أجاب داؤود يحي بولاد ردا على سؤال جون قرنق دون تردد: “إنني قد أكتشفت بان الدم أكثر كثافة من الدين في الحركة الإسلامية.” أي إن الروابط الإثنية في داخل الجماعة أقوى من رابطة الدين، وهذه قضية تهم كافة الأحزاب والجماعات، وتهمنا معاً، وعلينا أن نواجهها معاً. والمجتمع السوداني بحاجة لمواجهة قضية العنصرية بشفافية.
اما الحركة الإسلامية إذا أرادت اصدار نسخة جديدة مواكبة للعصر فعليها أن تدرس قضية العنصرية في داخلها وترد الإعتبار لإنسانيتها، ولقد سبق للراحل الدكتور الترابي أن أشار إلى ذلك في موضوع دارفور، ولكن الحركة الإسلامية في مجملها- وليس كلها- يجلس على سدة قيادتها من هم في عجلة من أمرهم لا يهمهم مراجعة أمر (الإنقاذ) من العنصرية وحروبها التي لعبت فيها العنصرية إحدى محركاتها، ولكن الجماعة ظلت في عجلة من أمرها للقفز على دست الحكم قبل مراجعة التجربة. وهنا فإن الجماعة لم تتعلم شيئا ولم تنسى شيئا ولا يسمح قادتها لها بالحديث بلسان مبين وفصيح في قضايا مثل الديمقراطية والعنصرية والمواطنة بل إن عمار السجاد قد ذهب ابعد من ذلك فيما نُقل عنه عبر الإنترنت وزادنا في الشعر بيتا بإن سب الدين عند البعض نوعا من تنفيس الغضب، وذكر أحد الظرفاء إن الجماعة قد غضبوا من بث لقمان للمظاهرات على الهواء ولكن البزعي ووكالة سونا قد قاما ببث سب الدين والعنصرية على الهواء، وسب لجان المقاومة في بث مباشر. وحاول البعض نفى ونكران ما جرى بدلا من إتخاذ موقف مستقيم منه.
-3-
*1924 ثورة السودانوية والنهوض ضد العنصرية:
دون محاولة استخدام هذه القضية الكبيرة في تصفية حسابات صغيرة وترك القضايا الكبرى وعلى رأسها مكافحة العنصرية وبناء مجتمع لا عنصري قائم على المواطنة بلا تمييز، فإنني أتوجه بالدعوة مرة آخرى للشباب وللجادين من بنات وأبناء شعبنا ومجتمعنا لا نفرق بين أحد منهم، وعلى وجه الخصوص من الديسمبريات والديمسبريين، لنحتفي بمرور قرن من الزمان على ثورة 1924، وهي ثورة سودانوية كسرت حاجز الصوت والصورة ضد العنصرية وأختارت علي عبد اللطيف بكل ما يمثله زعيما للأمة السودانية، ولا تزال صورة قادتها البديعة والتنوع السوداني الذي مثله قادتها وشهداءها الذين تتوزع دماءهم شمالا وجنوبا هي أكبر صيحة في وادي النهوض ضد العنصرية (إنما أنا سوداني ولا يهمني إلي أي قبيلة أنتمي)، فالسودانوية وحدها هي التي توحدنا، ولنحتفي بمرور قرن على ثورة 1924، ونحو مجتمع لا عنصري يمجد السودانوية والإنسانية.
*الخرطوم، 13 أبريل 2022*
أحدث التعليقات