الجمعة, مارس 14, 2025
الرئيسيةاخبار السودانكيف تبدو أوضاع المدنيين في اليوم الثاني من قتال الجيش والدعم السريع؟

كيف تبدو أوضاع المدنيين في اليوم الثاني من قتال الجيش والدعم السريع؟

جٌبراكة نيوز- فريق التحرير

بينما كان السودانيون منخرطون في الإعداد للاحتفال بعيد الفطر المبارك، والذي سيحل خلال أيام، تفاجأوا باندلاع اشتباك مسلح بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع صبيحة أمس السبت، وسرعان ما تحول ذلك الاشتباك إلى قتال مسلح دامٍ، لم يدخر فيه طرف أي نوع من عتاده العسكري الفتاك، بدءاً بالأسلحة الخفيفة، حتى المدافع الثقيلة والطائرات.

بُعيد أقل من ساعة من اندلاع القتال شُلت الحركة تماماً في العاصمة الخرطوم، فعَلِق الآلاف في مناطق تواجدهم وفي الطرق العامة، بينما احتمت الأسر بمنازلها التي تناوشتها أيضاً قذائف المتقاتلين، متسببة في سقوط العديد من القتلى داخل منازلهم، هذا بالإضافة إلى سقوط قتلى مدنيين من العالقين في الطرق وبالقرب من مناطق الاشتباك التي لم تخلُ منها مدينة من مدن العاصمة المثلثة.

وبلغت حصيلة القتلى الأولية بين المدنيين المرصودة من قبل لجنة أطباء السودان المركزية لليوم الأول من الصراع المسلح (15/ أبريل)- بلغت (56) حالة لأفراد مدنيين أو عسكريين غير منخرطين في الصراع الدائر، سقطوا جراء الرصاص الطائش أو قذائف المدفعيات الثقيلة، أو دهساً عبر الآليات الثقيلة للقوات المتقاتلة.

وبلغ مجمل الإصابات بين المواطنين في اليوم (595) حالة، بحسب رصد للجنة من داخل المستشفيات، مشيرة إلى أن من بين المصابين عسكريين.

وفي الجانب الآخر لم تعلن الأطراف المتصارعة عن حصيلة القتلى في أطرافها، لكن الطرفين أشاروا إلى سقوط العديد من القتلى في صفوفهم، مع تمسك الطرفين  بتواصل النزاع وصولاً إلى استسلام أحد الطرفين، في نزاع يبدو أنه لن يحسم إلا بقضاء أو استسلام طرفٍ للآخر.

وأشارت لجنة الأطباء المركزية أن إحصاءاتها ليست شاملة، لأن العديد من الوفيات والإصابات تقع خارج نطاق حصرها، بينما أشارت إلى اعتراض القوات النظامية للعديد من سيارات الإسعاف التي كانت في طريقها للوصول للمستشفيات.

وفي حادثة أثارت تفاعلاً وتعاطفاً واسعاً، علِق أكثر من 450 طالباً وأستاذا بمدراس كمبوني وسط الخرطوم لأكثر من (24) ساعة، حيث تقع المدارس على مسافة مقربة من القصر الجمهوري، أحد بؤر الاشتباك الساخنة.

وخلال اللحظات الماضية، توالت أخبار عن إجلاء الطلاب بعد جهود حثيثة من منظمات وناشطين، لكن لم يتسنى لـ “جبراكة نيوز”  التوثُّق من تمام عملية الإجلاء.

كما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي مناشدات عديدة من قبل العالقين أو الذين يمرون بظروف حرجة، حيث مثل عدم انقطاع الانترنت –كما كان متوقعا في مثل هذه الحالات- فرصة لتكاتف السودانيين مع بعضهم، فتبادل السودانيون أخبارهم، مع تبرعات من قبل بعض الأسر والناشطين لاستقبال العالقين داخل منازلهم.

غير آمنون.. حتى في منازلهم

على الرغم من الجهات الرسمية لم تفرض حظر تجوالٍ رسمي نتيجة للأوضاع، إلا أن المواطنين لزموا منازلهم كرد فعلٍ تلقائي، بينما خلت الشوارع من المارة، وأوصدت المحال التجارية أبوابها، وبدأ المواطنون في اتخاذ تدابير احتياطية لمجابهة أيام يبدو أنها تحمل لهم الأسوأ.

وترافقت هذه الأوضاع الأمنية الخطيرة مع توقف عدد من الخدمات الحيوية التي يبدو أنها تأثرت بشظايا المقذوفات، فتعطلت خدمة الكهرباء –غير المستقرة أصلاً في الخرطوم-في عدد من المناطق والأحياء، بينما شهدت بعض مناطق الخرطوم انقطاعا كاملاً للإمداد المائي.

وجود المناطق العسكرية وسط العاصمة الخرطوم، ظلّت إحدى الانتقادات الحادة التي طالما وجهت للأنظمة الحاكمة، فبشكل غير مبرر، تتواجد معظم المناطق العسكرية الحساسة، بما فيها قيادة الجيش العامة، على بعد مئات من الأحياء والبيوت السكنية، فضلاً عن وجود مناطق عسكرية أخرى داخل أحياء سكنية، بشكل مجاور للمنازل السكنية.

ولما كانت المناطق العسكرية في الخرطوم هي نقاط النزاع الدائر الآن، سقطت العديد من المقذوفات المدفعية على منازل مواطنين في الخرطوم، متسببة في حالات وفيات، إضافة إلى أضرار جسيمة خلفتها المقذوفات في الممتلكات وفي أبنية المنازل.

