جبراكة نيوز
تقرير: عيسى دفع الله
قال مدير مركز الدراسات السودانية د. حيدر ابراهيم علي، إن الحرب الجارية في السودان ليست عبثية، مشيرا إلى أن العبثي ليس له أهداف ولا مخطط، بل هي حرب منظمة قامت بها الحركة الاسلامية وعناصر في المؤسسة العسكرية ويعلمون ماذا يريدون منها. وطالب حيدر، في الورقة التي قدمها خلال الندوة بعنوان: عام على الحرب في السودان التي نظمها مركز الدراسات السودانية بالتعاون مع منصة المصطبة العجيبة على تطبيق (الكلوبهاوس) يوم الاثنين حول ضرورة الاهتمام بالتعليم، الصحة، الطرق والكباري، الاتصالات والمياه.
الثورة المضادة
كما أوضح د. حيدر، أن الثورة السودانية مازالت تقدم الشهداء منذ ثورة 1924م، مشيرا إلى إنه لا يتفق مع الرأي الذي يصف الحرب الحالية بانها عبثية. وأضاف أن الحرب ممنهج ومنظم، تخطط لها الثورة المضادة منذ استقلال السودان.
وقال د. حيدر السؤال هو: لماذا استطاعت الثورة المضادة الزحف على الفضاء المدني السوداني وايصال الشعب إلى مرحلة قيام حرب أهلية واقتتال ورفض الكفاح والنضال الذي قامت به القوة المدنية طوال العهود السابقة؟
وقد ابدأ د. حيدر تخوفه من ظهور شكل من أشكال التقاعس في الفترة الأخيرة التي تحولت فيها الثورة من مناضلة ومهاجمة إلى مدافعة حيث استقلت الثورة المضادة والقوي الظلامية هذا الوضع الدفاعي.
فاقد تربوي
أشار د. حيدر، أن قوي الثورة المضادة نجحت في أغلب مناحي الحياة، لأن خروج التلاميذ من المدارس يعني الدخول في فاقد تربوي لمرحلة كاملة، لذلك هناك ضرورة لقيام مؤتمر قومي نحو تعليم عصري مرتبط بالسلام والتنمية والعدالة وتحويل شعارات الثورة من مرحلة التنظير والتفكير إلى الواقع.
وعزا حيدر، نجاح الثورة المضادة في ملئ الفراغ وعسكرة المجتمع بأشكال مختلفة، إلى الكسل الفكري والسياسي وعدم قدرتنا في بناء مجتمع مدني.
نقد ذاتي
ذكر حيدر، أنه مهتم ببناء المستقبل المدني البديل، بعد نقده للوضع الحالي نقدا ذاتيا وعاما من أجل تجاوزه، منوها بأننا نفتقد إلى أهم مكونات المجتمع المدني وهي القدرة على ممارسة النقد الذاتي والنقد عموما. وأضاف قائلا “نفتقد روح العمل بجماعية مع كثرة المنظمات التي لا تقوم على أسس فكرية، وإنما على العلاقات الخاصة وهو الخلل الذي استطاعت من خلاله القوي الظلامية أن تزحف نحو المجتمع المدني السوداني. مؤكدا أنه مشغول بكيفية إيقاف زحف القوي الظلامية؟
وكشف حيدر، أن عسكرة المجتمع السوداني بدات مبكرا من خلال الحركة الاسلامية النسوية، خاصة عندما استطاعت أن تفرض الحجاب على المرأة. وكان يجب على المرأة أن تقاوم هذا الاتجاه، لآن المراة السودانية كانت محتشمة ومثقفة بتأثير من الاتحاد النسائي في فترة مبكرة وهي سبقت الكثير من مثيلاتها في الدول العربية المحيطة بنا.
