جبراكة نيوز- كمبالا
تقرير: عيسى دفع الله
يبدو أن تفشي خطاب الكراهية في سرديات الحرب السودانية التي تنقلها بشكل خاص وسائط التواصل الاجتماعي وبالتالي تنتشر كالنار في الهشيم. قد دق ناقوس الخطر لدى الحقوقيين والمهتمين بمناهضة هذا الخطاب لإدراكهم المُسبق بمخاطره على تماسك اللحمة الوطنية، والخشية من انزلاق السودان نحو التجارب المؤلمة كما حدث في رواندا، وغيرها من دول المعمورة.
في هذا السياق نظمت حملة (نحن واحد لمناهضة خطاب الكراهية) ندوة بعنوان: “الإطار القانوني الدولي والوطني لمناهضة خطاب الكراهية” جاءت ضمن ندوات الحملة للمساهمة في إسكات هذا الخطاب الذي أخذ بالانتشار في السودان.
أدار الندوة المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان عثمان صالح، بقاعة روان بمقاطعة كبلاقالا في كمبالا، الأحد. وبدأت بالوقوف دقيقة حداد على أرواح شهداء حرب السودان، وسط حضور كبير من المهتمين بقضايا العدالة وحقوق الإنسان.
تناحر وتنافر
قال المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان صالح محمود، إن عدم إدارة التنوع بالحكمة أدى إلى انزلاق مكونات المجتمع نحو التناحر والتنافر طوال الحقب الممتدة في فترات الحكم الوطني.
وأضاف أن الممالك السودانية القديمة بكل مكوناتها المختلفة كانت تتعايش بتجانس رغم إنها متنوعة. وذكر أن أطول الحروب كانت حرب جنوب السودان وحرب دارفور علاوة على الحرب الحالية.
مشيرا إلى أن كل الحروب التي شهدها السودان لكل واحدة منها لغة خاصة من شعر وغناء ونكات وحكامات، وكلها خطابات تحريضية تستهزي بالمجتمعات وتقلل من شأنهم مما يؤدي إلى وقوع اعتداءات على حرياتهم وحياتهم واستسهال القتل كما يحدث في غارات الطيران والقنابل والضرب العشوائي وسط المدنيين بين الجيش والدعم السريع، وهناك جهات تحرض على ذلك بـ “حرب الكرامة” وهو تبرير لقتل كل شخص مختلف.
وأكد محمود، أن القانون الجنائي السوداني 1990 م والتعديلات التالية له ليس بها مادة تتحدث صراحة عن خطاب الكراهية سوى الأذى الجسيم والاستفزاز، أما الأذى المعنوي فغير مضمن في الأحكام التمهيدية.
ولفت محمود، إلى أن الفصلين الخامس والسادس من القانون الجنائي السوداني 1990م كلها تتحدث عن الوضع السياسي، والسابع يتحدث عن الفتنة التي تعرف بإثارة الكراهية بين الطوائف الدينية، ولكن لا يوجد تعريف لفعل محدد لجريمة خطاب الكراهية أو الجرائم المتعلقة بها.
وأوضح محمود، أن الجرائم ضد الإنسانية من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية كما حدث في محاكمة المتهمين في جرائم يوغسلافيا ورواندا، وهي إثارة الكراهية في جرائم تمت بالتحريض.
وحول جرائم دارفور في المدة ما بعد العام 2003 م التي أحيلت إلى المحكمة الجنائية الدولية، ويحاكم فيها علي كوشيب، قال محمود، إنه من 2009 في السودان لا يوجد شخص حوكم بالجرائم ضد الإنسانية لعدم وجود نصوص واضحة.
ورأى أن البديل محكمة جنائية إقليمية أو دولية بديلة وحاليًا تمثل المحكمة الجنائية الدولية الملاذ الوحيد، ونأمل القبض على المتهمين الهاربين مثل الرئيس المخلوع عمر البشير، ومساعديه عبد الرحيم محمد حسين، ومحمد هارون.
وأكد إنه يمكن أن نستخدم العدالة الانتقالية، وهي لا تتعامل مع الجرائم الدولية ولا يوجد فيها عفو ولا تسقط بالتقادم. مطالبا بضرورة إصلاح الأجهزة العدلية والقوانين لتهيئة بيئة مواتية لمحاكمة المتهمين.
وحول انتشار خطاب الكراهية قال محمود، إنه يتولد عندما يوجد صراع ثقافي أو اجتماعي بين المجموعات المتعايشة وهو صراع طبقي، فمن يمتلك السلطة والمال هو من ينتج الصراع الناتج عن خطاب الكراهية، وزاد أن جوهر الصراع هو أن من في المركز يوصم الجهات المطالبية بالعنصرية كما حدث لجبهة سوني ولدوؤاد يحيى بولاد، وشرق السودان، وكل الحركات المطلبية التي قامت في الأطراف.
وأكد محمود لا بد من الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، واحترام المواثيق، والعهود الدولية الموقع عليها، وأن نذهب في اتجاه المصادقة على المواثيق غير الموقعة، ونشر الوعي وتجريم القتل، والتصدي لخطاب الكراهية ومحاكمة كل المشتبه بهم.
لا.. استجابة
وقال المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان عثمان صالح، إن هناك أصواتًا تنادي بوقف الحرب، وسط خطاب كراهية لا يوجد معه استجابة. منوهًا إلى أنه لابد أن يوازي خطاب الكراهية بخطاب مبني على الوعي، والعقلانية، والموضوعية، ويكشف مخاطر خطاب الكراهية حتى يجد النداء استجابة.
ولفت عثمان، إلى أن كثيرًا من دول العالم شهدت مجازر سبقها خطاب كراهية، وهو ما يحدث في السودان حاليًا ويؤشر لإبادات جماعية قادمة. وأضاف نتمنى ألا يصل السودان إلى ذلك ويكفي ما ارتكب ضد أبناء الشعب السوداني.
أحدث التعليقات