أن تستمر.
لأسباب كثيرة مرتبطة بماضي الأجهزة الأمنية وتعاملها مع الثورة نشأ حاجز نفسي بينها وبين الجماهير، و ستظل هي المسئولة عن أي أذى يحدث لأي مواطن لمع نجمه في الثورة، حتى ولو تعثر على حجر ووقع في الشارع أمام الناس، وعليه إن كانت هذه الأجهزة حريصة على استعادة سمعتها عليها أن تكون دائماً مستعدة لتبرئة نفسها بالكشف عن الحقائق بصدق وشفافية، وإلا سيزداد الحاجز النفسي عمقاً وطولاً وعرضاً وهذا أمر ليس في مصلحة الجميع .
عموماً الشهود على فض الاعتصام ليسو أفراداً بل هم ملايين؟ فالجريمة لم ترتكب بليل ولا سراً وإنما أمام العالم كله، و إن مات شاهد فهناك ألف شاهد بل هناك أجيال شهدت عليها، ولن تستفيد الأجهزة الأمنية من أي شاهد تقتله، وستطال العدالة كل المشاركين فيها أن لم يكن اليوم فغداً وغداً ليس ببعيد ولن يأخذ الأمر زمناً طويلاً على المجرمين أن لا يفرحوا، الآن يجب أن تجاوب الحكومة على السؤال كيف مات نزار النعيم.
التيار
أحدث التعليقات