جبراكة نيوز – الفاشر
تقرير: عيسى دفع الله
مصطفى محمد عبدالرحمن شاب ثلاثيني يقطن حي أولاد الريف على تخوم قيادة الفرقة السادسة مشاة بمدينة الفاشر، استيقظ من النوم صباح الجمعة وتناول وجبة الإفطار وكوبا من القهوة استعدادا للذهاب إلى المسجد لأداء شعائر الجمعة، لكن قبل أن يغادر المنزل باغتته قذيفة صاروخية سقطت في منزلهم مما أدى إلى مقتله رفقة بنت خالته التي كانت معهم بالمنزل أثناء الحادث، وخلفت إصابات بليغة بين بقية أفراد أسرته.
لم تكن حادثة مقتل مصطفى هي الوحيدة بل هناك عشرات القذائف الصاروخية التي سقطت في المنازل بأحياء الدرجة أولاد الريف وغيرها خلفت عشرات القتلى والجرحى اكتظت بهم باحات المستشفى الجنوبي الذي استقبل أكثر من (60) بين قتيل وجريح من المدنيين وفقا لمصادر طبية، ويفتقر المستشفى الجنوبي للكوادر الطبية والمعدات جراء الحصار الذي فرضته قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها على مدينة الفاشر منذ الشهر الماضي وحرمت سكان المدينة من دخول البضائع والمعدات الطبية والغذائية.
الذراع الطويلة
القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح التي انحازت للقتال إلى جانب الجيش منذ الشهر المنصرم أعلنت إنها تصدت لهجوم شنته قوات الدعم السريع وخاضت معركة استمرت عشر ساعات شبهتها بمعركة الذراع الطويلة التي خاضها الراحل خليل إبراهيم زعيم حركة العدل والمساواة في العاشر من مايو 2008م.
وقالت القوة المشتركة في بيان اطلعت عليه (جبراكة نيوز) إن الدعم السريع في صباح الجمعة شن هجوما بتدوين مدفعي ثقيل على الأحياء السكنية مما خلف عشرات الجرحى والوفيات وسط المدنيين.
وأكد البيان إنه نتيجة لتدوين أحياء المدنيين تحركت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح في مواجهة القوات المهاجمة في معركة النفس الطويل التي امتدت حوالي عشر ساعات قدم فيها أبطال القوة المشتركة درسا في الثبات والمواجهة وكبدت الدعم السريع خسائر بالغة في العتاد والأرواح واستلام عدد من العربات والجرحى.
وأضاف البيان: أجبرت قواتنا المشتركة الدعم السريع على الهروب من أرض المعركة.
نزوح
أغلب سكان الأحياء الشمالية والشرقية لمدينة الفاشر نزحوا جنوبا نحو أحياء الثورة والوحدة ومعسكر زمزم للنازحين هربا من مرمى النيران، وهي أحياء أيضا لم تسلم من نيران المدفعية التي وصلتها وحصدت عددا من الأرواح.
طيران
قصف الطيران الحربي التابع للجيش السوداني في الساعات الأولى من صباح السبت مواقع تمركزات الدعم السريع شمال وشرق الفاشر.
صد هجوم
بدوره قال الناطق باسم قوات الدعم السريع الفاتح قرشي، إن قواتهم صدت الجمعة، هجوماً غادراً من الجيش والحركات المسلحة في الفاشر بولاية شمال دارفور.
وأضاف القرشي، في بيان اطلعت عليه (جبراكة نيوز) إن قوات الجيش والحركات تسللت إلى مواقع ارتكازات قواتهم عبر ثلاثة محاور، ما أدى إلى وقوع إصابات وسط المدنيين في الأحياء السكنية ومعسكرات النازحين وفرار الآلاف إلى خارج المدينة.
وأضاف البيان: تمسكت قواتنا في الفاشر منذ بدء الحرب باتفاق وقف إطلاق النار مع الحركات المسلحة قبل انحياز البعض إلى الجيش، واستجابت قيادة الدعم السريع لنداءات الإدارة الأهلية وأعيان المنطقة والمنظمات المحلية والدولية حفاظاً على أرواح المدنيين، ومارست أقصى درجات ضبط النفس حيث صدت 22 هجوماً على خلال الأيام الماضية.