كسل فكري
وقال حيدر إن من دلائل الكسل في أن نحول الحركة السياسية إلى سياسية فكرية، نحن نهتم بالحركة السياسة أكثر من اهتمامنا بالنواحي الفكرية. وأضاف أن السودان يحتاج إلى زراعة ونشر الوعي وتعميمه بين القطاعات السودانية، خاصة خارج المدن. فهم المدنية لدي المجتمع المدني السوداني مرتبط بالمدينة أكثر من ارتباطها بالنشاط المضاد للعسكرة.
مشيرا بأنه من دلائل الكسل الفكري اننا حتى الآن نستخدم مصطلح “كوز وكيزان” لوصف الحركة الإسلامية، مع أن هذا المصطلح رائج وسط الحركة الطلابية منذ الستينات ولم تستطيع الحركة الاسلامية في السودان أن تتخلي عنه وتاتي بمصطلحات ومفاهيم جديدة.
وأبان حيدر، أن منظمات المجتمع المدني السوداني غرقت في السياسة وتحولت إلى مجتمعات حركية بدلا من مجتمعات فكرية منتجة للوعي ومحاربة لتغبيش الوعي الذي تنشره الحركات الاسلاموية.
ملئ الفراغ
ولفت حيدر، إلى أن مكونات المجتمع المدني تتركز على حياة حزبية نشطة، مفكرة، متجددة وتستطيع أن تتحدث بلغة الجماهير وليس لغة المدن ومنظمات الخرطوم 2، وأن يكون قادرا على ملئ الفراغ بين الدولة والمجتمع.
وقال لدينا مشكلة النشأة والتكوين للأحزاب، المجتمع المدني، الاتحادات النقابية والشخصيات القومية التي لديها عطاء وأفكار، ومستقلة حزبيا وملتزمة سياسيا في قضايا التنمية وتلبية الحاجات الاساسية في المجتمع. لذلك لابد من ارتباط الشخصيات القومية بقضايا الديمقراطية والتنمية والسلام.
إنسان جديد
وحول عمل مركز الدراسات السودانية الذي يديره د. حيدر، قال إننا نعمل من أجل بناء انسان سوداني جديد يستند على ثورة معرفية مرتكزة على العصر الحديث للقطيعة مع الماضي. وهذ لا يعني أننا نشطب التاريخ السوداني ولكن ما نعنيه هي نظرة جديدة وقراءة مختلفة للتاريخ الذي طرحنا فكرة إعادة كتابته من جديد.
ونلاحظ أن التاريخ المكتوب لم يهتم بالجانب الاجتماعي وإنما كان مجرد أحداث متتالية، لذلك لم تخضع فترات المهدية والتركية والحكم الوطني إلى النقد، بل قدموا لنا تاريخا خاما اهتم بالأحداث، الإدارة والحكم دون الإهتمام بالتاريخ الاجتماعي للسودانيين.
قوة قديمة
وقال حيدر، رفعنا شعار سودان جديد ولكن البداية كانت خاطئة لاننا كنا نريد سودان جديد بقوي قديمة، ولم يكن هناك حزب قومي يجمع كل السودانيين المؤمنين ببناء السودان الجديد. وأضاف يجب أن نهتم بالتعليم والصحة والطرق والكباري والاتصالات والمياه.
مؤكدا أن السودان يحتاج إلى حملة نحو تعديل نظام قانون الانتخابات الحالي القائم على الدوائر الجغرافية الي نظام التمثيل النسبي الموضوعي العلمي المستقل. إلى جانب بناء جديد للاتحادات والنقابات المهنية كي تسهم هي الأخرى في بناء مجتمع عصري جديد.
علاوة على ذلك، يجب الاهتمام بشباب لجان المقاومة الذين قال بأنهم شباب تنقصهم عملية التنظيم والتثقيف والخبرة، وكان من واجب قوي المجتمع المدني ألا تكتفي بمطالبتهم بالخروج في التظاهرات فقط.
يذكر ان الندوة تحدث فيها د. حيدر إبراهيم علي ود. ماجدة محمد أحمد علي ود. حسن بشير وأ. راوية كمال.
أحدث التعليقات