جبراكة نيوز: منصور الصويم
إستقبلت أحياء الثورة بمحلية كرري في أمدرمان، يوم أمس الأربعاء، أكثر من عشر مقذوفات مدفعية، سقطت بشكل مباشر في الحارات “17”، و”19″، و”21″، وتسببت في مقتل ثلاثة مواطنين وإصابة آخرين وتدمير وتحطيم بعض المنازل.
المواطن إسماعيل علي محمد، من سكان الحارة 19، قال لـ”جبراكة نيوز”، إنه وأسرته واجهوا يوما كابوسيا أمس، حين وقعت دانة في إحدى الغرف الرئيسية بمسكنهم، ولولا إنهم خرجوا من الغرفة وانزوا في ركن بصالة المنزل لأصيبوا جميعا، ولربما ماتوا في لحظتها.
بعد تمكن الجيش السوداني من تحرير مقر الإذاعة والتلفزيون، ومنطقة أمدرمان القديمة، في مارس الماضي، انتشرت دعوات تطالب النازحين واللاجئين من أبناء المدينة إلى العودة من جديد، فالأمن مستتب، لاسيما في أحياء كرري “الثورات” التي ظلت خارج نطاق الحرب لنحو عام تقريبا، كما مثلت ملاذا آمنا للنازحين من الأحياء القديمة “أبوروف، الملازمين، المسالمة، الموردة..الخ” التي ظلت تشهد معارك طاحنة قبل سيطرة الجيش عليها.
ومنذ نهاية أبريل وبداية مايو الماضيين، بدأت أحياء الثورة وعموم كرري تشهد تدوينا عنيفا للدعم السريع المتمركز في مدينة بحري وجزيرة توتي. وفي نهاية الشهر الفائت حرك الجيش قوة كبيرة عبر بها كوبري الحلفايا، الرابط بين بحري وأمدرمان – كرري، في عملية وصفت بالأكبر منذ بداية الحرب، هدفت للقضاء على قوات الدعم السريع المتمركزة في بحري وإبطال قدراتها المدفعية المهددة لسكان أمدرمان والمنطقة العسكرية في وادي سيدنا.
المدفعجية
بحسب مصدر عسكري تحدث لـ”جبراكة نيوز” – فضل حجب اسمه – فإن الدعم السريع ترمي من وراء عمليات التدوين العنيف على مناطق كرري، إلى فرض ما وصفه بـ”الحصار المدفعي” على قوات الجيش المتمركزة بشكل كثيف في هذه المنطقة العسكرية، وبالتالي تحييدها أو إبقائها بعيدة عن المشاركة في أي معارك أخرى سواء داخل ولاية الخرطوم أو في ولايات أخرى.
المواطن اسماعيل علي محمد، أكد في إفادته لـ”جبراكة نيوز” أن مصدر القصف العنيف يوم أمس كان من جزيرة توتي التي تهيمن عليها الدعم السريع منذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل الماضي، وتعزل سكانها تماما عن العالم في حصار كامل.
وقال إسماعيل: فقدنا القدرة على التحمل. في كل يوم يزداد الأمر خطورة، بالأمس نجونا والحمدلله، لكن لا نعرف ما الذي سوف يحدث في يوم الغد والأيام المتتالية.
وأضاف: لا يمكننا وصف هذه القذائف بالعشوائية، لأنه من غير المنطقي أن تسقط جميعها في المناطق السكنية دون أن تصيب ولا واحدة منها المنطقة العسكرية إن كانت هي الهدف.. الأمر غير مفهوم بالنسبة لي، لكنا لن نبقى أكثر من هذا في أمدرمان.
مستشفى النو في كرري، وهو المستشفى الوحيد الذي يعمل بفاعلية في كل المنطقة، لم يسلم بدوره من التدوين العنيف، إذ تعرض أمس لقذيفة تسببت في مقتل المتطوع شرف أبو المجد أحد منسوبي كيان “غاضبون”، كما استقبل المستشفى أكثر 27 مواطنا تعرضوا لإصابات متفاوتة جراء القصف.
قصف عشوائي
أرجع المصدر العسكري، في حديثه لـ”جبراكة نيوز” “القصف العشوائي للدعم السريع”، إلى ما قال إنه قلة خبرة عسكرية لـ”مدفعجية” هذه القوات، التي لم تستخدم من قبل مثل هذه المدافع الثقيلة في حروبها السابقة، الأمر الذي يؤدي إلى خلل كبير في دقة التدوين ويتسبب في هذا الحجم من الخسائر وسط المدنيين.
إسماعيل علي، أكد أن الكثيرين من جيرانه بدأوا بالفعل في حزم أمتعتهم استعدادا للنزوح شمالا أو الخروج من السودان في رحلة لجوء محفوفة بالمخاطر. وقال إن بعض معارفه عادوا بالفعل من مصر أو من مدني بعد أن اجتاحها الدعم السريع، لكنهم باتوا الآن في وضع عصيب، فالموارد ضئيلة، ومعاودة السفر وإعادة التجربة عملية شاقة.. ولكن ما البديل؟
أحدث التعليقات