الأربعاء, مارس 12, 2025
الرئيسيةالرياضةتقرير: بعد لجوء المنتخب إلي تنزانيا.. هل تسهم كرة القدم في إنهاء...

تقرير: بعد لجوء المنتخب إلي تنزانيا.. هل تسهم كرة القدم في إنهاء حرب السودان؟

جبراكة نيوز: مهند مرشد

بعد 27 عاما من الاستمرارية والاستقرار اضطر الاتحاد السوداني لكرة القدم إلى اللجوء لدولة تنزانيا بهدف تنظيم بطولاته القومية، بعدما بات من المستحيل خوض المنافسات داخل السودان الذي يشهد حربًا دامية بين الجيش وقوات الدعم السريع لأكثر من عام.

نظمت أولى دورات الدوري الممتاز لكرة القدم في العام 1996، خلفا لدوري السودان الذي أسس في العام 1965، وتوقف في سنة 1995، وظل مستمرًا طوال هذه السنوات، لم يتوقف نشاطه قط إلا أن الحرب السودانية نحجت في تعطيله لأكثر من عام.

ويعد الممتاز الذي ينظمه الاتحاد السوداني لكرة القدم، أهم نشاط رياضي في السودان، ويوليه الجمهور الرياضي السوداني اهتمامًا بالغًا. ويتنافس فيه 18 فريقا، يلعب كل فريق 36 مباراة ذهابًا وايابًا.

ويؤهل التنافس أول فريقين لدوري أبطال إفريقيا، بينما يتأهل الثالث للكونفدرالية الأفريقية في العام التالي، ويهبط في الترتيب أدنى ثلاثة فرق لدوري الدرجة الأولى.

وأوقفت الحرب في السودان جميع المنافسات المحلية لكرة القدم، بجانب توقف آلاف الوظائف للعاملين في القطاع الرياضي، بينهم إداريين، وموظفي الاتحادات، والعاملين في الأجهزة الفنية وعلى رأسهم المدربين، وكذلك فقد كثير من الصحفيين وظائفهم. وكان الدوري الممتاز ينعش حركة الاقتصاد المحلي للمدن التي تشارك في مبارياته التنافسية.

إيقاف الحرب

وقال الصحافي الرياضي عمر رنقو لـ”جبراكة نيوز”، إن الفن والرياضة من النشاطات التي يتفق عليها السودانيون بشكل جمعي وتوحدهم بمختلف أعراقهم وانتماءاتهم وتوجهاتهم السياسية.

وأوضح رنقو أن توقف الدوري الممتاز أثر على النشاط الكروي ومشاركة الأندية السودانية في بطولاتها الأفريقية، وقد لجأ الاتحاد العام لعمل بطولة السوبر السوداني ليجنب السودان حرمان المشاركة في الدوري الإفريقي.

ويرى رنقو أن النشاط الكروي في السودان إذا استمر كان سيسهم في تخفيف آثار الحرب والنزوح من نفوس السودانيين.

ولفت إلى أن توقف الدوري الممتاز له عواقب وخيمة على الأندية والمنتخب القومي، وكان من الأجدى استمراره لتقوية المنتخب لخوض تصفيات كأس العالم.

وقال إنه كان بالإمكان أن تلعب في وقت سابق مباريات الدوري الممتاز داخل بعض مدن السودان الآمنة حينها، وكان من الممكن أن تكون فرصة تسهم في إيقاف الحرب ذاتها، والتخفيف من مضارها.

وأشار إلى أن الخطاب الذي ألقاه ديديه دروغبا قائد منتخب ساحل العاج في تصفيات بطولة كأس العالم عام 2005، الذي أسهم في إيقاف الحرب ببلاده، وكان خطابه في نادي المريخ السوداني بعد فوزهم على منتخب السودان.

لقد قال دروغبا: “يا رجال ونساء ساحل العاج، في الشمال والجنوب والوسط والغرب، أثبتنا اليوم أن بإمكان العاجيين أن يتعايشوا في سبيل هدف مشترك إلا وهو التأهل لكأس العالم، ووعدناكم بأن الاحتفالات ستوحد الشعب واليوم نلتمسكم يجب ألا ينحدر بلدنا الإفريقي الغني إلى حرب أهلية، أرجوكم، ألقوا أسلحتكم وأجروا انتخابات”.

متنفس ومتعة

وتعد رياضة كرة القدم جزءا لا يتجزأ من حياة ملايين السودانيين، ويجدوا فيها متنفسًا ومتعة، وتسهم في وحدتهم.

