ثمة مقولة متداولة عند بعض الماركسين تفيد بان غياب حزب اشتراكي سوف يولد بالضرورة انظمة فاشية و عنصرية
لو استلفنا هذه المقولة واسقطناها علي سياقنا المحلي بامكاننا ان نؤكد بكل شجاعة ان عدم وجود تنظيم جماهيري يعبر عن المصالح الكلية للمواطنين قد قاد الي حالة السيولة المعاشة الآن والمعبرة عن نفسها في الحروب والابادات و الاصطفافات القبلية والجهوية والعشائرية في الموقف من القضايا الوطنية الكبري
من المؤكد ان العنصر الثقافي هو الطاغي الآن ، وهو المحدد ربما الأخير للصراع في السودان علي الاقل في اللحظة التاريخية الراهنة.
لكن ذلك لا يعني حتمية التاسيس النظري للحل من منظور ثقافي وبشكل خاص في تعبيراته المشوهة
ثمة تواطء ضمني و شعور طاغي في اللاوعي انه طالما ان الاشكال ثقافي ، فيجب علينا ان نعالج هذا الحل علي أساس ثقافي عبر الاصطفاف أو تاسيس منظمات ثورية ذات بنية اجتماعية مشوهة لتكون نقيض للبنية الاجتماعية للمركز
هذه هي المعضلة!
يبدو الأمر اشبه بمحاولة الانتصار علي الوحش عبر تمثله ، أو مواجهة الشيطان بادواته
بالتالي في هذه الحالة حتي لو تم تحطيم السودان القديم، فلن تقود البنية الاجتماعية الحالية لقوي الهامش الي بناء سودان جديد
هذه البنية نهايتها الحتمية استبدال المركز بمركز آخر .
في هذا السياق يجب الاعتراف ان بنية حركة مقاومة في دارفور مثلا لا تتميز باي حال عن البنية الاجتماعية لتشكيل كالدعم السريع الذي يحظي بكل النعوت السيئة والقبيحة
ما العمل ؟
الطريق الي السودان الجديد ليس مفروشا بالبرود ، وهو يتطلب اعمالا للعقل و الانفكاك من عقل القطيع
و كخطوة اولي يتوجب التاكيد علي ان قوي السودان الجديد بتركيبتها الاجتماعية الحالية المشوهة بطبيعة الحال لن تنتج علي الاطلاق سودانا جديد.
الأمر هنا لا يتعلق برغبتنا فيما نريد. يتعلق الأمر بالمعطيات الماثلة الآن
وهذه المعطيات تؤكد استحالة المضي في اتجاه السودان الجديد
بالتالي من مصلحتنا جميعا ، وانطلاقا من رغبتنا العميقة في إحداث الانتقال التاريخي البدء منذ الآن في ازالة هذه التركيبة المشوهة و استبدالها بتركيبة معبرة عن تنوعنا التاريخي والمعاصر
من المهم أيضا تاسيس اصطفافاتنا لا أساس القبيلة والجهة وانما علي اساس المصالح الكلية لنا كمواطنين
علي اي أساس مثلا ينبغي علينا الاتحاد عند المعارك السياسية الكبري، و من اي منطلق يجب الانخراط في المعركة الوطنية ؟
هذه تساؤلات مهمة يجب اصطحابها معنا دوما
لتتبني مثلا اي موقف من قضية ما ، يتوجب النظر اولا للمكاسب التي يمكن تحقيقها
بنفس المعيار الانخراط في المنظمة الثورية لا يتوجب ان يكون بناءا علي وجود علاقة قرابة بالزعيم أو ان التركيبة الاجتماعية للمنظمة تعبر عن انتماءك الاولي
عليك ان تتسائل ، ما هي المصلحة التي يحققها لي الحزب ، هل يعبر الحزب عن مصالحي المادية المباشرة ؟
الانتقال من السودان القديم للسودان الجديد يتطلب الانتقال من وعي القبيلة والحاكورة للوعي المواطناتي. ومن الاصطفاف علي أساس القبيلة للاصطفاف علي أساس المصالح الكلية لنا كمواطنين . كما يجب القطع مع كل المخلفات الفكرية البائسة للتعبيرات المشوهة للمناظير الثقافية .
أحدث التعليقات