الخميس, مارس 13, 2025
الرئيسيةاخبار السوداناقليم دارفورتقرير: ناجون من نيران الحرب بالفاشر يروون معاناتهم مع الدعم السريع

تقرير: ناجون من نيران الحرب بالفاشر يروون معاناتهم مع الدعم السريع

جبراكة نيوز: فريق التحرير

بعد حصار دام قرابة الشهرين مع منع دخول أي سلعة إلى الفاشر عاصمة شمال دارفور، وشح كبير في السلع الاستهلاكية والوقود، مع قلة السيولة المالية، وتزايد القصف العنيف بواسطة قوات الدعم السريع على الأحياء المختلفة، لم يكن أمام السكان المدنيين من حل سوى محاولة الخروج من المدينة والنزوح إلى مكان آخر بحثا عن النجاة.

أنفال إبراهيم، إحدى مواطنات الفاشر، حكت لـ”جبراكة نيوز” تفاصيل محاولتها هي وآخرون الخروج من المدينة بعد تدهور الأوضاع المعيشية والأمنية.

قالت أنفال: “كنا مجموعة تتشكل من أربع عائلات، خرجنا من الفاشر على متن أربع سيارات (لاندروفر، بيكانتو، تويوتا، وآكسنت دبدوب)، لكن بعد اقتربنا من الوجهة المقصودة عرفنا أن أفراد الدعم السريع موجودين بالمنطقة، فاضطررنا إلى تغيير الطريق، بيد أن الأمر لم يستغرق أكثر من خمس دقائق إلا وكان أفراد القوة التابعة للدعم السريع يحيطون بنا”.

الأرض المحروقة

خبير عسكري تحدث لـ”جبراكة نيوز” – فضل حجب اسمه – ذكر أن الدعم السريع بعد فشلها في اقتحام مدينة الفاشر منذ اندلاع حرب الخامس عشر من أبريل العام الماضي، لجأت إلى استخدام ما وصفها بسياسة الأرض المحروقة، إذ اعتمدت على التدوين المدفعي العنيف الموجه بشكل مباشر إلى الأحياء السكنية، كما وزعت القناصين المتسللين إلى الداخل على المباني العالية بهدف رصد أي تحرك والقضاء عليه فورا، وإن كان الهدف من المدنيين.

أنفال واصلت سردها وقالت إن القوة التي أحاطت بهم كان قوامها حوالي أربعين فردا يرتدون زي الدعم السريع عدا قائدهم الذي كان يرتدي “بدلة اشتراكية”، وكانوا جميعهم يحملون الأسلحة.

وأردفت بالقول: اقتربوا منا وخاطبنا أحدهم قائلا (تعالوا هنا يا طوابير يا، قايلننا ما شفناكم؟). ثم وجه حديثه لقائدهم وهو يشير إلى إحدى السيارات (العربية دي سمحة نشيلها). وبعدها عاد وخاطبنا مرة أخرى: (كان عادي ممكن نقتلكم كلكم لكن عشان الشفع ديل بس… انزلوا تحت).

قالت أنفال: كدنا نموت من الخوف والرعب وفرد الدعم السريع يقترب من قائد العربة اللاندروفر ويطلب منه النزول منها وفتح الباب الخلفي الذي كان يقبع وراءه الأطفال وبعض النساء.

حرق القرى

الناشط “خ. أ” أحد مواطني الفاشر، أوضح لـ”جبراكة نيوز” أن حرق القرى غرب المدينة دفع سكانها إلى النزوح إلى الداخل، كما أضطر سكان شمال وشمال شرقي الفاشر للنزوح إلى الناحية الجنوبية والجنوبية الغربية بسبب القصف المدفعي العنيف على مناطقهم السكنية، مشيرا إلى أن هذا الوضع شكل ضغطا كبيرا على المستشفى الجنوبي الوحيد الذي ظل يعمل بعد خروج بقية المرافق الصحية من الخدمة، كما تفاقمت أزمات المياه والغذاء نتيجة للتكدس السكاني الكبير.

تواصل أنفال في حكي تجربتها المرعبة، هي وبقية العوائل بعد أن استوقفتهم القوة التابعة للدعم السريع، وتقول: أنزلوا الجميع أرضًا وبدأوا التفتيش داخل السيارات عدا الأخيرة التي لم تتوقف بالكامل حتى أسقطوا السائق أرضًا، وأخذ اثنان منهم يتصارعان على السيارة ويقول كل واحد منهما أن السيارة له.

