حذر رئيس تنسيقية القوى االوطنية الديمقراطية “تقدم” عبدالله حمدوك، من نذر المجاعة التي تتهدد الملايين من أبناء وبنات الشعب السوداني، مشيرا إلى أنه إذا لم يتم تداركها ستؤدي إلى فقدان أضعاف مضاعفة من الأرواح تفوق أعداد الذين قضوا تحت نيران الرصاص الحرب.
وقال عبدالله حمدوك، في افتتاح المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى المدنية “تقدم” اليوم الاثنين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، إن الحرب في عامها الثاني دخلت مرحلة غير مسبوقة من تدمير للشعب السوداني ومقدراته وازدياد في كم وكيف الانتهاكات.
وناشد حمدوك، خلال خطابه المجتمع الإقليمي والدولي بتحمل مسؤولياته بالضغط على الأطراف المتصارعة للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط، وأن لا يتم استخدام الغذاء والدواء كسلاح لقتل المزيد من المدنيين الأبرياء، كما طالب المجتمع الدولي بضرورة السعي الفوري والجاد لإيقاف الحرب بإعادة الأطراف المتصارعة إلى طاولة التفاوض وفق رؤية متكاملة للحل تؤدي إلى الوقف الفوري للحرب وإيصال المساعدات الإنسانية والعودة إلى مسار الانتقال الذي يفضي لتحول مدني ديمقراطي بما يحقق دولة المساواة والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة.
وقال حمدوك: “نناشد باسم الإنسانية كل الأطراف المتصارعة أن يعودوا إلى رشدهم وأن يتخذوا القرار الصحيح بالوقف الفوري لهذه المحرقة”.
وأردف بالقول، “إن الاجتماع ينعقد وبلادنا تدخل عامها الثاني من الحرب التي أزهقت فيها آلاف الأرواح وخلفت عشرات الآلاف من الأيتام والأرامل والثكالى، وارتكبت فيها أفظع الانتهاكات ودمرت البنى التحتية وقضت على مقدرات البلاد، وتسببت في نزوح ولجوء الملايين من أبناء وبنات شعبنا إلى دول الجوار”.
وأشاد حمدوك بالأشقاء في الدول الأفريقية والعربية وبخاصة في دول الجوار التي استقبلت كل هذه الأعداد من اللاجئين وزاد”: نكرر رجاءنا للأشقاء في هذه الدول لبذل المزيد من الجهد لتضميد جراح هؤلاء اللاجئين وذلك بتيسير الإجراءات وتقديم كل العون الممكن لهم وستحفظ ذاكرة شعبنا هذه الوقفات المشرفة من الأشقاء”.
وقال إن استمرار الحرب يشكل كارثة آنية وأيضًا بعيدة المدى فنتائجها الحتمية أرواح تزهق وأجيال تدمر وموارد تهدر وإنسانية تنتهك وشعب يتعرض للذل والمهانة في أماكن نزوحهم ولجوئهم ولذلك فإنه من غير اللائق أن يدعو من هو في مأمن إلى استمرار الحرب تحت أي ذريعة كانت.
خطاب الكراهية
كما أكد حمدوك، إن من الحقائق المؤسفة إنه مع تمدد الحرب لكل يوم جديد تتعرض البلاد لمخاطر وجودية مع تنامي خطاب الكراهية والعنصرية والجهوية الأمر الذي يهدد بقاء الدولة السودانية ولذلك وجب التصدي لمثل هذا الخطاب وضرورة رفع الوعي ومحاصرة العنصريين ودعاة الفتنة بكل حزم وجدية.
وأوضح حمدوك، إنه منذ الساعات الأولى لتفجر الأوضاع لم تتوقف مجهودات القوى المدنية لوقف الحرب، موضحا استمرار الاتصالات مع طرفي النزاع، كما توالت الاتصالات مع القوى والمنظمات الإقليمية والدولية.
وأضاف: “شرعنا في نفس الوقت في بناء جبهة موحدة ضد الحرب وكان شعارنا ودافعنا هو أن تتوقف معاناة شعبنا، وأن نبذل كل جهد ونقدم كل ثمن ممكن لذلك”.
وأشار حمدوك، إلى الاجتماع الموسع الذي تم في أكتوبر 2023 في أديس أبابا ونتج عنه تكوين تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”. وتواصل العمل بعد ذلك، “وقدمنا الدعوات للقوى السياسية وقوى الكفاح المسلح والقوى المدنية والمهنية ولجان المقاومة للانضمام لهذه الجهود، والمساهمة في بناء هذه الجبهة”. مشيرا إلى أن العديد من الجهات التي تؤمن بأهداف “تقدم” انضمت إليها ولذات الهدف تم التواصل مع كل من: الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بقيادة القائد عبد العزيز الحلو، وحركة جيش تحرير السودان بقيادة القائد عبد الواحد محمد نور، المؤتمر الشعبي برئاسة د. علي الحاج محمد، الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، وحزب البعث العربي الاشتراكي الأصل، والحزب الشيوعي السوداني، وحركة تحرير السودان- بقيادة مني آركو مناوي.
وكشف حمدوك، عن تقديم دعوات لطرفي الحرب، قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو، للقاء مع قيادة “تقدم” لبحث سبل إنهاء الحرب، كاشفًا عن ردود إيجابية تمخض عنها لقاء “تقدم” بقائد قوات الدعم السريع في أديس أبابا، وقد تم الإعلان عن مخرجات اللقاء التي لم تخرج عن جهود وقف الحرب، ولا زلنا نتطلع للالتقاء بالقائد العام للقوات المسلحة.
