الأربعاء, مارس 12, 2025
الرئيسيةتقارير"زادت مآسيهن".. كُلفة العيش في دارٍ للنازحين للفارات من جحيم الحرب

“زادت مآسيهن”.. كُلفة العيش في دارٍ للنازحين للفارات من جحيم الحرب

جُبراكة نيوز- آلاء محمد 

ولاية الجزيرة- الحصاحيصا 

في جولة داخل مركز إيواء النازحين بمدينة الحصاحيصا بولاية الجزيرة، قامت بها “جُبراكة نيوز” التقينا العديد من النساء، في محاولة لعكس الأوضاع التي تعانيها النساء، بشكل خاص في دور ومراكز إيواء النازحين

  

بينما يُعايش العالم هذه الأيام حملة “16 يوم من أجل مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعيالتي تنظمها وتدعمها الأمم المتحدة، والتي تركز الجهود للارتقاء بوضع المرأة ومناهضة العنف الواقع عليها، يعشن نساء السودان واقعاً مزرٍ، نتيجة لما خلفته الحرب من أوضاع انعكست عليهن، فأضافت لمأساتهن المتمثلة في واقعٍ يعاني من مشكلات التخلف الاجتماعيأضافت له مأساة جديدة، تمثلت في النزوح والتشرد، والافتقاد لأبسط مقومات الحياة، وفقدان الأمن والخصوصية. 

وكحال الملايين من السودانيين الذين نزحوا وتشردوا جرّاء الحرب التي اندلعت في الخرطوم في الخامس عشر من أبريل الماضي، نزحن مئات النساء من الخرطوم إلى ولاية الجزيرة، سواءً بصحبة أسرهن أو لوحدهن، والكثير منهن نزحن بصحبة أطفال لهن، حيث مثلت الولاية المتاخمة لولاية الخرطوم ملجأً لملايين المواطنين الذين فروا من ويلات حرب الخرطوم، فاستقبلت الولاية ما يزيد عن 3 ملايين نازح ونازحة، عبر تخصيص أكثر من 400 مركز إيواء في مختلف مدن الولاية. 

معظم المراكز التي خُصصت للنازحين، تم تخصيصها عبر جهدٍ شعبي، في ظل غياب الدور الحكومي مع تعطل دولاب الدولة بسبب الحرب الدائرة، فنشط أثناء هذه الأزمة شباب وشابات لجان المقاومة ومتطوعين في محاولة تحويل عدد من المرافق العامة، كالمدارس والداخليات ومباني المؤسسات الحكومية، إلى مراكز لإيواء للنازحين، كما عملوا على محاولة سد احتياجات النازحين عبر الجهد الشعبي أو بالتنسيق مع المنظمات الإنسانية، ورغم ذلك فإن حال المراكز لم يرقَ إلى أن يمثل بديلاً ملائماً لفقدان المسكن، إذ يزدحم النازحون في غرف ضيقة، وفي بيئة تفتقد لأساسيات الحياة، مع غياب الكثير من الخدمات الصحية. 

مركز داخلية كلية التربية بمدينة الحصاحيصا بولاية الجزيرة (121 جنوب الخرطومهو أحد المراكز التي خصصها المواطنون والشباب بالمدينة لاستقبال النازحين، وتم افتتاحه منذ الأسابيع الأولى لاندلاع الحرب في أبريل الماضي، وكان المركز عبارة عن داخلية مخصصة لطالبات كلية التربية. 

الناظر للمركز سيدرك سريعاً مدى المأساة التي يعيشها النازحون هناك البالغ عددهم 841 نازحٍ ونازحة، 80% منهم من النساء والأطفال، بحسب إفادة مشرفين على المركز تحدثوا لـ “جبراكة نيوز“. 

فمن نظرة أولى ستصطدم أعينك بغرف ضيقة، تكتظ بساكنيها، تفتقد إلى أبسط مقومات الحياة، كالإنارة أو المراوح، وأحياناً تنظر غرفاً دون  شبابيك، وبيئة تحوي الكثير من النفايات متراكمة على الأطراف من ساحة المركز. 

