الخميس, مارس 13, 2025
الرئيسيةاراء حرةمعتز تروتسكي يكتب: لجنة أساتذة الجامعات السودانية (لاجسو) - فاقد الشيء لا...

معتز تروتسكي يكتب: لجنة أساتذة الجامعات السودانية (لاجسو) – فاقد الشيء لا يعطيه

لجنة أساتذة الجامعات السودانية (لاجسو) – فاقد الشيء لا يعطيه

معتز محمد بشير “تروتسكي”

لا أحد يَخفى عليه أهمية التنظيم كوسيلة فعالة وقوية لجل الأجسام التي تعمل على تعلية فلسفة العمل العام النقابي والتجمعات، من أجل تلك القيمة متعلقة بالحقوق والوعي، حيث يمكن القول في هذا الإطار إن من أهم معايير فاعلية العمل العام هو القدرة على استيعاب ونقد الأطروحات السائدة والعقيمة في إداراته بل تقويمها؛ يقودنا هذا أيضاً إلى ذكر معيار آخر لقياس فاعلية لعمل العام وهو الكفاءة أي التخصص الذي ينطلق من الشخص أو المجموعة في إبراز عمل عام يعمل على فِعل حِراك تغيري يؤدي مردودة إلى إحداث تغيرات؛ أما تناقض تعاملنا مع طبيعة العمل العام من التجرد إلى الاستباحة والاستغلال يمثل حالة تناقض تعمل على تشويه فكرة العمل العام، وهو اضطراب نجده لا يقف عند حدوده لما للعمل العام من تأثير بل يمتد إلى العلاقة بين الأفراد داخل الدولة ومجتمعها.

في هذا الإطار خرجت علينا لجنة أساتذة الجامعات السودانية (لاجسو)، بالبيان المعنون بتاريخ 9/1/2023م والمعني باستئناف الإضراب بناءً على مجموع حِجج تُعتبر موضوعية من منطق الإضراب كحق مكفل لكل الأجسام المهنية والنقابية، كما هو دليل عافية ويُشير إلى فكرة التنظيم المهمة في حياة الأجسام بمختلف مستوياتها، ولكن عندما ننفذ إلى أضابير استخدام فكرة الإضراب نفسها التي يتم تدويرها من قِبل لجنة أساتذة الجامعات بشكل مخل يضعضع الفكرة نفسها، كما تبرز اتجاهات أخرى بماهية تكامل مسألة ارتباط المفاهيم بالوعي (الوعي الكامل)، الذي (يُفترض) أن يتلبس حملة الشهادات العلمية الرفيعة في وجوب اتساقهم العملي والنظري والأخلاقي، هو بأن الأمور لا تُأتي هكذا بتجزئتها وبتغليب المصالح الذاتية والبراغماتية، إذ أن من الملاحظ طِوال رفع التحدي من قبل هذه اللجنة من أجل مطالبها لم يتثنى لها الانتباه عما يجب أن الأمر يسير هكذا وبأن حقوق الآخرين يجب أن تكون أيضاً على طاولة مناقشتها.

تظهر هشاشة مطالب اللجنة المفرغة من الوعي من خلال تعامل ذات اللجنة بكامل أساتذتها في حقوق الطلاب كنموذج، فقد شهدت الأحداث أن الحركة الطلابية أكثر تقدماً ووعياً واتساقها مع ذاتها، من خلال مواقفها في الدعم الحقوقي للأساتذة بحقهم الإضرابي، لا بل تعدى ذلك بتجسيد الدعم في وقفات الطلاب الاحتجاجية وبياناتهم، بالإضافة للدفع بالمعالجة ما بين حق الإضراب المكفول للأساتذة، مع الاحتفاظ للحركة الطلابية بحقها في استمرارية الدراسة بعدم رهن الطلاب بإضرابات الأساتذة، من خلال استقدام أساتذة آخرين أو أي معالجات تُفضي لاستقرار العملية الأكاديمية بالجامعة كحق أيضاً للطلاب، كإحدى الحلول بغض النظر عن ماهيتها، ولكن هو ما يُشير لتقدم الحركة الطلابية سنوات ضوئية في الوعي على أساتذتهم؛ ولكن في المقابل لم يتثنى لهذه اللجنة بأساتذتها الأجلاء التحرك في قضايا الطلاب بشكل فعلي غير الوعود الطروادية، ليس كذلك بل جسد الأساتذة مفهوم البطش والتنكيل بالطلاب جراء الوقوف بحقوقهم من خلال اللوائح المجحفة، والوقف ضد إضراباتهم بعنف من أجل أبسط الحقوق المتمثلة في بيئة جامعية – استخراج النتائج في زمن ضيق جداً قبل الامتحانات – استمرار الدراسة قبل ظهور نتائج الفصل الدراسي، وهو الإشارة عدم وجود تقويم ملتزم ومهني، يُرعي فوارق توقيت قدوم الطلاب من الأقاليم – التعامل السيء والغير محترم من قِبل بعض الإدرايين – تعمد تغييب الطلاب عن المعرفة بحقوقهم بعد إطلاعهم عليها- القاعات والمعامل الغير كافية، مع افتقارها للوسائط التعليمية (مكبرات الصوت – بروجكترات…الخ)، كذلك عدم تهيئتها للدراسة – وفراغ الجامعة من الأنشطة اللاصفية من مهرجانات وفعاليات بعدم الإنحياز لها بالتبرير وبعددة حِجج مالية ووالخ كذلك الأسابيع الثقافية والأكاديمي المعدومة، ولكن يظهر عدم الرغبة كعامل أساسي من قِبل إدارات الجامعات والأساتذة – عمليات الإستثمار المتواصلة من الإدارة في بُنية الجامعة، والبعيدة عن مصالح الطلاب – أزمة السكن ومعضلة القيد التي يروح ضحيتها الطلاب مابين الإدارة والصندوق القومي لرعاية الطلاب – حالات التمايز بين الطلاب في التسجيل، بعمل تمييز واضح من حيث المبالغ المالية لمستوى دراسي دوناً عن الآخر [دبلومات – بكالاريوس / خاص – عام]، بعدم الأخذ في عين الإعتبار للظروف الاجتماعية والاقتصادية، التي يمر بيها الطلاب، وكأن هؤلاء الأساتذة في لجنتهم الموقرة قادمون من بلاد الواق الواق، لأن ما يحدث يُظهر جليلاً عدم عمل إي دراسة جدوى لأحوال الطلاب على كل المستويات.

