أبدى مصابون بفيروس كورونا المستجد في المغرب، في مقاطع فيديو، استياءهم من تدني مستوى الرعاية الصحية، وظروف إيوائهم في المستشفيات، ما أعاد إلى الواجهة الجدل حول أوضاع قطاع الصحة ليس في المغرب فحسب، بل حتى في تونس والجزائر اللتين لم تختلف فيهما الصورة كثيرا عن المملكة.
فقطاع الصحة في دول المغرب الكبير لا يحظى بميزانية تتناسب وأهميته، ولاسيما في أوقات عصيبة مثل التي تمر بها البشرية.
ففي الجزائر، “أظهرت الأزمة الصحية اختلالات المنظومة الطبية”، برأي رئيس الجمعية الجزائرية للانكولوجيا الطبية البروفسور كمال بوزيد متحدثا لموقع “تي أس أ” الإلكتروني.
ولم تحد تونس عن “القاعدة”، وهي التي تعاني صعوبات اقتصادية كبيرة فرضها التراجع الكبير في أعداد السياح بعد سلسلة الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها خلال السنوات الأخيرة.
وسارعت السلطات في البلدان الثلاثة إلى فرض حجر صحي تام أو جزئي للتصدي لانتشار وباء كوفيد-19، مؤكدة بذلك لجوءها لأقصى الجهود الممكنة لمواجهة وضع غير مسبوق.
وتعد الجزائر البلد الأكثر تضررا في المغرب الكبير من تفشي الوباء، إذ أودى بحياة 105 أشخاص من أصل 1171 مصابا، مقابل 47 وفاة من أصل 735 مصابا في المغرب، بينما سجلت تونس سقوط 14 ضحية من بين 455 مصابا.
بينما أثار تدني عدد التحاليل المخبرية لكشف الإصابة بالفيروس في المغرب انتقادات وتساؤلات، إذ لم يتجاوز 3500 فقط منذ مطلع مارس.
وينتظر أن يقدم وزير الصحة المغربي توضيحات بهذا الخصوص أمام البرلمان منتصف أبريل بحسب الصحافة المحلية.
وفيما يواصل الوباء تفشيه، ترتفع أصواتٌ في البلدان الثلاثة منددة بقلة الإمكانات المتوفرة لمواجهته.
المغرب.. 1642 سرير إنعاش لـ35 مليون نسمة!
ويشكو طبيب إنعاش في أحد المستشفيات المغربية لوكالة الصحافة الفرنسية “قلة مستلزمات التحاليل ومحلول التطهير الكحولي”، بينما يأسف طبيب طوارئ في الدار البيضاء “لظروف عمل جد صعبة بوسائل محدودة”.
ولدى المغرب حاليا 1642 سريرا للإنعاش فقط، بينما يبلغ عدد سكانه 35 مليونا.
ويلخص طبيب في مراكش الوضع قائلا “مصيرنا بين يدي منظومة صحية همشت على مدى سنوات”. ويعرب في شريط فيديو تم تداوله بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، عن أمله في أن تشكل الأزمة الحالية مناسبة “لاستخلاص العبر”.
وتمثل ميزانية قطاع الصحة العمومية في المغرب 5 بالمئة من ميزانية الدولة، مقابل معدل 12 بالمئة الذي توصي به منظمة الصحة العالمية. ويعاني القطاع “عجزا في الموارد البشرية” و”فوارق جغرافية واجتماعية واقتصادية عميقة”، بحسب تقرير للمنظمة.
وأحيت الأزمة أيضا الجدل حول مستوى التفاوت بين الخدمات العمومية التي تبقى ملجأ لذوي الدخل المحدود والمصحات الخاصة المزدهرة في المملكة بفضل استقطاب ذوي الدخل المرتفع، بينما يفضل الأكثر ثراء السفر للعلاج في الخارج.
الجزائر.. 10 مليار دولار ميزانية الدفاع و4 مليار للصحة!
ونشر طبيب مغربي رسالة مفتوحة ينبه فيها لهذا التفاوت جاء فيها “اليوم لا يمكنك الذهاب لا إلى المصحات الخاصة ولا السفر إلى الخارج، مرحبا بك في بؤسنا اليومي”، مذكرا بالاحتجاجات المتكررة لأطباء القطاع العمومي على قلة وسائل العمل في الأعوام الأخيرة.
وشهدت تونس في السنوات الأخيرة ازدهارا في المصحات الخاصة، بما فيها تلك التي تقدم نوعا من “السياحة الطبية” لزبائن ميسورين بعضهم قادمون من الخارج، ومنهم من يأتي طلبا لخدمات تجميلية.
أما الجزائر فخصصت أكثر من عشرة مليارات دولار لميزانية الدفاع مقابل أربعة مليارات فقط للصحة.
وأعرب البروفسور الجزائري بوزيد عن أمله في “الاستفادة من هذه الأزمة لمراجعة منظومتنا الصحية”.
وأكد رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز جراد هذا الأسبوع أن جائحة كورونا “كشفت العديد من الثغرات”، واعدا “بالعمل على تداركها”.
أحدث التعليقات