جبراكة نيوز: تقرير- عيسى دفع الله
يبدو أن الإدارة الأمريكية عقدت العزم على وضع حد لحرب السودان التي قضت على الأخضر واليابس وحولت حياة السودانيين إلى كارثة حقيقية ومازالت تتمدد كل صباح لمنطقة جديدة.
ومنذ أبريل من العام الماضي كانت أمريكا حاضرة في أول مباحثات لوقف إطلاق النار بمنبر جدة الذي تمخض عنه توقيع إعلان لانسحاب قوات الدعم السريع من الأعيان المدنية ومنازل المواطنين وفتح المسارات الإنسانية بيد إنه لم ير النور ولازمه الفشل والاتهامات المتبادلة بين طرفي الصراع.
إعلان الإدارة الأمريكية عن منبر جديد في سويسرا ودعوتها للمتحاربين للحضور منتصف أغسطس المقبل يطرح عددا من الأسئلة عن جدوى التوقيت وهل هي رغبة حقيقية لإيقاف الحرب أم مجرد كرت انتخابي لتحسين موقف الديمقراطين بعد انسحاب الرئيس جو بايدن وتراجعهم في استطلاعات الرأي العام في سباق الانتخابات وتلويح ترامب بقدرته على إيقاف الحروب في العالم بمجرد مكالمة منه.
وحسب مراقبين فإن أمريكا بعد أن أعلنت عن منبر سويسرا الجديد بقيادة وزير خارجيتها أنتوني بلينكن، وسفيرتها في الأمم المتحدة لندا توماس، ترغب فعلياً في إيقاف الحرب قبيل بدء الحملة الانتخابية وتبيض ماء وجهها امام الرأي العام الأمريكي.
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع في السودان في منتصف أبريل 2023، طرحت أطراف دولية وإقليمية تسع مبادرات لوقف الحرب، لكنّها لم تنجح حتى الآن في حل الأزمة، حيث أدّى النزاع إلى مقتل عشرات الآلاف وتسبب بأزمة إنسانية كبيرة.
منبر جديد
دعت الولايات المتحدة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للمشاركة في محادثات لوقف إطلاق النار بوساطة أمريكية في أغسطس المقبل في سويسرا.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في بيان، إنّ المحادثات ستضم الاتحاد الإفريقي ومصر والإمارات والأمم المتحدة بصفة مراقب، مضيفاً أنّ السعودية ستشارك في استضافة المناقشات.
وأوضح بلينكن أنّ المحادثات “تهدف إلى تحقيق وقف العنف في جميع أنحاء البلاد، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع من يحتاجون إليها، ووضع آلية مراقبة وتحقّق قوية من أجل ضمان تنفيذ أيّ اتفاق”.
خطوة مهمة
قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، أعرب عن ترحيبه بالمفاوضات التي ستجرى في سويسرا وأكد استعداده لمشاركة قوات الدعم السريع في تلك المفاوضات.
ورحب حميدتي، يوم الثلاثاء بالدعوة التي وجهها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لإجراء مفاوضات سلام بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث ستتوسط الولايات المتحدة فيها، ومن المقرر أن تبدأ في 14 أغسطس المقبل في سويسرا.
وأعلن حميدتي رسميًا على حسابه في منصة (إكس) قبوله للدعوة، موضحًا أن ما حثه على ذلك هو سعيه لإنقاذ الأرواح، ووقف العنف، وتهيئة الشروط اللازمة للتوصل إلى حل سياسي تفاوضي سلمي يعيد البلاد إلى الحكم المدني ويدعم مسار التحول الديمقراطي.
كما أعرب حميدتي عن استعداده للتعامل مع المحادثات بشكل بنّاء، مشيراً إلى أنها تعتبر خطوة مهمة نحو تحقيق السلام والاستقرار وتأسيس دولة سودانية جديدة تعتمد على العدل والمساواة والحكم الفدرالي.
لماذا الآن؟
القيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل إبراهيم الميرغني، قال إن إدارة الرئيس جو بايدن، تأخرت كثيرًا في وضع ثقلها الحقيقي لأجل وقف الحرب السودانية في الأيام والأسابيع والشهور الأولى.
وأضاف الميرغني، إنه برغم الترحيب الواسع بالجهود الأمريكية المتمثلة في مبادرات وقف إطلاق النار المتعددة ومفاوضات منبر جدة إلا أنها كانت جهود خجولة لم تستخدم فيها الولايات المتحدة القدر الكافي من الضغط الدبلوماسي والسياسي الذي كان يمكن أن يقود إلى وقف الحرب قبل أن تتسع دائرتها عندما كانت المعارك تدور في شوارع الخرطوم وقبل أن تتمدد لأقاليم السودان البعيدة والمترامية.