كل أعلاه يوضح كيفية تلاعب الإدارات عبر لجنتها وتحويلها مصالح الطلاب لملهاة، تعمل فيها لتفريغ الحركة الطلابية واضاعفها بإغراقها في دوامة المشاكل ووضع العراقيل؛ وحقيقية كيف الحديث عن الجامعات كمؤسسات تعليمية محترمة ووضعها الرائد واستلام أدوراها الحقيقية، وهذه هي العقلية التي تُدار بها؟.

إن الإدارات لم تكف عن العبث بتفريغ فلسفة العمل العام والتنظيم المتمثل في الإضراب والحقوق المتعلق به، بتدويرها له وتفريغها من محتواه الحقيقي، وعليه كيف أيضاً وفق تلك العقلية أن يتثنى لها الوقوف والحرص على مستوى واحد في الحقوق لكل من بالمؤسسات التعليمية من: طلاب – عمال – حرس – موظفين … الخ. لهذا فأن مؤشر الفشل واضح من خلال التردي والإشكالات هنا وهناك.

لجنة لاجسو هذه لم يمن عليه إصلاح حول أساتذتهم بنقدهم لتلك الإدارات الجامعية، والتي كأنما مناط بها ممارسة التلذذ في تعذيب الطلاب، حتى أصبحت هذه الإدارات أكثر من سلطة إدارية للتجاوز إلى سلطة تعسفية، فما يحدث في الجامعات على امتداد السودان يُـشير بشكل سافر وواضح من إنتهاكات خطيرة تجاوزت كل الخطوط الحمراء وذلك بتعديها على الدساتير والأعراف؛ وكل هذه الممارسات لأ تقل في التوصيف من وضعها في خانة جرائم الإدارات وفشلها تجاه المسؤوليات المناط بها؛ في عسف وبشدة مع تغييب الطلاب لكي يظلون آسيرين السلطة الترهيبية بتلويح عصا القوانين أكثر من الإدارية والقيادية الحقيقية، حتى إننا ظللنا نشهد حالات الابتزاز والتحرش والعنصرية بكثافة وتمر مرور الكِرام دونما أي محاسبات أو حتى الوقوف عليها رغم علمها لعدد ونفر وليس بالقليل من الأساتذة، وحين تُخلق المعالجات فأنها تكون بالمورابة والالتفافات والتخويف للطلاب، عليه فكيف هي العقلية الشمولية والديكتاتورية، لشخصيات في أعلى تراتبية السلم المنوط بالوعي والتقدمية كمعملين وحملة شهادات عليا، ويطلقون على أنفسهم ديمقراطيين وتقدميين وأكاديميين! حقيقةً فاقد الشيئ لا يُعطيه.

في الجانب المقابل نجد بأن الطلاب يحثون ويدفعون باستقلال نقاباتهم ويسعون حثيثاً إلى الإنتخابات في تكويناتهم الطلابية، وينادون بتعديل قوانين ولوائح التعليم العالي بهدف ضمان استقلال كل مؤسسة تعليمية لصيانة الحرية الأكاديمية والفكرية والثقافية بهذه المؤسسات، واستبعاد المواد التي أعطت الإدارات تلك السلطات الفوقية التعسفية، والتي وألحقت الضرر بالتعليم العالي بالبلاد، بالإضافة لضرورة استمرار لدور كل الكتل بالجامعات وإشراكها في تسير مؤسساتهم؛ لهذا يتحدثون دائماً إلى تمثيل الطلاب في إدارة الجامعات والمعاهد العليا ودعم مطالب اشتراك الأساتذة والغير الأكاديمين من موظفين وعمال في المجالس، كما ويدعون إلى إشاعة الديمقراطية في إختيار مدير الجامعة وعمداء الكليات والمعاهد وذلك عبر انتخابات، في محاولة لتأسيس واقع تعليمي جيد وفق مفهوم ديمقراطية التعليم، كمخرج حقيقي لما يحدث من إشكالات في جامعات.

ثورة ديسمبر 2018م، والتي لوّحت بنور الخلاص من دكتاتورية العسكر ونظام الجبهة الإسلامية القومية، يبدو أنها عادت بشكل آخر متصل بالدكتاتورية المدنية التي تمارسها الإدارات الجامعية وبشكل شرس ضد الحركة الطلابية في عموم السودان؛ هذه اتجاهات لا تُبين إلا فشل هذه الإدارات وسقوطها الأخلاقي والمهني من خلال لجنتها المنوط بها تجزئة القضايا والتعامل معاها بانتقائية وذاتية، لذا ما فتئت ان تخرج علينا كل مرة ببيان يبين لاستخدام البراغماتية ستراً لعورة المصالح الذاتية.

المقالات ذات الصلة
- Advertisment -

الأكثر قراءة

أحدث التعليقات