مشكلات اقتصادية متراكمة، ديون متزايدة، انخفاض سعر صرف العملة المحلية، نقص في السيولة، وارتفاع أسعار، هذا هو حال عدة دول عربية، نتيجة التبعات الاقتصادية لجائحة كورونا، قبل أن يأتي الغزو الروسي لأوكرانيا، لليزيد تعميق الأزمة، فما تداعيات كل ذلك على الاقتصادات العربية؟
إفلاس أم تخلف في الدفع؟
نادراً ما تفشل الحكومات في سداد ديونها الوطنية، وعادة ما تتردد البلدان في التخلف عن سداد ديونها الوطنية لأن القيام بذلك سيجعل اقتراض الأموال في المستقبل أكثر صعوبة وأكثر تكلفة.
ووفقاً لموقع ” إنفستوبيديا” الاقتصادي الأميركي، فأن حالات التخلف عن السداد السيادية نادرة نسبيًا وغالبًا ما تكون ناجمة عن أزمة اقتصادية تؤثر على الدولة المتعثرة، كالانكماش الاقتصادي والاضطرابات السياسية والإنفاق العام المفرط والديون كلها إشارات تحذيرية تؤدي إلى التخلف عن سداد الديون السيادية.
وبينما كان العالم يكافح لتجاوز تداعيات جائحة كورونا، والحد من آثار التغير المناخي، جاء الغزو الروسي لأوكرانيا ليضيف مزيدا من الغموض على مستقبل الاقتصاد العالمي.
وفي وقت سابق، حذرت أربع مؤسسات مالية واقتصادية دولية، مجتمعة، وهي البنك وصندوق النقد الدوليين، ومنظمة التجارة العالمية، وبرنامج الغذاء العالمي، من تداعيات الحرب في أوكرانيا على تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي برمته، واحتمال إفلاس عدة دول نتيجة لذلك.. فماذا يعني إفلاس الدول؟
إفلاس الدول
يقول الخبير الاقتصادي، عبدالنبي عبدالمطلب، إن إفلاس الدولة يعنى إعلان الحكومة عدم قدرتها على سداد التزامات ديونها العامة في موعد استحقاقها.
وأوضح في تصريحات لموقع “الحرة”، أن إعلان الإفلاس يكون من خلال بيان رسمي من الحكومة بأنها لن تسدد الديون في مواعيدها.
من جانبه رفض الخبير في القانون الدولي المقيم في فرنسا، إيلي حاتم، استخدام مصطلح إفلاس، مؤكداً أن استخدام مفهوم الإفلاس للإشارة إلى حالة بلد يعاني صعوبات اقتصادية كبرى ليس قانونياً.
وأضاف في تصريحات لموقع “الحرة”، أن التوصيف القانوني لتلك الدول هو أنها “لا تستطيع أن ترد أو تسد ديونها”.
وأشار إلى أنه إذا قررت الدولة عدم سداد ديونها فلا أحد يستطيع الزامها بذلك، لكن قد يكون هناك ضغوطات إعلامية وسياسية عليها، وتخوفات اقتصادية من هروب رؤوس الأموال والاستثمارات من داخل البلاد.
دول عربية.. هل تكون على حافة الإفلاس؟
وجاءت تلك التطورات، في وقت تغرق فيه عدة دول عربية في أزمات مالية واقتصادية، تقربها يوما بعد يوم من حافة الإفلاس.
ومنذ أكتوبر 2019، دخل لبنان في أزمة مالية واقتصادية حادة، وتفاقمت تلك الأزمة حتى وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من أشد الأزمات على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.
وتراجع احتياطي لبنان من النقد الأجنبي من حوالي 38 مليار دولار في 2019 إلى حوالي 15 مليار دولار حاليا، ومنذ أكتوبر 2019، فقدت الليرة اللبنانية نحو 90 ٪ من قيمتها.
لكن الأمر لم يتوقف عند لبنان، فقد بدأ الحديث عن احتمال إفلاس عدد من الدول العربية منها اليمن والسودان وتونس ومصر. في السودان، ومع نهاية حكم البشير، بلغ الدين الخارجي للبلاد حوالي 60 مليار دولار، معظمها متأخرات لصندوق النقد الدولي وباقي دائنيه نادي باريس.
وبعد قرار تعويم الجنيه السوداني، تراجعت قيمة المحلية، من 55 جنيها للدولار الواحد إلى حدود 400 جنيها للدولار.
وأدى انهيار العملة ورفع الدعم عن الوقود وسلع اساسية اخرى إلى تفاقم التضخم في السودان، ليصل إلى حدود 300٪.
وفي مصر، أعلن البنك المركزي المصري ارتفاع الدين الخارجي للبلاد لـ 145,529 مليار دولار، بنهاية الربع الثاني من العام المالي الحالي 2021/2022.
وتعاني القاهرة في الوقت الحالي من ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتداعيات غزو روسيا لأوكرانيا، ولجأت لصندوق النقد الدولي من جديد للحصول على دعم مالي. وفي تونس، بلغ إجمالي الدين العام التونسي 29 مليار دولار بنهاية عام ٢٠٢٠.
وتتفاوض تونس مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بنحو 4 مليارات دولار، لكن الصندوق يشترط خفضا حاسما في الإنفاق، خصوصا في بندي الرواتب ودعم السلع الأساسية.
بينما تعاني اليمن من حرب مستمرة منذ 7 سنوات، وصادرت جماعة الحوثي الاحتياطيات النقدية للبنك المركزي عندما سيطروا على العاصمة صنعاء، وتقدر بحوالي 5 مليارات دولار.
أحدث التعليقات