الفاشر- جبراكة نيوز/ عواطف اسحاق
شهدت قاعات مركز دراسات السلام بجامعة الفاشر أمس الأربعاء ختام فعاليات ورشة “العدالة الانتقالية في دارفور” التي استمرت ثلاثة أيام والتي نظمتها منظمة الناس للناس بمشاركة من ائتلاف السلام والعدالة بمدينة الفاشر وبدعم من بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس).
وأوصت الورشة في في الفقرة الأولى من توصياتها ضرورة تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، كإحدى الخطوات الأساسية لتحقيق العدالة في دارفور.
وشهدت الورشة مشاركة واسعة لممثلين من المجتمع المدني والنازحين والنساء والمحامين والإدارات الأهلية ومراكز دراسات السلام، حيث من المقرر أن ترفع توصيات ومخرجات الورشة إلى مؤتمر مزمع انعقاده بالخرطوم حول ذات القضية.
وشهد اليوم الأول من أعمال الورشة تقديم ورقتين، الأولى حول قضايا العدالة الانتقالية بدارفور قدمها محمد الجزولي آدم، وورقة حول “الحق في الحقيقة وانتهاكات حقوق الإنسان من منظور العدالة الانتقالية” قدمها خليل تكراس.
وفي اليوم الثاني تم تشكيل مجموعات عمل للإجابة على بعض الأسئلة المرتبطة بالعدالة الانتقالية عبر مجموعات تم تقسيمها ولائياً لمراعاة خصوصية كل ولاية وقضاياها، بحسب ما أوصت مداولات الورشة.
أما في اليوم الثالث قدم خليل تكراس ورقة حول دور المرأة في العدالة الانتقالية في دارفور، بجانب ورقة حول دور منظمات المجتمع المدني في قضايا العدالة الانتقالية قدمها د. أديب عبدالرحمن يوسف، بالإضافة إلى نقاش عام حول مشاركة الضحايا في العدالة الانتقالية، شارك فيه مجموعة من حضور الورشة والمشاركين، حيث تناولت الحوارات مجموعة من القضايا الراهنة والتاريخية التي تختص بالعدالة الانتقالية في دارفور.
ايدام ابوبكر اسماعيل عمدة إدارة الرزيقات الأهلية محلية بحر العرب أشاد بالحوار الذي الذي تم خلال الورشة مؤكداً على أهميته، مضيفاً في حديث لـ “جبراكة نيوز” أن مسألة العدالة الانتقالية هي قضية حقيقية وأن المجتمع في أمس الحاجة لها سواءً بآلياتها القانونية أو عن طريق العرف الأهلي بحسب تعبيره.
وأضاف: “إننا نؤمن بأن العدل هو أساس وسلامة المجتمع في دارفور بالرغم من ارتكاب الكثير الفظائع لكن هذا لا يعني أن نترك عاداتنا وتقاليدنا.
وتابع: “لكي نعيد المجتمع إلى صوابه لابد من الحوار الشفاف وتحقيق العدالة” منوهاً إلى أن المحكمة الجنائية تحاكم من وصفهم بـ “الرؤوس فقط” مؤكداً أن هنالك مجرمين لم تشملهم القائمة
وشهدت الورشة مشاركة مميزة للنساء، حيث شارن العديد من السيدات ممثلات للمجتمع المدني وللمنظمات الناشطة في حقوق النساء.
الناشطة في مجال قضايا النساء عائشة محمد جمعة أكدت في حديثها لـ “جبراكة نيوز” على ضرورة أن يكون للنساء رؤية جديدة في مجال العدالة الانتقالية مشيرة إلى أن ولاية غرب دارفور قد عانت بشكل خاص منذ العام ٢٠٠٣، مُعدّدِة للأحداث العديدة الدامية التي شهدتها المنطقة، كسلسلة نزاعات كرندق 1 و2 وأحداث جبل مون، وغيرها.
وقالت: نحن كنساء نؤكد دعمنا ووقفتنا لتحقيق مسار العدالة، معتبرةً أن النساء أكثر تعرض للانتهاكات، لذلك –بحسب ما قالت- اذا كان هناك مسار خاص لتحقيق العدالة الانتقالية في دارفور فالنساء هن أكثر الفئات ترحيباً بهذا المسار.
