لا تبدو إن ذكري المعلم البطل يوسف كوه مكي مجرد قصاصات تتناثر في صحائف التاريخ، أو حتى مساجلات يتبادلها بعض المتعلمين من وقت لآخر حينما تمر خاطرة المناضل الاسطورة في العام مرة واحده.
اعتقد إن ثمة ما يدعوننا أن نحيي ذكراه بشكل خاص هذه المره؛ هو سؤالنا الذي تعالي صوته بضرورة إنهاء الحروب وبناء أسس موضوعية للسلام والمساكنه بين السودانيين. إن أعظم ما جاءت به ثورة ديسمبر هي مقولة( تعال من الآخر)، أي الطريق الأقرب لتحقيق الاستقرار والسلام بمستحقاته الجوهرية.
يوسف كوه وآخرين من بينهم أحياء بالروح والقضية منهم القائد عبد العزيز الحلو، دانيال كودي، مالك عقار، شريف حرير وآخرين انتبهوا إلى قضايا التهميش الثقافي والتنموي والسياسي في وقت مبكر من تاريخنا الحديث، غض النظر عن الخيبات والفشل في مواجهة أسئلة العدالة والحقوق المتساوية بغض النظر عن الأرواح والدماء والكراهية التي اورثها الصراع والعنف السياسي. أعتقد أن يوسف كوه وآخرين انتصروا في ثلاثة أشياء. التأكيد على استحالة المعايشة دون وضع أسس جديدة للمساكنة، ضرورة الاعتراف بالمظالم التاريخية، وإن السلاح ليس وسيلة جيدة للمقاومة ولكنها ضرورية في مراحل من تاريخنا لانتزاع الحق في التحاور المتكافئ.
لقد كتبت عن المعلم مكي وكنت وقتها معارض واكتب عنه الآن؛ من واقع المحبة والإعجاب بتاريخه من ناحية، ومن واقع أنني و آخرون نبحث بجدية عن سلام ينهي الحروب وإلى الأبد. أعتقد أننا الآن نقترب من تحقيق مشروعه الوطني الذي نادي به.
بناء دولة تقوم فيها الحقوق على أساس المواطنة المتساوية وقادرة على إزالة التشوهات التشريعية التي يستحيل معها حماية هذه الحقوق الكاملة للمواطنين.
إقامة نظام حكم إقليمي فدرالي حقيقي تنص فيه السلطات الحصرية للاقاليم بما يمكنها من إدارة الحكم الإقليمي دون وصاية في إطار الدولة الموحدة.
بناء جيش واحد وموحد مبني على عقيدة وطنية صارمة وقائم على حماية العهد الدستوري ومبني على أسس قومية ومحرر من الوصاية السياسية.
بناء نظام مالي وإداري عادل يخصص نسب عادله من الموارد الطبيعية للإقاليم ويعتمد أسس صحيحة في توزيع وتخصيص الإيرادات.
في ذكرى رحيله ال19 فالنعمل بجد وصدق لتحقيق هذا السلام الممكن والمستحق.
السلام على روحه، والسلام على خطاه التي لا تزال في طريقها إلى المنتهى.
أحدث التعليقات