جبراكة نيوز- محمد الفاضل
محمد عثمان الشهير بـ “حمدتو”، أحد القيادات الشابة في حركة العدلة والمساواة، والتي يشغل زعيمها جبريل إبراهيم منصب وزير المالية والتخطيط الاقتصادي الحالي، والتي انضمت إلى الحكومة الانتقالية وفق اتفاق السلام الذي وقعت عليه في أكتوبر 2020، لكنها لاحقا دعمت إعتصام القصر الذي أدى إلى حل حكومة حمدوك وإنقلاب العسكريين على السلطة المدنية.
“جبراكة نيوز” إلتقت “حمدتو” الذي يشغل منصب الأمين السياسي للحركة بإلخرطوم في مكتبه بمقر الحركة بالخرطوم، في حوار ينشر على جزأين، تناول الجزء الأول أسباب التباعد والخلافات ما بين الحركات المسلحة ولقوى السياسية المدنية، وبالتحديد قوى الحرية والتغيير المعروفة بمجموعة المجلس المركزي.
تناول الجزء الثاني من الحوار المشهد السياسي الحالي الذي يضج بالعديد من القضايا والملفات الساخنة كالاتفاق الإطاري وملف السلام، ومستقبل العملية السياسية.
الجزء الثاني من الحوار
مؤخرا انعقدت ورشة خاصة بتقييم اتفاق جوبا لسلام السودان، ضمن فعاليات الاتفاق الإطاري، وقد قاطعتها عدد من الحركات المسلحة، وأصدرت بعض الجهات المعنية باتفاق سلام جوبا بيانات قالت فيها إن الغرض من الورشة هو تعديل أو إلغاء اتفاق جوبا لسلام السودان. لكن عدد من الشخصيات ذات الثقل التي شاركت في الورشة، على رأسها المبعوث الخاص للأمين للأمم المتحدة، فولكر بيرتس، قدمت تطمينات أن اتفاق جوبا لن يتم تدبيل أو إلغاؤه.. ألم يكن ذلك كافيا لتطمينكم؟
في البداية أود القول أن هذه الورشة فشلت بكل المعاني، فالاتفاق الإطاري الموقع يتحدث عن أطراف الورشة التي حددها بـ “الحكومة التنفيذية- قوى السلام- القوى الموقعة على الاتفاق الاطاري”، فبهذه الورشة تم خرق الاتفاق الإطاري نفسه الذي لم يجف حبره بعد.
فلم تكن هناك حكومة تنفيذية مشاركة بحكم أنه ليس هناك حكومة تنفيذية تم تشكيلها، إضافة إلى غياب جزء من أطراف السلام الأساسيين، زد علي ذلك, أن الاتفاق الإطاري نفسه تحدث عن “تقييم وتقويم اتفاق السلام” وما حدث لم يكن تقييم أو تقويم، وبسبب أن الورشة فشلت فلم يكن من الوساطة إلا أن تدعي أن الورشة ليس من أغراضها “تقويم” اتفاق السلام، فلجأ أطراف الورشة مضطرين إلى الحديث عن أن الورشة كانت للمشاورة لمعرفة أسباب عدم تطبيق وفعالية اتفاق السلام. وهذه الادعاءات أطلقوها مؤخراً بعد أن تيقنوا من فشل الورشة، ولا أعتقد أن هناك أمل في تنفيذ مخرجات هذه الورشة بسبب غياب أطراف السلام الأساسيين.
إقرأ أيضاً: عن أسباب التباعد والخلافات بين الحرية والتغيير وحركات الكفاح المُسلح.. حوار مع القيادي بحركة العدل والمساواة محمد عثمان “حمدتو”- (1)
وأضيف أنه بهذه الورشة قد تم خرق اتفاق السلام نفسه، لأن الاتفاق تضمن داخله آلية محددة لتقييمه بتحديد مكانها وأطرافها، لذلك عندما تم تقديم دعوة لرئيس جنوب السودان السيد سلفاكير ميارديت رفض المشاركة، أيضا تشاد رفضت المشاركة، فكيف يتم تقييم اتفاق من قبل أطراف هم لم يكونوا جزءاً منه!
