جبراكة نيوز: مهند مرشد
تحل علينا اليوم الذكرى الخامسة لفض اعتصام القيادة العامة، التي حدثت يوم الاثنين الموافق 3 يونيو من العام 2019، حين اجتاحت صباح الثالث من يونيو قوات أمنية من جميع الوحدات العسكرية السودانية ساحة الاعتصام أمام وحول مباني قيادة الجيش السوداني، وهدفت هذه القوات لفض وتفريق المعتصمين السلميين، مارست هذه القوات كافة أشكال القمع والقتل والانتهاكات الممكنة في حق المعتصمين.
أدى هذا الاجتياح غير المسبوق في شكل بربريته لمئات القتلى وآلاف الجرحى والمصابين، بجانب كافة أشكال الانتهاكات من اغتصابات
وتعذيب وإساءات وغيرها، فضلا عن المفققودين الذين لم يعرف مصيرهم حتى الآن.
كان اعتصام القيادة هو مرحلة من مراحل ثورة ديسمبر 2018، التي اندلعت ضد نظام المعزول عمر البشير، وكان تجمع المهنيين السودانيين يقوم بدور القائد للثورة عبر تنظيم المواكب وتحديد مساراتها، إلى أن دعا لموكب كبير يتجه نحو قيادة الجيش في 6 أبريل 2019، وفي هذا اليوم وصلت حشود كبيرة إلى مباني القيادة في وسط العاصمة السودانية الخرطوم، وقوبلت من القوات النظامية بالقمع إلا أن اصرار الثوار جعلهم يبلغون غايتهم في الوصول لبوابات القيادة.
الاعتصام المفتوح
وأعلن في ذات اليوم تجمع المهنيين الاعتصام المفتوح، وفي ليلة 7 أبريل هجمت قوات جهاز الأمن التابعة والموالية لنظام البشير وأطلقت الرصاص الحي على المعتصمين وخفلت قتلى وجرحى، ويذكر أن بعض الضباط والجنود انحازوا للثوار وواجهوا قوات جهاز الأمن بالرصاص، ودافعوا عن الثوار المعتصمين حتى سقوط عمر البشير بعد 30 عاما من الحكم العسكري الديكتاتوري في 11 أبريل.
استمر الاعتصام منذ 6 أبريل حتى صبيحة 3 يونيو، وكان المعتصمون طوال تلك الفترة يطالبون بالحكم المدني، وينادون بتحقيق شعارات الثورة في الحرية والسلام والعدالة، بجانب المطالبة بفض الشراكة مع المجلس العسكر والمطالبة بالقصاص لقتل الثوار السلميين.
ويشار إلى أن السلطات حينها عطلت شبكة الإنترنت في جميع أنحاء السودان بعد ساعات قليلة من بدء فض الاعتصام.
في احتفائها بذكرى فض الاعتصام قالت “نقابات السودان” في بيان – اطلعت “جبراكة نيوز” على نسخة منه – إن قضية مجزرة القيادة العامة ستظل نقطة تحول في مسيرة ثورة ديسمبر.
وتابع البيان: “عار في جبين قتلة الشهداء وحتماً أن العدالة والقصاص للشهداء هو حق لا يسقط بالتقادم”.
وأضاف البيان بأنه “مرت خمسة أعوام وقتلة الشهداء لم يطالهم القصاص العادل، وكانت الحسرة بعد أن أصبحوا شركاء على كرسي الحكم متسلقين أجساد الشهداء الطاهرة ومتحصنين بالسلطة”.
المواكب السلمية
عضو لجان مقاومة أمبدة الواقعة في مدينة أمدرمان (م. أ)، قال لـ”جبراكة نيوز”، إنه وقبل حرب 15 أبريل الجارية الآن في السودان، كانت لجان المقاومة والناشطين في العديد من مدن السودان تحيي هذه الذكرى عبر تنظيم مواكب سلمية تنادي بالقصاص للشهداء.
وأضاف: كانت المواكب في أثناء الفترة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك تنادي بفض الشراكة مع المجلس العسكري بقيادة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلوا الذين يخوضون حربا الآن توصف بأنها أكبر حروب السودان. 
وقال المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان أحمد عبد الرحمن لـ”جبراكة نيوز”، إن فض الاعتصام كان جريمة ضد الإنسانية مكتملة الأركان، ووجه الجهاز الرسمي للدولة الذي يشمل جميع الوحدات العسكرية التي شاركت فيه، ومن بينهم قوات الدعم السريع التي كانت تأتمر بأمر قائد الجيش، وتمت الجريمة داخل أرضهم التي احتمى بها المعتصمون.
ولفت عبد الرحمن إلى أن المؤتمر الصحفي الذي عقده المتحدث باسم الجيش شمس الدين كباشي في اليوم الثاني لفض الاعتصام، يدل على أن جميع أجهزة الدولة كانت على علم بما سيحدث ووافقت عليه.
وأوضح في المؤتمر أنهم أخذوا الإذن من النائب العام ورئيس القضاء لفض منطقة “كولمبيا” المتاخمة للحدود الاعتصام، وبعدها طال الفض جميع الاعتصام.
وأوضح أحمد بأن ما بث من مقاطع مصورة يؤكد تورط جميع الوحدات العسكرية التي ظهرت بالأزياء المختلفة لكافة هذه الوحدات.
وقال عبد الرحمن “إن هذا لن ينسينا ما حصل من فظائع وبربرية في قلب العاصمة الخرطوم”، وأردف قائلا: “العزاء الوحيد لكافة الشهداء في الثورة هو بلوغ دولة المؤسسات والحكم المدني الرشيد، لتحقيق العدالة لجميع لجميع السودانيين”، بحسب إفادته لـ “جبراكة نيوز”.
وبعد فض الاعتصام قالت منظمة “هيومان رايتس ووتش” الحقوقية، في تقريرها إن المجزرة التي ارتكبتها القوات الأمنية ضد المتظاهرين في السودان ترقى لأن تكون جرائم حرب.
أحدث التعليقات