وقف الحرب
كما أكد حمدوك، التواصل مع الدول والمنظمات الاقليمية والدولية المهتمة بوقف الحرب وتحقيق السلام في السودان، وقال “شاركنا في قمة الإيقاد الأخيرة في كمبالا إلى جانب التواصل مع دول الجوار، جمهورية مصر، وجنوب السودان، وتشاد، كينيا، يوغندا وإثيوبيا، ودولة الإمارات وقطر وتركيا، مشيدا بالجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية في مفاوضات منبر جدة ومفاوضات المنامة، كما شكر جمهورية مصر العربية لتنظيمها مؤتمر دول جوار السودان، وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوربي لدورهم في تنظيم مؤتمر باريس حول الأزمة الإنسانية في السودان الذي نجح في إعادة قضية الحرب في السودان إلى دائرة الضوء ومسار الاهتمام العالمي وحشد الموارد لدعم المتضررين من الحرب.
كما شكر حمدوك جمهورية إثيوبيا الشقيقة حكومة وشعبا بقيادة رئيس الوزراء أبي أحمد لاستضافة المؤتمر والمساهمة في إنجاحه واحتضان آلاف اللاجئين السودانيين في الأراضي الأثيوبية.
وقال حمدوك، تظل عيوننا مفتوحة على حياة وسلام وأمن الملايين من أبناء وبنات وطننا، ونحن نفعل هذا دون أن نكون منحازين لأي طرف في الحرب، لكننا في نفس الوقت لسنا محايدين أو وسطاء. نحن منحازون لأسر الشهداء من المدنيين و العسكريين، ومن كل الأطراف، ومنحازون لمن زجوا في هذه الحرب دون أن يكون لهم فيها اختيار ودفعوا فيها أرواحهم ومنحازون لمن سلبت أموالهم وممتلكاتهم وتعرضوا لجرائم وانتهاكات خطيرة، منحازون للملايين الذين تم تشريدهم من مناطقهم فاتجهوا لمواقع النزوح واللجوء، منحازون للجوعى والفقراء الذين يعرضهم استمرار هذه الحرب للموت أمام أنظار العالم، منحازون للبرنامج الوطني الديمقراطي من أجل وطن يسع الجميع.
وأشار إلى أن المؤتمر التأسيسي لتنسقية “تقدم” ينعقد بعد أن اكتملت التحضيرات وتمت إجازة تقارير اللجان وإجازة مسودة جدول الأعمال ومشروع النظام الأساسي ليتم طرحها لإجازتها، ومن المتوقع أن تواصل لجنة البت في طلبات الانضمام للتنسيقية لتوسيع قاعدة المشاركة.
وقال حمدوك، إن المؤتمر يشارك فيه عدد من الفاعليين المدنيين الديمقراطيين المؤمنين بوقف الحرب ومناهضة الانقلابات العسكرية وفي هذا الصدد دعونا نحي حضور وفدي الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة القائد عبد العزيز الحلو وحزب المؤتمر الشعبي برئاسة د. علي الحاج محمد الذين يشاركون في هذا المؤتمر، لافتًا إلى أن قضية وقف الحرب والعمل على بقاء كيان الدولة السودانية مقدماَ على كل الخلافات الأيدلوجية والسياسية والمطلبية لذلك كان إعلان نيروبي نقلة نوعية في العمل الجبهوي المناهض للحرب.
وقال إن وقف الحرب والحفاظ على وحدة الدولة السودانية وعملية تأسيس الدولة الديمقراطية المدنية وخلق مشروع وطني تقف فيه الدولة على مسافة واحدة من كل الأديان والثقافات وتجرم كل أشكال التمييز، ويضمن المشاركة العادلة للمرأة ويعظم من دورها ويدعم قضاياها ويؤسس لنظام حكم يشمل مشاركة كل السودانيين في كافة مستويات الحكم وفق نظام لا مركزي قائم على أسس فدرالية بالإضافة ‘لى استكمال كل ما نادت به ثورة ديسمبر.
وأكد حمدوك أن مبادئ الإعلان السياسي شملت بناء جيش قومي مهني والتوافق على برنامج عملي للعدالة الانتقالية يضمن المحاسبة على كل الجرائم التي ارتكبت ويتبنى سياسة خارجية متوازنة تضمن المصالح العليا للبلاد، ولمناقشة كل هذه القضايا تم التوافق على عقد مؤتمر مائدة مستديرة يعقد في القريب العاجل.
ولفت حمدوك، إلى أن العديد من الشعوب قبلنا تعرضت لمثل هذه المحن والأزمات، ولكن بفضل تماسكها وإرادتها تمكنت من الخروج منتصرة وأقدمت على إعادة بناء مقوماتها الوطنية على أسس مستدامة تقوم على الحرية والسلام والعدالة وبناء الدولة المدنية الديمقراطية.
كما قال إن “وعدنا لكم سيظل أن لا يهدأ لنا بال وأن نعمل ليل نهار بكل ما نملك من قدرة على وقف هذه الحرب وإعادة الأمن والأمان إلى أهلنا ليعودوا لمدنهم وقراهم وفرقانهم لينعموا بالحياة الكريمة في ظل وطن تسود فيه قيم الإخاء والمساواة والمحبة واحترام الآخر وأن تكون هذه الحرب اللعينة درسا يستفاد منه في بناء وطن شامخ ومستقبل مشرق لأجيالنا القادمة وكل هذا رهين فقط بالرجوع إلى صوت العقل بين الأطراف المتصارعة واتخاذ قرار مسنود بإرادة قوية للوقف الفوري للحرب.
أحدث التعليقات