الخميس, مارس 13, 2025
الرئيسيةمقالاتعيدٌ بِايّةِ حالٍ عُدْتَ ياعيد ُ/ الصادق بشير

عيدٌ بِايّةِ حالٍ عُدْتَ ياعيد ُ/ الصادق بشير

الصادق بشير
عيدٌ بِايّةِ حالٍ عُدْتَ ياعيد ُ
قالها الرصافي هكذا ..كان لي وطنٌ أبكي لِنَكبَتِه واليومَ لا وَطَنٌ لي ولا سَكَنُ ولا أرى في بِلادٍ كُنتُ أسكُنُها إلّا حُثالَةَ ناسٍ قاءَها الزَمَنُ ..
حينما بلغ الغيظ منتهاه والغصة حردت اللهاة فالصمت ابلغ مرثية حاكت حالتنا.. ففيه اختلت فطرة الطبيعة التي اشتهيناها وفي شهوتها يومها انتظمت دواخلنا للحياة فوجَدتُ صمتي مَتجَراً فَلَزِمتُهُ الي حين تنجلي الغمرات وتفيق النفس من هذا الفقدان الذي ازكم الانوف بالدماء يارفاق فان لم أجد رِبحاً تعينني لوطني وتُعِز هامتي فلن اصمت وتلك ماضعفت به ايماني فانا لَستُ بِخاسِرٍ.. نعم وَما الصَمتُ إِلّا في الرِجالِ مُتَاجِرٌ وَتاجِرُهُ يَعلو عَلى كُلِّ تاجِرِ..كدنا لولا هؤلاء ان نغني لزخات المطر يارفاق وقتما يعز الخريف ومسامعنا تطرب لشقشقة العصافير وهديل الحمام على ابراج الحمائم حيث خضرة التلال والجروف..كدنا لولا هؤلاء لتعطرنا بروائح زهرات الاوركيد في بلاد ادمناها عشقا لنشتم رائحة الوطن اينما حلت بنا الظروف وساقتنا المقادير واينما كشرت لنا الاهوال انيابها وسافرت بنا القوارب ورست بنا السفن الدامية خلف البحار طالما للرائحة مكان لاتعترف بالزمان تماما حينما يفسر الحب بالحب كما وفي حالة سيدنا يعقوب يوم ان جمّل نداوة اللقاء وتعرّف على ابنه يوسف من رائحة الحب والحنين لوصف المكان الذي عتق ديارهم بالالفة والزمان ..كذا الحال ايها الصقر الجريح ..أيتها العازة المعيونة في بلاد الفناه على كل حال وقد يؤلف الشي الذي ليس بالحسن ..وتستعذب الارض التي لا هواء بها ولا ماؤها عذب ولكنها وطن يارفاق ..
واحسرتاه ..قد باغتتنا ذات الحياة من ثقب نافذة اطارها فولاذ من حديد حواها زور الكلام وبهتان الحجة على شاكلة الاطاري ومسودات الاطاري والاتفاق الاطاري والابليس الاطاري وها هي حروبات الاطاري التي تدحض الحق بالباطل لفئة استمرأت زخرف القول لهجرة تصيبها في دنياوات الترف والمال ولفرية اُلبست فيها الباطل بالحق فأودعته سجن مرعب لارفيق فيه ولا انيس شريف والاخر الغريم يتربص لسوانح الظروف لِينقض لذات الفكرة وفي جرابه خبث ابليس ورصيده الرصاص وكتل البارود ..كلاهما فئتان باغيتان في قيادتهما وسجيتهما ..احدهما مؤدلج والاخر غازي مغرور متعطش للدماء توطَّد ركائزهما لغاسق الليل وقد ادلهم الخطوب وقد وقب القمر وقد أفل النجم وقد شاهت الوجوة ..فالموت اضحى يمشي حافيا بيننا والزعر بلا قدمين والعتمة والخوف سادت المشاهد لدى الحرائر والاطفال.. غياب سحيق ..غياب للضمير ..غياب لانسانية الانسان ..غياب للحب ..غياب للحنين ..غياب للجمال ..وقد أيقنّا لهن الحضور توهما أن النفس صافية وأن البساط محمود وان النفاثات لم تُعقد ابدا في ديارنا للعقد والخطى وأن في مساحات القلب وعلى رحب الصدور جداول من بساتين المجد والنضال وشموخ الاوطان ..تلك كانت امانينا وماتبقى من آمال عراض لجيلي أنا وجيل الغد المشرئب بالسؤدد واشراقات الشمس ولم ينتابنا ظنون السراب ..وقد صحونا والبلد خراب ..فبات حالنا كحال العيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمولا ..عيانا بياناً فيها الأشياء تتضاءل نحو العمق السحيق والوطن يسرق من بيننا والارواح تزهق في مرابعنا والجرحى تئن في مشافي مهترئة والذمم بُيعت في متاجر الارتزاق والعمالة والاعراض هتكت في عقر الديار ..والمعذبون في الارض ضاقت بهم الارض وعلّت درجات الذهول سقف الاحتمال ..
دعوني اقول .. ان
صرخات شعبي لن تضيع ولن تموت مع الصدى
ستظل لسعاً كالسياط على ظهور من اعتدى
ستظل في أجفانهم أبداً لهيباً مرعدا
وغدا ستنجلي الغمرات ياوطن..
الصادق بشير
بيرمنجهام
المقالات ذات الصلة
- Advertisment -

الأكثر قراءة

أحدث التعليقات