في تلك البيئة، استمعنا للعديد من الشكاوى، التي تركزت على عكس معاناة النساء في ظل هذه الظروف، والتي كانت عبارة عن شكاوى صحية، بالنسبة للعديد من النساء الحوامل والمرضعات، وشكاوى أخرى من انعدام الخصوصية وعدم ملاءمة المكان للحوجات النسائية

من داخل مركز إيواء داخلية كلية التربية- الحصاحيصا

وجدنا أن معظم النساء اللائي استطلعناهن، قد شغلن أنفسهن بالبحث عن فرصة عمل، فالغالبية من النساء هنا قدمن من دون أزواجهن، فالبعض قد توفي زوجها أو ورب الأسرة في وقت سابق، ومنهن من فقدت زوجها في الحرب، ونجت بأطفالها، فأصبحوا بلا عائل. 

ولطبيعة الفئات الاجتماعية التي تقصد مراكز الإيواء، فالغالبية هنا من الشرائح الضعيفة وذات الدخل المتدني، أو الذين لا يملكون خيارات أخرى في ظل عدم وجود أقارب ومعارف بالولاية، مما عقد أوضاعهم مقارنة بفئات أخرى من النازحين والفارين من جحيم الحرب في الخرطوم. 

إحدى السيدات اللائي قابلناهن، بدأت حديثها بالشكوى حول عدم كفاية المواد الغذائية الإغاثية التي تقدمها المنظمات، فالعديد من الأسر لا تنال حصة كافية من الطعام، مما يضطرها للبحث سبل أخرى لسد الحوجة. 

ونشطت منظمات عديدة في تقديم مساعدات للاجئين بمراكز الإيواء، كان من ضمنها مساعدات مخصصة للنساء، كالفوط الصحية، إلا أن متحدثة من مركز الإيواء أخبرتنا أنه بعد أن كانت بعض المنظمات تقدم الفوط الصحية بشكلٍ مجاني، إلا أنها ولقرابة الشهران لم تتلق أي مساعدة بخصوص الفوط الصحية، وهي ذات الشكوى التي ترددت على لسان نساء أُخريات في المركز. 

ويضم المركز عدداً من النساء الحوامل والمرضعات يواجهن الويلات من عدم توفر رعاية صحية ومتابعة طبية، وعدم استقرار وضعهن النفسي حيث إنهن لا يحصلن على غذاء صحي متكامل ولا رعاية صحية مما قد يتسبب في تدهور أوضاعهن وأوضاع أطفالهن. 

الأوضاع النفسية لا تبدو مطمئنة، فمن خلال الجولة استمعنا لشكاوى تبدو ذات جذور نفسية، فالكثير من الشهادات تحدثت عن رؤى لمشاهد وأحداث خارقة للطبيعة، وهو ما يقول بخصوصه الطبيب النفسي عمر محمد فرح، في حديث لـ “جبراكة نيوزإن مثل هذه المشاهدات في الغالب يكون منشأها نفسياً أو عقلياً، ويضيف إنه من المفهوم حدوث مثل هذه المشاهدات في ظل الضغط النفسي والعصبي للناجين من الحرب، إضافة إلى الظروف الاقتصادية والنفسية الخانقة التي يتركها العيش في مثل هذه البيئة. 

التسلط الذكوريكان حاضراً بحسب الفتاة العشرينيةسلوىوالتي اشتكت في حديثها لـ “جُبراكة نيوزأنها ورفيقاتها، خاصة من هم دون سن الثامنة عشر، يعانين من تسلط المسؤولين في المركز، عبر محاولة مراقبة تحركاتهن، والتحكم فيها، وتضيف أن الأسر تدعم هذا الاتجاه 

ويلحظ أن المركز، رغم اتساعه والمساحات الخالية فيه، إلا إنه لم يتم تخصيص مكان محدد للسيدات بمعزل عن الذكور. 

المقالات ذات الصلة
- Advertisment -

الأكثر قراءة

أحدث التعليقات