قال المهتم بكرة القدم عز الدين عثمان إن الدوريات التنافسية التي كانت تقام في السودان كانت تقرب بين السودانيين المختلفين بألوانهم وتوجهاتهم، وتزيد من الروابط الاجتماعية، وتصاحب دائمًا الأنشطة الكروية أخرى ثقافية وفنية واجتماعية.

وأردف: “الأندية كلها بكتبوا في لافتاتها نادي كذا للتربية الرياضية”، في إشارة إلى أن العملية الرياضية في ذاتها عملية تربوية، وتنمي روح الانتماء وسط اللاعب والمشجعين للفريق، لا لجهة أخرى إثنية أو جهوية، سياسية.

وفي حديث عثمان لـ”جبراكة نيوز”، عن توقف الأنشطة الرياضية عرج إلى أن نجوم الرياضة والفن لديهم تأثير على الرأي العام وكرة القدم كان من الممكن عبر نجومها السودانيين أن تساعد في تعميم خطاب وقف الحرب في السودان.

وتمنى عز الدين أن تتوقف الحرب ويمضي أبناء السودان في بناء بلدهم من جديد بشكل أفضل مما سبق، وأن يوظف الفن والرياضة لخدمة الإنسان السوداني واستقراره في سلام.

خراب ودمار

مدرب كرة القدم الذي عمل في عدد من أندية الممتاز، والحاصل على الرخصة A الأفريقية حسن الحبوب قال لـ”جبراكة نيوز”، إن الحرب أثرت على كافة القطاعات، والرياضة أيضًا طالتها الحرب وعطلت مسيرها، والآن لا يمكن إقامة أي دوري كروي ولا منشط رياضي في مدن السودان التي بلغتها الحرب معظمها أو على وشك من بعضها. لافتًا إلى أن السوبر السوداني لم يجد الاتحاد العام مكانا لقيامة إلا باللجوء إلى خارج البلاد دولة تنزانيا.

وتابع الحبوب أن جميع الأندية السودانية اعتذرت عن المشاركة باستثناء ثلاثة فرق فقط لديهم إمكانيات مادية تمكنهم من المشاركة وهم أندية القمة الهلال والمريخ بالإضافة لنادي حي الوادي. مرجعًا أسباب الاعتذار إلى أن الأندية تواجهها معضلة توفير احتياجات تسير نشاطها الكروي والإداري. إلى جانب تشتت اللاعبين والإداريين والمدربين للفرق في الدول المختلفة بين لاجئ ومهاجر.

وأبدى الحبوب حسرته لما طال القطاع الرياضي من خراب ودمار لبنية الأندية والملاعب بفعل الحرب الجارية.

وانتقد الحبوب خطوة لجؤ الاتحاد السودان لكرة القدم لإقامة دوري السوبر خارجيًا، وفضل أن يقام في السودان، ووصف أن هذا الدوري لا طعم له خارجيًا.

وكشف الحبوب عن أن كثيرا من لاعبي الممتاز ينتسبون للقوات النظامية والآن يتقدمون صفوف القتال، بدلا من ساحات الملاعب. وأردف بالقول: “كثير من اللاعبين السودانيين فقدوا أهلهم ومأواهم، وأموالهم”.

وأوضح أن العودة للملاعب تحتاج إعادة تأهيل نفسي أولاً للاعبين والمدربين لامتصاص صدمات الحرب التي تعرضوا لها وإعادتهم للوضع الطبيعي، ثم يأتي التأهيل البدني لاحقًا.

وأضاف أن الدوري الممتاز كان حدثا يعكس حالة الأمن والسلام لما يشمله من بعد اجتماعي وثقافي ورياضي، مؤكدا أن العودة لممارسة النشاط الكروي عمومًا والدوري الممتاز خصوصًا أمر في غاية الصعوبة ويحتاج إلى معالجات كثيرة.

الحرب المشتعلة في السودان منذ أكثر من عام بين الجيش وقوات الدعم السريع، عصفت بالبنية التحتية للبلاد بشكل عام. وأوقعت على المرافق الرياضية السودانية أضرارًا في مبانيها، وتعرضت لأعمال نهب وتخريب، وتحول بعضها لمقار عسكرية.

ورغم كل الخراب الذي لحق بالبلاد في جميع قطاعاتها يظل الأمل موجودًا وسط السودانيين بأن تتجاوز البلاد محنتها الكبرى، وتعود الحياة إلى أفضل من سابق عهدها.

 

المقالات ذات الصلة
- Advertisment -

الأكثر قراءة

أحدث التعليقات