مع احترامنا للأطراف التي شاركت في الورشة فالورشة كانت فقط مجرد مشاوارات، ليس لديها أدنى علاقة بالتقييم والتقويم.
على ذكر “تشاد” هناك حديث أن الزيارات الأخيرة المتتالية لرئيس مجلس السيادة ونائبه إلى تشاد تتضمن أيضاً تباحثاً حول دور مرتقب لـ “إنجمينا” للتوسط في مسألة اتفاق جوبا لسلام السودان.. هل هذا صحيح؟
سمعنا مثل ها الحديث لكن لم يبلغنا رسمياً، وتزامن هذا الحديث مع محاولات عديدة لدول الجوار لمعاجلة الأزمة السودانية، وقبلها تقدمت إثيوبيا أثناء زيارة آبي أحمد بمبادرة للتدخل. وأيضاً طرحت مصر مبادرة، وكذلك جوبا، وهذه الدول من الطبيعي أن تبادر بحكم الجوار الإقليمي وحرصها على استقرار السودان، ونحن نرحب بأي مبادرة لحل الأزمة من أي جهة أتت، سواءً منظمات مجتمع مدني أو وساطات، ما عدا المؤتمر الوطني بالطبع، لأننا نعلم أن لا حل للأزمة الحالية سوى الحوار.
“ورشة مصر تختلف عن ورشة قاعة الصداقة”
بالحديث عن مصر.. ما الذي تهدف له بالضبط الورشة المنعقدة هناك حالياً؟*
الورشة ما زالت منعقدة وتنتهي غداً الأربعاء، وحاليا تم تسمية 12 لجنة، وتم مناقشة الأوراق المهمة التي تهتم بالانتقال الديمقراطي، قضايا الشرق، التفكيك، معاش الناس، قضايا السلام، تقييم اتفاق السلام بشكل كامل، رؤيتنا للدستور الانتقالي والدستور القادم.. وغيرها.
هو حوار سوداني سوداني ينعقد في القاهرة، وكان أملنا أن يشارك فيها الجميع، ولم تكن ورشة باعتبارها نتاج لاتفاق تم مسبقا كالورشة التي تمت بالخرطوم التي انعقدت وفقاً لمخرجات اتفاق سابق.
على العكس، هناك اتهام أن ورشة القاهرة ضمت جهات هي متفقة أصلا وتضمها مظلة واحدة؟
أبداً، نحن نشارك تحت مظلة الكتلة الديمقراطية، هناك أيضاً مجموعة الحرية والتغيير القوى الوطنية (الشقيق محمد زين وحيدر الصافي) وهم ليسوا جزءاً من الكتلة الديمقراطية، هناك أيضاً مجموعة التجاني السيسي وهي مجموعة مختلفة أيضاً، وهناك أيضاً مجموعات أخرى.
“الاتفاق الإطاري أضعف من الوثيقة الدستورية التي نتج عنها التشاكس”
في حال حدث أن قام مكون من مكونات الكتلة الديمقراطية بالتوقيع منفردا على الاتفاق الإطاري.. ألا يمكن أن يؤدي ذلك للوصول إلى اتفاق نهائي دون استصحاب الكتلة الديمقراطية.. وما هو موقفكم في حال حدوث ذلك؟
ليس لدينا أي مانع إذا توصلت جهة إلى أنها يجب أن توقع على الاتفاق الإطاري، لكن نحن في حركة العدل والمساواة موقفنا مبدئي وثابت، وهو أنه لا يمكن أن يتم ردفنا في اتفاق إطاري.. لا يمكن على الإطلاق، فالاتفاق الإطاري الموجود حاليا هو اتفاق معيب في نقاط كثيرة جدا، كما أنه اتفاق أضعف من الوثيقة الدستورية التي نتاجها حدث التشاكس ما أدى إجراءات 25 أكتوبر.
