جبراكة نيوز
حين كانت الحكومة تتحدث عن المواسم الزراعية، و تقدم التقارير عن إزدياد المساحات المزروعة، وارتفاع نسبة الانتاج، لم ننسى الإشارة إلى جوانب التقصير الحكومي، رغم ذلك كان كثيرون يسخرون ويجادلون ويغالطون ويسبّون كل من يقدم معلومة كذلك.
سؤالي أين هي الزراعة اليوم؟ ماذا قدم لها الانقلابيون؟ وهل تعرفون أوضاع المزارعين؟
كان الكل يهاجم حكومة الانتقال المدنية، ويغضب الثوار ( هذا من حقهم) حين يتظاهرون أمام مجلس الوزراء، إلا أنهم يمتعضون لأن موظفاً استلم المذكرات بدلاً من رئيس الوزراء. أين رئيس الوزراء اليوم؟ وهل يسمح لنا الانقلابيون بالوصول ( سلميا) حتى بوابة مجلس الوزراء؟
نعم؛ لم تكن الأمور كما يود الثوار، وكانت الأوضاع دون سقف الطموحات بكثير جدا.
لكن كان يمكن رؤية الأوضاع بطريقة الاصلاح المتدرج، والضغط ( الذكي) على المكون المدني دون منح العساكر أوراقاً يستخدمونها في حربهم ضد الانتقال.
لكن إعلام القوى المضادة للثورة استخدم طريقة (كذب كذب حتى تصدق)، فزرع الإحباط في النفوس، ونتج عن ذلك حالة (اكتئاب ما بعد الثورات) وهي حالة أقرب الى اكتئاب ما بعد الولادة.
بالمناسبة أين المنشورات التي كانت تصدر يوميا عن الغلاء؟ هل تراجعت الأسعار؟ وانخغضت موجة الغلاء؟ بالمناسبة كان كثير من الأشخاص الذين يقودون تلك الحملات يحملون اسماء وهمية وحسابات مفبركة. هذا لا يلغي وجود أصوات صادقة تطالب بالتفيير الحقيقي، تدعو للعدالة التي لم تتحقق بسبب النيابات والأجهزة المختصة.
المفارقة كان البرهان يحدثنا عن فشل الحكومة، بينما لا يترك حميدتي مناسبة ليصوّر لنا بؤس الحال، وسيطرة (اربعة طويلة) وتشبث الأحزاب بالسلطة، لكنهما يخططان لانقلاب ويعلنان الطوارئ التي تمنح القوات حصانة للإفلات من العقاب.
نعم كانت لقوى الحرية والتفيير أخطاء كثيرة وكبيرة لكنها لا تصل الى اخطاء حميدتي وبرهان والجبهة الثورية، والمقارنة ليست رغبة في عودة الحرية والتغيير الى السلطة اطلاقاً.
لكن يجيء حديثي لتوضيح السيناريو المرسوم وكانت الخطة مبنية على فكرة..كذّب كذّب حتى تصدق فيقتنع المستهدفون بالصورة التي رسمها وسوقها إعلام الكيزان والعسكر، أو تذكرون الحملة الضارية ضد لجان تفكيك التمكين؟ وهل ننسى حملات الاغتيالات المعنوية؟ لقد خلقوا مناخاً ملوثاً وصنعوا صوراً باهتة حتى دخل كثيرون في وهم الفشل الكامل، وبدلا من محاولة تقويم حكومة الانتقال، ودعم ما هو إيجابي ومعالجة السلبيات فيها كنا نعمل على تدمير الكل، حرق المخالف، سياسة هدم المعبد، جو الاحباط، سيادة الفوضى وسبطرة العبث، وبروز مشاعر الاكتئاب، وإحساس العجز عن الاصلاح. لقد تشكل في لاوعي كثيرين مشاعر العداء والكراهية لأنها حكومة فاشلة ووزراء عملاء وسياسيون خونة وانتهازيين.
لا يمكن الجزم بأن الحكومة كانت ناجحة، لكن اقول بالصوت العالي كانت افضل بكثير من الصورة التي رسمها اعلام القوى المضادة للثورة، كان الهدف هزيمة الانتقال المدني واختطافه بواسطة قراصنة عسكريين.
لا اقول قولي ذلك كدعوة للعودة الى ما قبل ٢٥ اكتوبر، هذا ما تجاوزه الزمن، تلك مرحلة مضت، وسيرة انطوت. والانقلاب ذاته تجربة صعبة ومفيدة حتى نرتقي جميعنا بالمسؤولية، وهزيمة مرض شح النفس، ما اصعبه من مرض!.
أحدث التعليقات