جبراكة نيوز: مهند مرشد
بعدما طال دمار الحرب مصفاة الخرطوم “الجيلي” النفطية، تبرز مخاوف بيئية واقتصادية بسبب تعرضها للحريق الذي أحدثه طيران الجيش السوداني أمس الأربعاء.
اتهمت قوات الدعم السريع الأربعاء، الجيش السوداني بتدمير مصفاة الجيلي بالبراميل المتفجرة، وقالت في منشور على منصة “إكس” إن الهجوم أحدث دمارا بالغا في الخطوط الناقلة لخام النفط، بجانب حرق وتخريب عدد من المنشآت داخل المصفاة.
وقالت قوات الدعم السريع “إننا نضع المجتمع الدولي والإقليمي ليقف أمام مسؤولياته لإدانة هذه الجرائم المتواصلة ضد شعبنا، ونؤكد أننا في حال تواصلت هذه الممارسات سنضطر إلى إيقاف تدفق خط الخام”.
كارثة كبرى
وقبل حرق المصفاة حذرت مبادرة استعادة نقابة المهندسين السودانيين من حدوث كارثة كبرى في حال استهدفت مصفاة الجيلي، وقالت في بيان الأربعاء، إن الأثر المتوقع من الانفجار يتعدى عشرات الكيلومترات المربعة، مما يهدد عشرات الآلاف من السكان، ويؤثر على جميع أشكال الحياة الأخرى الواقعة في محيط الانفجار.
وأضاف البيان الذي أطلعت “جبراكة نيوز” على نسخة منه، “الأثر البيئي سيكون كارثيا ومدمرا وسيمتد لمئات الكيلومترات بفعل تيارات الكهرباء والمياه”.
وأتى تحذير المبادرة بعد ما قالت إنها تابعت الدعوات على وسائل التواصل الاجتماعي تطالب الجيش بدك مصفاة الجيلي، انتقاما لمقتل الضابط معاش في الجيش محمد صديق، الذي قتل بعد أسره من قبل قوات الدعم السريع في المعارك التي دارت الأيام القليلة الماضية حول منطقة الجيلي شمال بحري بالخرطوم.
ولفت بيان المبادرة إلى الأثر الاقتصادي الذي يطال ما تبقى من اقتصاديات البلاد، سواء أكان على المستوى المادي المباشر من اتلاف مليارات الدولارات، أو من تمدد الآثار السلبية على توقف الإنتاج المحلي للبترول المكرر وغاز الطهي، وغيرها من المشتقات التي تستخدم في الزراعة والإنتاج والنقل، وفقا للبيان.
ونشرت قوات الدعم السريع مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي توضح حجم الدمار الذي لحق بالمنشأة.
ومصفاة الخرطوم السودانية المحدودة التي تعرف بمصفاة الجيلي، تبعد حوالي 70 كيلومترا شمال مدينة بحري بالعاصمة السودانية الخرطوم وتعد من أهم المنشآت النفطية في البلاد. انشئت في العام 1997، وبدأت العمل في العام 2000، وتبلغ مساحة المصفاة نصف كيلومتر مربع، وتشغل امتداداتها 8 كيلومترا مربعة، ومثلها تشغلها شركات التسويق والمشروعات المرتبطة بالمصفاة، وهي مملوكة بالمناصفة بين وزارة الطاقة والتعدين، والشركة الوطنية الصينية للبترول، وتعد أكبر مصفاة لتكرير البترول بالسودان.
الشركة الصينية
وأصدرت وزارة الخارجية بيانا، أمس الأربعاء، بعد أنباء تدمير المصفاة قالت قيه: إن الصراع الطويل بين الجيش والدعم السريع قد أضر بمصالح الصين والدول المحيطة به ويجب على الأطراف المتحاربة أن يوقفا الحرب بأسرع وقت ممكن وأن يتعاملا بجدية مع طلبات الدول الصديقة ومبادرات المؤسسات الإقليمية والدولية.
وأكدت الخارجية الصينية أن بلادها تولي اهتماماً وثيقاً بالسودان، مشيرة إلى أن السودان تعرض لأضرار جسيمة في البنية التحتية بما في ذلك محطات توليد الطاقة التي تعرضت لغارات جوية بالطيران والمدفعية الثقيلة.
وأكد البيان أن الصين تشعر إلى جانب شركائها الدوليين بقلق بالغ إزاء التطورات الأخيرة حتى أولائك الذين يملكون 50٪ من شركة البترول الوطنية الصينية CNPC.
وقال الخارجية الصينية إن الهجوم علي مصفاة الجيلي وتوقف نقل خطوط النفط الخام من وسط وجنوب السودان سيعرض شركة البترول الوطنية الصينية لخطر الملاحقة القضائية المحتملة لشركة التأمين لذلك فإن الحكومة الصينية تدعو مرة إخرى الجميع إلى تسريع عملية التفاوض وإنهاء هذا الصراع، مؤكدة أن الصين لن مكتوفة الأيدي في مواجهة الحرب في السودان التي تضر مصالحها.
وتنتج المصفاة 10 الآف طن من الجازولين، 4500 طن من البنزين، و800 ألف طن من غاز الطهي. بطاقتها القصوى تنتج 100 ألف برميل يوميا، وتنتج حوالي 45% من احتياجات السودان البترولية.
وسيطرت قوات الدعم السريع على المنشأة النفطية منذ الأيام الأولى للحرب في السودان منتصف أبريل 2023.
خسائر اقتصادية
وتسببت الحرب الدائرة لأكثر من عام في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع في أضرار بالغة طالت المنشآت النفطية، والكهربائية، ومئات المصانع، وغيرها من البنى التحتية التي تأثر بعضها ودمر بعضها بالكامل، وانعكست آثارها سلبا على حياة الناس في جميع انحاء السودان.
وفي حديث سابق لوكالة الأنباء السودانية “سونا”، قال الأمين العام للاتحاد العربي لتنمية الصادرات بجامعة الدول العربية عبد المنعم محمد محمود، إن الخسائر في القطاع الاقتصادي السوداني تقدر بـ200 مليون دولار، وأن البنوك السودانية لا تمتلك القدرة على التمويل الشامل لإعادة بناء القطاع.
وفي أواخر ديسمبر الماضي تبادل الجيش والدعم السريع الاتهامات بقصف المنشأة النفطية الأكبر في البلاد والتي تقدر قيمتها السوقية بعدة مليارات دولار أمريكي.
وجرمت مبادرة استعادة نقابة المهندسين احتلال المصفاة والمناطق المحيطة بها التي يوجد بها مصانع ذخيرة ومخازن جهاز الأمن، وأوضحت أن هذا لا يبرر استهداف هذه المنشآت عسكريا وتدميرها وفقا للبيان.
أحدث التعليقات