وتساءل الميرغني، لماذا الآن اهتمام أمريكا بالملف السوداني؟ وأضاف حتى إنها لم تعلن عن الأطراف التي تسببت في اختراق هدنها وانهيار مفاوضاتها بل اكتفت بعقوبات الخزانة الامريكية (جهد المقل) الذي لا ينفع ولا يضر كنوع من رفع العتب وإبراء الزمة.
ورأى الميرغني، إن الادارة الديمقراطية ترمي اليوم بكل ثقلها في المفاوضات التي أعلن عنها في منتصف أغسطس المقبل متمثلة في وزير خارجيتها انتوني بلينكن وسفيرتها الأممية ليندا توماس، الأمر الذي يدفع بالسؤال لماذا الآن؟ وهل للأمر علاقة بدعم حملة المرشحة الديمقراطية كمالا هاريس، وقطع الطريق على دونالد ترامب الذي قال قبل أيام: أنا قادر على إيقاف الحروب بمكالمة هاتفية.
وتساءل الميرغني، بقوله هل سيستجيب طرفا الصراع القوات المسلحة والدعم السريع ودول الإقليم الرئيسية السعودية والإمارات ومصر للضغوط الأمريكية في هذا التوقيت أم إنهم سيفضّلون الانتظار حتى يدخل البيت الأبيض سيدة أو سيد جديد يمكن التعامل معه بمداخل ومقاربات مختلفة عما هو متاح الآن.
وأضاف حتى منتصف أغسطس القادم تبقى آمال أهل السودان معلقة بأي حل ينهي هذه الكارثة ويوقف هذا الموت والخراب والدمار.
بناء الثقة
رئيس تجمع قوي تحرير السودان وعضو مجلس السيادة الانتقالي السابق الطاهر حجر، رأى دعوة الحكومة الأمريكية بأنها تعد أمرًا إيجابيًا ومهمًا لبناء الثقة بين الأطراف المتنازعة في السودان.
وقال حجر، إن إشراك المراقبين من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والدول الإقليمية في المباحثات سيساعد على تحقيق شفافية العملية وضمان الحياد والموضوعية. الأمر الذي قال من شأنه أن يعزز مصداقية أي اتفاق مع ضمان تنفيذه.
وأضاف حجر، نأمل أن تنتج عن المباحثات اتفاقًا شاملاً لوقف إطلاق النار، الذي سيهيئ الأرضية المناسبة للمفاوضات السياسية التي من شأنها إيجاد حل دائم للأزمة في السودان.
وقال إن إنهاء الحرب واستتباب السلام في السودان أمر حيوي لإنقاذ الأرواح وإعادة إعمار البلاد وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
وتمنى حجر، ان أن تنجح المفاوضات في إحراز تقدم ملموس وأن تؤدي في النهاية إلى تحقيق السلام المستدام في السودان.
استغلال الفرص
الأمين العام للتحالف الديمقراطي للتحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية مبارك أردول، دعا الجيش السوداني لقبول الدعوة المقدمة من الخارجية الأمريكية للتفاوض في جنيف، حول المسارين الأمني والإنساني فقط. وأضاف أردول، إنها فرصة لا ينبغي تضيعها تحت أي مبررات، الأجندة المطلوبة في مسار التفاوض الأمني واضحة ومعروفة فالتهيب من المنابر لن يفيد.
وقال: الوصول لوقف إطلاق نار شامل يجب أن يشمل ضمن موضوعات أخرى جميع الأطراف المتقاتلة في الميدان فليست الحرب حاليا بين القوات المسلحة والدعم السريع وحدهما، فهنالك حركات أيضا تخوض الحرب من نواحي متعددة، ينبغي على الوسيط الأمريكي أن يوصل جميع البنادق لطاولة التفاوض وفي مرحلة ما يحتاج أن يوائمها مع اتفاقية جوبا أيضا، مشيرا إلى أن صمت جميع البنادق وإلى الأبد في منبر تفاوضي سيؤسس لإجراءات سياسية جديدة ومختلفة عن سابقاتها.
وأردف أردول، إن الوضع الانساني لا ينتظر من ناحية فهنالك حالات سوء التغذية بدأت وسجلت حالة وفاة من الجوع في جنوب كردفان، منوها إلى أن تدارك المشكلة بشكل سريع أيضا استغلالا للمنبر، مشددا على ضرورة التمسك بإعلان جدة الذي قال إنه لا يلغي المشاركة في جنيف، ويمكن استغلال منبر جنيف لكي يضع له مصفوفة تنفيذ واضحة المعالم والمواعيد والالتزامات وقابلة وملزمة التنفيذ سيما طرفي الوساطة حاضرين في جنيف.
أحدث التعليقات