الأربعاء, أبريل 30, 2025
الرئيسيةمقالاتالشتات السوداني (Diaspora) – هل حان وقت التفكير بشكل مختلف (١)؟

الشتات السوداني (Diaspora) – هل حان وقت التفكير بشكل مختلف (١)؟

الشتات السوداني (Diaspora) – هل حان وقت التفكير بشكل مختلف (١)؟

مو ادم – مؤسس مركز ريادة أعمال المهجر

بسبب التضخم الاقتصادي الناتج من أزمة الكرونا وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي ثم الحرب الروسية على اوكرانيا حاليا، تمر أوربا بأوضاع إجتماعية وإقتصادية صعبة تتعلق في مستواها الاجتماعي بارتفاع تكلفة المعيشة ومحدودية تدخل الحكومات للمساعدة. هذا الارتفاع يؤثر بشكل كبير ومباشر على ذوي الدخل المحدود علي راسهم المهاجرين. ويشمل مصطلح ذوي الدخل المحدود كل الذين يعملون بالحد الادني للأجور أو الذين يعيشون على نفقات الدولة المتعلقة بالضمان الاجتماعي الي حين العثور على فرصة عمل جديدة. بدء معظم أفراد الكتلة الحالية من الدياسبورا السودانية الهجرة إلي اوربا بعد إستيلاء نظام الاخوان المسليمن على السلطة في السودان عام ٨٩ وشقت طريقها في أجواء غامضة من الشكوك والهواجس حول الأهداف والجدوي النهائية من هذه التجارب الجديدة. مباشرة بدأت هذه المجموعات المثقلة أصلا بالهموم وقبل ترسيخ اقدامها على الأرض في تنظيم صالونات اجتماعية وانشطة ثقافية وسياسية متنوعة لدعم عمليات انهاء الانقلاب الجارية في السودان (والذي إتضح مع مرور الوقت انها غاية معقدة) هذا مع اهتمام يكاد يكون شبه معدوم للتكيف مع الاوضاع الاجتماعية والثقافية الجديدة في الدول المضيفة.

استمرت عمليات هزيمة انقلاب الاخوان المسلمين فترة أطول مما توقع الجميع. مع عدم مقدرة هذه المجموعات على تلبية رغبتها الكبيرة في الاتفاق على كيان أو صيغة تجمع الكل تحت مظلة وآحدة. بالطبع هو هدف أيضا كبير وشاق ادي في نهاية المطاف إلى تشتيت وإنقسام هذه الجهود كلها مع انحسار الزخم والتأثير الذي صاحب عملية الإنشاء والإنطلاقة الأولي. هذا المكتوب يحاول البحث عن إجابات حول قضايا الاندماج والتحديات التي صاحبت ميلاد الدياسبورا السودانية والنشأة في اوربا، ما الذي كان يمكن أن يفعل بطريقة أفضل منذ اليوم الأول؟ What could have been done better وكيف يمكن إصلاح ذلك؟ وما هي العوامل التي اثرت بشكل كبير في رحلة البحث عن حياة أفضل؟ هل حوصرت أحلام الدياسبورا بسبب (المهاجرين السابقين) في نطاق ضيق أم أن التوقعات الفردية للحياة الجديدة من البداية كانت غير واقعية؟ علي المستوي الشخصي، هل الفرد (السوداني) المهاجر نفسه لا تنطبق عليه الشروط أو الصفات التعريفية للمهاجر قولا وفعلا؟ أم ان عدم توافق التطلعات مع الوسائل كان العنصر الحاسم؟ علي أية حال، للقيام بأي مبادرة تتعلق بالعمل العام في العصر الحالي, هنالك إشتراطات صارمة يجب توفرها لضمان نجاح واستدامة المشروع. هذه الإشتراطات يجب أن تتوفر على مستوي الكادر البشري, وجودة المبادرة من حيث قدرتها على سد ومعالجة الفجوات في المجتمع. وهذ يجب أن يتم في إطار من الشفافية التي تجاوب على أسئلة شخصية مثل القدرة والكفاءة الشخصية بالإضافة إلى المسار المهني والوظيفي ثم أدوات التأكد من النتائج الإيجابية المحتملة. الدياسبورا السودانية محتاجة بشدة إلى إختبار هذه المعايير إن لم تفعل في السابق.

المشروعات تختلف عن البرامج في أنها تدرس بعناية شديدة وتختبر فرضية تحقيق أهدافها والنتائج المرجوة وهي تعالج مشكلة إجتماعية لمجموعة من الأفراد. والمشروعات دائما تكون بعيدة المدي ويساهم في تنفيذها مجموعات مختلفة من أصحاب المصلحة. والأهم من ذلك أنها توفر أدوات تعليمية غاية في الأهمية. هذه الأدوات تزيد من تطوير الأداء ويستخلص منها النتائج في حين أن البرامج هي ذات طابع إجتماعي سطحي تحقق أهداف محدودة ويستفيد من ورائها أفراد معينين. مشاريع الدياسبورا السودانية في مجملها تكاد تكون خالية من الابتكار والإبداع ومعظمها يقع في إطار التضامن الاجتماعي. بالرجوع إلى بداية المكتوب, بالطبع قامت الدياسبورا السودانية مقارنة بالدياسبورا المشابهة الاخري بكثير من الفعاليات والانشطة الإيجابية في مساعدة المحتاجين والمتضررين بالسودان. وهذه أنشطة ضرورية ومهمة ومثار تقدير. ولكن تخصيص مجهود قليل للسودانين االمهاجرين أمر من المستحسن مراجعته. الأنشطة المتعلقة بالمشاركة الإجتماعية والإندماج متدنية للغاية وليس لديها الأولوية. لماذا؟ صحيح أن هنالك بعض التحديات متعلقة بعدم تكافؤ الفرص ولكن يجب الاستمرار في االإهتمام بإيجابية أكثر بقضايا الإندماج لان المعني بهذا المكتوب هو الجيل الاول من المهاجرين السودانين. وانطلاقا من التجربة الشخصية, اعتقد ان التشبيك والعلاقات الإجتماعية تعتبر أكبر الأدوات المملوكة التي يمكن الإستفادة منها. توظيف الموارد المتاحة التوظيف الصحيح هو أساس خارطة الطريق التي تبدأ بالمستوي الشخصي بتطوير المهارات الناعمة وتنتهي بمستوي الأعمال او المنظمات. عالم اليوم يتيح كثير من الأدوات التعليمية ذات التكاليف البسيطة يمكن الإستفادة منها. مثلا علي سبيل المثال نجد أن حوالي 4 مليون هولندي تابعوا دورات تدريبية أونلاين أثناء فترة الكرونا.

المهم بعد ٣ عقود، سقط انقلاب الاخوان المسلمين بالطبع (ليس بالطريقة المثالية) ولكن مع ذلك بتكلفة ذهنية ومادية باهظة دفعتها الدياسبورا، تكلفة لم يستطيع بعدها معظم أفراد هذه المجموعات التقدم الي الامام كما تمنت ولم تستطيع في نفس الوقت أيضا التقاط بقايا الاحلام المشفقة التي تبعثرت من أجل إنجاز الهدف الأهم كما كانت تعتقد.

نواصل…

مو ادم – مؤسس مركز ريادة أعمال المهجر

٢٠-١٢-٢٠٢٢ هولندا

المقالات ذات الصلة
- Advertisment -

الأكثر قراءة

أحدث التعليقات