وتضيف: سقط السائق أرضا وأنزل زوجته وأطفاله الخمسة، تاركين كل ممتلكاتهم بالسيارة. أما بقية أفراد القوة فشكلوا حلقة حولنا وأخذ أحدهم يردد (كلكم طوابير، شفناكم يا كلاب، طلعوا العندكم سريع)، في حين يقاطعه آخر بالقول: (صفيهم بس خلونا نصفيهم هسي كلهم فلول) فيجاوبه الأول: (لا ديل حريم، خلوهم يطلعوا حاجاتهم بس) وكان يقصد أننا لو أردنا النجاة فعلينا أن نخرج كل ما نملك من مال وحلي ذهبية وهواتف.

قذائف مميتة

الناشط “خ, أ” يقول في إفادته لـ”جبراكة نيوز” أن الدعم السريع ارتكبت انتهاكات جسيمة في مدينة الفاشر، الشيء الذي دفع سكانها العزل للبحث عن أماكن آمنة بعد أن تحولت المدينة إلى خرابة أينما تجد الإنسان فيها تجد القذائف المميتة التي تقتل في المرة الواحدة عائلة كاملة وتهدم منزلين أحيانًا، حسبما قال.

قالت أنفال، وهي تستعيد في ألم تجربتها مع أفراد الدعم السريع، إن أحدهم اقترب منها ومن الفتيات الأخريات وحاول انتزاع حقيبتها منها بالقوة مستخدما سكينا جرحها بها على يدها، وأخذ يصرخ في وجهها: (نحن مفروض نصفيكم كلكم هنا.. بس خليناكم عشان الشفع ديل)، قال ذلك وهو  يشير إلى الأطفال المرتعبين بين أيدي أمهاتهم.

وتابعت: بعد أن أخذوا السيارات الأربعة معهم بما فيها من ممتلكات وبعد أن سلبوا المال والهواتف من جيوب من معنا من رجال وجلدوهم بالسياط، تحركوا إلى الاتجاه الذي اتوا منه، ثم توقفوا بعد مسافة قصيرة وتركوا سيارة (البيكانتو) لأنها قصيرة وستوحل في الرمال, – حسب قولهم – ثم عادوا مجددا للنساء ليقول أحدهم (قوموا فوق بفتشكم كلكم).

أضافت أنفال: نهضنا خائفات مستعدات للتفتيش، إلا أننا سمعنا قائدهم يحادث من أمرنا بالوقوف ويقول له: (ديل حريم، خلوهم ما تفتشوهم).. نعم تركونا، لكن بعد أن أخذوا كل ما نملك عدا الهواتف التي خبأناها بين طيات ثيابنا!

الناشط “خ, أ” يواصل في إفادته لـ”جبراكة نيوز” ويقول: منذ اندلاع الحرب حتى الآن تقوم قوات الدعم السريع بقفل الطرق وتقوم المليشيات المتعاونة معها بحراسة المسافرين مقابل دفع المال.

ويضيف: قبل أسبوع في طريق مليط اختطفت مليشيا الحراسة سيارة المسافرين الذين دفعوا ثمن الحراسة سلفًا وقاموا بجلدهم ونهب ممتلكاتهم والسيارة وتركوهم في الطريق يواجهون مصيرهم المجهول.

هروب في الرمال

أما التاجر محمد عمر فيروي لـ”جبراكة نيوز” واقعة مطاردتهم من قبل قوات الدعم السريع ويقول: كنا على متن أربع سيارات محملة بالبضائع حين وقعنا في كمين نصبه عناصر من الدعم السريع بين منطقتي خزان جديد وشتقل طوباي.

ويضيف: بسبب الظلام الدامس وكثرة الأصوات المتحدثة لم أستطع التعرف على المهاجمين، إضاف إلى انشغالي وقتها بالبحث عن طريقة للهرب وترك البضاعة لهم.

وأردف بالقول: أثناء توجيهم أبشع الألفاظ إلى مجموعتنا، لكزت صديقي ود الطيب وقررنا الفرار وفي لحظة غفلة وجدونا نقطع الطريق الرئيسي تجاه الوادي ثم إلى الغابة ولم نتوقف حتى رأينا أضواء قرية لم نعلم ما هي لكن لا مجال للركض أكثر وقد جفت شفاهنا من العطش وضاق صدرنا من طول المسافة في الرمال تارة وبين الغابات تارة أخرى ولا ندري ما حدث للبقية حتى التقيناهم في القرية لنعلم أن إحدى السيارات تعطلت وتركوها في الطريق.

“تظل الحرب تعرك الجميع كالرحى، ونظل نستبق المليشيات والزمن لتوفير السلع تحت هذا الوضع المعقد.. ولنا الله”. قالها عمر خاتمًا حديثه لـ””جبراكة نيوز”.

المقالات ذات الصلة
- Advertisment -

الأكثر قراءة

أحدث التعليقات