ونبه البيان المجتمع الدولي والعالم أجمع إلى أن الدعم السريع التزم منذ شهر مارس الماضي بعدم التقدم نحو مقر قيادة الجيش بوسط المدينة، “لكننا نتفاجأ بالهجوم من الطرف الآخر كل يوم دون مراعاة لتواجد المدنيين ومعسكرات النازحين التي استخدموها دروعاً بشرية”.
هجوم مكثف
بينما قال الناطق باسم حركة تحرير السودان قيادة مناوي، الصادق علي النور، إن قوات الدعم السريع حاولت في نهار الجمعة الموافق ١٠ مايو ٢٠٢٤م، الهجوم المكثف بأكثر من محور على مدينة الفاشر مستخدمة فيه إطلاق الدانات بشكل عشوائي على أحياء المدنين مما أدى إلى استشهاد عدد كبير من المواطنين وجٌرح آخرين.
وأضاف النور، في بيان ممهور بتوقيعه تحصلت عليه (جبراكة نيوز) إن القوة المشتركة والجيش السوداني والشباب المرابطين سنداً وعضداً لرفاقهم، إستطاعت أن تصد الهجوم الغادر عبر ارتكازاتها المتقدمة شرق مدينة الفاشر، وكبدتهم خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، وتم استلام عدد من السيارات العسكرية المجهزة، ومطاردة قوات الدعم السريع حتى خارج المدينة مجرجرين أذيال الهزيمة.
وأكد “دعمهم ووقوفهم كتفاً بكتف وبصلابة مع الرفاق في القوة المشتركة وقيادة الفرقة السادسة مشاه وشباب ومِيارم مدينة الفاشر السلطان الشرفاء الذين وقفوا بصلابة وفيهم من حمل السلاح مع رفاقهم ذوداً عن المدينة وتاريخها التليد في دحر المليشيا الذي يهدد أمنهم، حمايةً لأرضهم وعرضهم وكرامتهم”.
هدف سياسي
بينما يري الناشط السياسي حسن النووي، أحد سكان مدينة الفاشر إن كلا طرفي الصراع ينظر إلى مدينة الفاشر باعتبارها هدف سياسي، أكثر من كونها هدفا عسكريا. خاصة قوات الدعم السريع التي تنظر إلى المدينة كوسيلة لتعزيز سلطتها وإظهار هيمنتها المتخيلة على دارفور.
وأضاف النووي، في حديثه لـ(جبراكة نيوز) ان طرفي الصراع مواطن الفاشر ليس من أولوياتهم، هم مجرد بيادق شطرنج في الصراع على السلطة.
وأكد النووي، إنه “بغض النظر عن موقف قيادات الحركات المسلحة في بورتسودان، الجنود الموجودين في الفاشر هم بين أهلهم، ولهم الحق في الدفاع عن مدينتهم ومصالحها. وبغض النظر عن التحالفات أو الانتماءات التي عقدها فك الحياد، هذه الحركات بمن فيهم كرجكولا تتحمل مسؤولية حماية الفاشر من همجية الجنجويد، وايضا كل دارفور وليس الفاشر وحده”، كما قال.
وأشار إلى ان تجربة قوات الدعم السريع في مدن دارفور الأخرى كارثية، ويمكن للفاشر أن تتوقع مصيرا مماثلا من قتل المدنيين والعقول السياسية والفكرية، وتدمير الاقتصاد، وقتل كبار التجار ذوي العقول الاقتصادية، بهدف التفوق الاقتصادي والسياسي في دارفور حتى لو حصل سلام ووقف الحرب مستقبلا.
وأوضح النووي، إنه في ظل الظروف الراهنة يجب على أعيان ومواطني الفاشر اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية أنفسهم ومدينتهم، والتفكير في حلول بديلة تمنع الدمار فالسلاح الذي في أيدي الطرفين قادر على تحويل الفاشر إلى رماد، ومن مسؤولية مواطنيها منع مثل هذه النتيجة.
أحدث التعليقات