وشددت جمعة على ضرورة استيعاب ودخول النساء ضمن الإدارة الأهلية، بالإضافة إلى كل آلية مجتمعية تعمل على الارتقاء بإنسان المنطقة، معتبرةً أن عدم توافر فرص التعليم للنساء في دارفور ساهم بشكل كبير في إضعاف دور المرأة في الإقليم.
المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان وقضايا النساء، وفاق محمد أحمد، أكدت أن ثمّة تحديات كثيرة تواجهها النساء خاصة فيما يتعلق بالقضايا القانونية، خصوصاً مع غياب المؤسسات التشريعية والبرلمانية طوال الأعوام الماضية.
وترى محمد أحمد أن إحدى أزمات النساء في ظل غياب الأجهزة التشريعية والبرلمانية تتمثل في الإدارة الأهلية، حيث تقول أنه في ظل هذا الغياب التشريعي تقوم الإدارة الأهلية بالبت قضائياً في العديد من القضايا التي تخص النساء، كجرائم العنف الأسري والعنف الجنسي عبر محاكم “عُرفية” غير مختصة، مما يؤثر في سير العدالة، مؤكدة أن العديد من حالات الظلم والتعسف تقع في هذه المحاكم بسبب عدم تأهيل وأفرادها وعدم إدراكهم للأسس القانونية والجنائية.
وطالبت وفاق بضرورة تدريب أفراد المحاكم العرفية الأهلية، وضرورة تأهيلهم قانونيا وتثقيفهم بالمواثيق والمعاهدات الدولية.
وترى وفاق أن مشكلة الإدارة الأهلية هي إحدى المشاكل التي تحتاج لحلٍ عاجل، ولا تقل أهمية عن ضرورة تعديل القوانين والتشريعات المعيبة.
التوصيات
في ختام الورشة قدم ائتلاف السلام والعدالة ومجموعة سلسلة حوارات العدالة الانتقالية في دارفور، مجموعة من التوصيات، تمثلت في:
- تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية .
- توثيق الإنتهاكات والتجاوزات المرتبطة بالنزاع والعنف ضد النوع بدارفور.
- معالجة قضايا الحواكير والتغيير الديمغرافي و الاستيطان والمستوطنين الجدد خلال النزاعات وتطوير الآليات الرسمية والتقليدية في معالجتها.
- وضع خطط إعلامية لتغطية ورفع الوعي بقضايا العدالة الانتقالية وضمان حرية التعبير في وسائل الإعلام .
- حشد جهود منظمات المجتمع المدني والمانحين لمعالجة الفجوة الإعلامية في مناطق النزاعات .
- مشاركة المشاركين في سلسلة حوارات موضوعات العدالة الانتقالية في دارفور في المحادثات والنقاشات وورش العمل المرتبطة بالعدالة الإنتقالية والعملية السياسية الجارية بالخرطوم.
- مشاركة ممثلين عن المواطنين المتأثرين بالنزاعات والحروب في صناعة الدستور والنقاشات المرتبطة بالسلام .
- تفعيل قانون الجنسية السودانية وتطويره ومراجعة التجاوزات المرتبطة بالنزاعات .
- تعديل قانون الأراضي ليوائم العدالة والمصلحة العامة ومواكبة تحديث وتطوير الانتفاع من الأراضي .
- تسجيل الأراضي السكنية والزراعية.
- تفعيل القوانين المجرمة لتجنيد الأطفال وسط الجيوش والتشكيلات العسكرية .
- التشديد على ضمان وصيانة حقوق الضحايا والمتضررين عند إعلان العفو السياسي أو التقليدي وتطبيق قاعدة ليس من حق الفرد العفو عن الجماعة .
- تكوين أندية لحقوق الإنسان والسلام ورفع الوعي الحقوقي والقانوني للمساعدة في بناء السلام المجتمعي.
- إصلاح مستويات الحكم والإدارة الأهلية لتحقيق أهداف الحكم الراشد .
- إنشاء مفوضيات تعالج قضايا النزوح واللجوء والنوع .
- مراجعة وتطوير المناهج المدرسية وتطوير التعليم لغرس مفاهيم التسامح والعدالة في النشأ .
- مراجعة خطط وتطوير الخدمات الصحية في المناطق المتأثرة بالحرب .
أحدث التعليقات