أوامر رسمية بالإخلاء

في وقت مبكر من صباح اليوم الأحد، تفاجأ عدد من المواطنين بمنطقة أم درمان في الأحياء القريبة مباني الإذاعة والتلفزيون –التي قالت قوات الدعم السريع أنها سيطرت عليها- بمطالبات من قبل قوات الجيش بإخلاء منازلهم، بحسب مصادر تحدثت لـ “جُبراكة نيوز” تمهيداً لما يبدو أنها عملية عسكرية واسعة كان ينوي الجيش شنها على مقر الإذاعة والتلفزيون، والتي تحتل حيزاً كبيراً في ذاكرة الصراع السياسي/العسكري في السودان.

كيف تبدو الأوضاع الآن؟

قضى معظم السودانيون ليلة البارحة تحت أصوات القصف الناري لأسلحة ربما يشهد لأول مرة إنسان العاصمة الخرطوم سماعها، بدءاً من المقذوفات المدفعية المتوسطة “دانات”  وصولاً إلى أصوات المقذوفات الصاروخية المُطلقة من طائرات حربية مقاتلة، فضلاً إلى أصوات أزيز وطيران الطائرات المقاتلة التي خلّفت رعبا وسط المواطنين.

ومع بزوغ فجر اليوم، عادت أصوات القصف والذخيرة الخفيفة وطلقات “الدوشكا” للأسماع مرة أخرى، والتي سجلت شهادات بسماعها في عدة مناطق في الخرطوم في مدنها الثلاث، كما لم تتوقف اهتزازات المنازل ووصول بعض الرصاص الطائش إلى داخل غرف.

وحتى لحظات كتابة هذا التقرير ما زالت أصوات الأعيرة النارية يتم سماعها في مناطق متفرقة من العاصمة، مع تلويحات رسمية من قبل الجيش بقرب انتهاء المعركة، وتضارب في التصريحات بين الطرفين حول سيطرتهم على عدد من المناطق العسكرية وإدعاء كل طرف تفوقه في المعركة.

وفي الولايات السودانية الأخرى، لا تبدو الأوضاع أفضل حالاً من الخرطوم، إذ أيضاً شهدت ولايات عديدة، بالذات ولايات دارفور وبعض ولايات كردفان، محاولات سيطرة من قبل قوات الدعم السريع على مقار عسكرية ومطارات جوية، ففي ولاية شمال دارفور، اندلت اشتباكات مسلحة بين الجيش للسيطرة على مقار حكومية، أعقبها هجمة شرسة من قبل الجيش لاستعادة المناطق.

وجرّاء القصف المتبادل بين القوتين العسكرتين، لقي عدد من المواطنين حتفهم -ثلاثة على الأقل بحسب رصد جُبراكة نيوز- جراء سقوط مقذوفات مدفعية على منازلهم.

وفي الفاشر عاصمة الولاية، في حي التيجانية اضطر المواطنون للخروج من منازلهم في محاولة لتأمين أنفسهم من هجمة متوقعة للجيش على معسكر للدعم السريع يقع بالقرب من الحي السكني.

وشهدت مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور مقتل أكثر من (20) مدنياً، وإصابة عدد فوق المئة، وأفاد مصدر استخباراتي من قوات الدعم السريع بنيالا إنهم سيطروا صبيحة اليوم على مطار نيالا الدولي، مضيفاً أنهم توجهوا نحو قيادة الفرقة 16 لإحكام قبضتهم عليها بعد أن حاصروها ليلة أمس.

وقال شهود عيان لـ “جُبراكة نيوز” إن مجموعات مسلحة تمتطي دراجات نارية هاجموا مخازن تابعة لبرنامج الغذاء العالمي شمال مدينة نيالا، وقاموا بكسر أقفالها واتاحتها للسرقة.

برنامج الغذاء العالمي يوقف أعماله مؤقتا على خلفية الاضطرابات

أمس السبت لقي 3 من موظفي برنامج الغذاء العالمي  حتفهم في حادثة وصفها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة فولكر بيرتس، بانها “مأسوية” ووقعت الحادثة أثناء أحداث القتال بين الجيش والدعم السريع في  منطقة كبكابية شمال دارفور.

وإثر الحادثة قالت إدارة برنامج الغذاء العالمي عبر بيان تحصلت “جبراكة نيوز” عليه إنها تقوم بمراجعة تطور الوضع الأمني​​، مع وقف جميع أعمالها في السودان مؤقتًا، مع التأكيد على أن برنامج الأغذية العالمي ملتزم بمساعدة الشعب السوداني الذي يواجه انعدام الأمن الغذائي الشديد، وفق البيان، وأضاف البيان: “لا يمكننا القيام بعملنا المنقذ للحياة إذا لم يتم ضمان سلامة وأمن فرقنا وشركائنا”.

ويعاني الصحفيون من الوصول إلى المعلومات موثوقة حول الخسائر العسكرية في صفوف القوتين المتقاتلتين، هذا بالإضافة إلى صعوبة الحركة مع العديد من المعلومات غير الموثوقة التي تبثها جاهات إعلامية لصالح الأطراف المتقاتلة، خصوصاً إزاء الموقف الميداني ومآلات المعركة التي دخلت يومها الثاني.

المقالات ذات الصلة
- Advertisment -

الأكثر قراءة

أحدث التعليقات