تقرير: جبراكة نيوز
عيسى دفع الله
سامية محمد نازحة “30 عاما” من مدينة سنجة بولاية سنار تعرضت للنهب والضرب في كوبري مدينة الدندر من قبل قوات الدعم السريع التي جاءتهم متنكرة بزي قوات الجيش خلال رحلة نزوحهم برفقة أسرتها المكونة من (6) أفراد.
تسرد سامية قصتها لـ”جبراكة نيوز” وتقول: عندما اقتربت قوات الدعم السريع في كوبري الدندر ارتدى الجنود الكدمول وبدأوا في نهبنا وتجردينا من الأساور الذهبية والهواتف والأموال وكل ما غلى ثمنه، حتى الحلق الذي كنت ارتديه في أذني نهبه الدعامة”.
وقالت سامية إنها لم تأخد معها أي شيء لضيق الوقت. ووصفته الرحلة بأنها كانت قاسية، فالطريق وعرة والأمطار هطلت بكثافة مما زاد من معاناتهم، لكنها قالت إن تعامل الأهالي على طول الطريق ودعمهم بالمأكل والمشرب ساعدهم في تخفيف المعاناة.
وأضافت إنها وصلت إلى القضارف بسلام بعد رحلة نزوح شاقة لتبدأ معها قصة أخرى من الألم، فهي وأسرتها يمكثون الآن في السوق الشعبي بالمدينة وتصلهم بعض الوجبات من الخيرين والمنظمات الطوعية إلى حين انتهاء “مسلسل المهزلة والأهانة الشاملة” مثلما قالت.
(55) ألف نازح
ووفق آخر تحديث لمكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في السودان «أوتشا» مطلع الأسبوع الحالي، فر أكثر من 55 ألف شخص من مدينة سنجة مع امتداد النزاع إلى ولايات شرق السودان.
وأفاد «أوتشا» بأن العاملين في المجال الإنساني بولاية القضارف يخططون لتوفير مواد غذائية تكفي لتلبية احتياجات أكثر من 50 ألف نازح من سنار.
ووفق «أوتشا» يجري نزوح المدنيين من سنار في الوقت الذي تقوم فيه حكومات الولايات في كسلا والقضارف والبحر الأحمر بإعادة فتح المدارس ونقل النازحين من بعضها إلى مبان مدرسية أخرى ومواقع للتجمع.
بدورها توقعت «مفوضية العون الإنساني» بالقضارف فرار أكثر من 130 ألف من كل مدن ولاية سنار، ويشمل ذلك 80 ألفاً لجأوا سابقاً إلى الولاية من ولايات الخرطوم والجزيرة وكردفان ودارفور منذ اندلاع الحرب في البلاد قبل 14 شهراً.
انسحاب الجيش
واقع سامية هو ما تعيشه أغلب الأسر السودانية التي نزحت من منازلها وتركت كل شيء خلفها على أمل العودة في أقرب وقت قبل أن تفطن إلى إنها رحلة غير معلومة الميقات مع تمدد الحرب السريع، فقبل أن يستجم النازحون في المدن الجديدة التي وصلوا إليها تصلهم نيران الحرب التي تطاردهم بأدوات قتل فتاكة ينسحب معها جنود الجيش لتبدأ معها رحلة جديدة من المشقة والتعب بين أهل المدينة ونازحيها في انتظار متى تضع الحرب اوزارها.
أكاذيب الإعلام
عثمان العبيد، “50 عاما” من مدينة سنجة نزح مع أسرته “12 فردا” في اليوم الثاني بعد سيطرة قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها على المدينة.
يقول إنه كان ضحية لأكاذيب إعلام الجيش الذي كان يفند سيطرة الدعم السريع على المدينة ويبشرهم بأنها “8” سيارات تسللت إلى داخل المدينة وتم دحرها، بيد أن الواقع – حسب العبيد – يكذب ذلك ويقول إن الدعم السريع منذ اليوم الأول سيطر على المدينة وقبل أن يكتمل انسحاب الجيش بدأ في نهب المنازل وتجريد المواطنين من ممتلكاتهم وارتكاب الانتهاكات ضدهم ودمغهم بفلول النظام البائد وأعوان الجيش.
ويضيف إنه بعد رحلة نزوح رفقة الأطفال وكبار السن وصل إلى كسلا بسلام في انتظار ترتيب أوضاعه للمغادرة لخارج السودان قبل أن تصلهم الحرب التي قال إنها باتت تهدد كل المدن الآمنة.
انقطاع الاتصالات
انقطاع شبكات الاتصالات عن مدن ولاية سنار التي اجتاحها الدعم السريع زاد من معاناة الأهالي الذين ضاقت بهم الطرقات خلال رحلة نزوحهم شرقا نحو الفاو والقضارف وكسلا وجنوبا تجاه الدمازين، وانقطعت مئات الأسر عن التواصل مع ذويهم مثل الباحث النفسي أسعد الطيب الذي نزحت أسرته من مدينة سنار تجاه القضارف لنحو ثلاثة أيام مما جعلهم يعيشون في ظروف نفسية صعبة قبل أن يتمكن من التواصل معهم من إحدى قرى محلية الفاو بولاية القضارف.
ودشن عدد من الناشطبن على مواقع التواصل الاجتماعي حملات مكثفة للبحث عن مفقودين، مصحوبة بصور ومعلومات كاملة نشرها أقاربهم، فيما لا يزال مصير أعداد كبيرة منهم مجهولاً.
إيقاف الحرب
الناشط الإنساني بمدينة كسلا علي عمر، يقول إن مدينة كسلا استقبلت مئات الأسر القادمة من ولاية سنار وتم تحديد عدد من الأماكن لإيوائهم غير أن شح الموارد أحد عوائق إكرام ضيوف الولاية.
ويؤكد علي، في افادته لـ”جبراكة نيوز” إن تكلفة حماية المدن اقل بكثير من تكلفة النزوح، مضيفا أن لا حل يلوح في الأفق غير إيقاف الحرب.
بكاء الأطفال
تفاصيل مؤلمة سردها ابن مدينة الدندر الصحفي عبدالرؤوف طه، عن الفارين من مدن سنار وسنجة والدندر باتجاه ولاية القضارف شرقي السودان، مشيرا إلى بكاء الأطفال من الجوع الذي وصفه بأنه “يقطع القلب”. ووجه عبدالرؤوف نداءً عاجلًا لإنقاذ الفارين.
700 ألف نازح
بدوره كشف حاكم إقليم النيل الأزرق، أحمد العمدة بادي، عن استقبال أكثر من 700 الف نازح، فيما أكد استقرار وهدوء الأحوال الأمنية. وقال إن الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة والجيش الشعبي عين ساهرة لحماية الإقليم.
تمدد الدعم السريع
في كل صباح يتفاجأ الناس بسيطرة قوات الدعم السريع على مدن جديدة في تمدد لم تشهده الحرب طيلة شهورها الـ”15″ السابقة ما ينذر بكارثة حقيقية مع ازدياد أعداد النازحين واللاجئين واستمرار انسحاب الجيش الذي لا يعلم احد متى يتوقف وما أسبابه ودوافعه رغم تصريحات قيادة الجيش بالاستمرار في الحرب واسترداد المدن التي في حوزة الدعم السريع الأمر الذي يناقضه الواقع بتوسع رقعة سيطرة الدعم السريع كل يوم جديد مع بداية الخريف.. ويبقى السؤال متى تتوقف الحرب لينتهي معها مسلسل الانسحاب والنزوح.
أحدث التعليقات