من ناحية أخرى يستحيل تنفيذ الاتفاق الإطاري نفسه من دون القوى الموقعة على اتفاق السلام، يعود ذلك لأن الاتفاق الإطاري نفسه يحوي أربع نقاط مرتبطة بشكل مباشر بالقوى الموقعة على اتفاق السلام، فلا يمكن مثلا دمج القوات في الجيش دون مشوارتنا.. لا يمكن مثلا أن تقول لنا “نحن والله عندنا قرار بتاع دمج قوات ودي وثيقتنا تعالوا أدمجوا قواتكم” هناك أي نقطة متعلقة بالقوة المشتركة، والمتعلقة بالمجلس الأعلى للأمن والدفاع.
فمن دون القوى الموقعة على اتفاق السلام لا يمكن تطبيق هذا الاتفاق.. وهو حاليا تقريبا قد “إنتهى” وأعتقد أن الوفد الدولي الذي يزور البلاد سيعمل على توسيع قاعدة الاتفاق، وقبل أيام كان هناك تصريح لمحمد الفكي سليمان يتحدث فيه عن ضرورة توسيع الاتفاق، قال ذلك لأنه يعلم تماما أن الاتفاق الإطاري قد انتهى.
بشكل عام فالاتفاق الإطاري نفسه معيوب وبه العديد من النقاط الإشكالية، مثلا هناك نقطة متعلقة بقوات الدعم السريع، هل هي قوى تابعة للجيش أم قوات قائمة بذاتها ومستقلة؟ فالاتفاق يتحدث عنها أحيانا كوحدة تتبع للجيش ثم في منطقة أخرى يتحدث عن دمجها داخل الجيش، فكيف يمكن أن تكون وحدة تابعة له ثم يتم دمجها داخله فهذه مشكلة.
هناك أيضاً حديث عن تبعية قوات الدعم السريع للمجلس السيادي، في حين تبعية وزارة الدفاع للحكومة التنفيذية! وتلك إحدى المشكلات المتعلقة بالاتفاق والفترة الانتقالية والتي تتسبب في تعطيلها، فليست هناك قوى واحدة، ولا أظن أن الحرية والتغيير تسعى لحل هذه المشكلات، بدليل أنهم أثناء الاتفاق قاموا بترحيل جميع القضايا المهمة إلى ما بعد الاتفاق عبر الورش التي ينظمونها مؤخراً، واكتفوا فقط بالتوقيع لى تشكيل سلطة.. حكومة، لكن جذور المشكلة لم يقوموا بحلها.
مثلا، هناك ورشة قادمة عن العدالة الانتقالية.. “وإنت عامل اتفاق سري بتدي حصانة للمجلس العسكري وإنو ما حيتم تكوين لجان، ما ممكن تمشي تقول للناس أفتحوا بلاغات الحق الخاص مابسقط” هذا لا يمكن، لأنه في حال فتح بلاغ سيقولون لك لا يمكن فتح البلاغ في حق شخص تحت حصانة دستورية، سيقولون لك لا يمكن فتح البلاغ إلا عبر لجنة، واللجنة معطلة.
تلك بعض عيوب الاتفاق الإطاري، فمن الأفضل لهم التراجع عن هذا الاتفاق، وهم نفسهم فهموا ذلك، فالأفضل لهم العودة والجلوس لمراجعة هذا الاتفاق وتقويته، لضمان سلاسة الفترة الانتقالية وضمان عدم انقلاب أي جهة عليها.
“في العدل المساواة نمد أيدينا للجميع، وعلى استعداد للتحاور والتواصل مع أي تنظيم سياسي”
أحدث التعليقات