الخميس, مارس 13, 2025
الرئيسيةتقاريرتقرير: حرب السودان.. سلاح الجو هل ينجو من عاصفة الانتقادات؟

تقرير: حرب السودان.. سلاح الجو هل ينجو من عاصفة الانتقادات؟

 

جبراكة نيوز: فريق التحرير

في ظل احتدام الحرب الدائرة في السودان منذ أكثر من 500 يوم تصاعدت خلال الأيام الماضية وتيرة الغارات الجوية التي يشنها الطيران الحربي التابع للجيش، على المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في عدد من الولايات، إلا أنها أوقعت أضرارا بليغة على المدنيين، إثر استهدافها أماكن مأهولة بالسكان، مما أسفر عن عشرات الضحايا بين قتيل وجريح.

الأربعاء الماضي، جدد الطيران الحربي قصفه على منطقة شعيرية بولاية شرق دارفور، مما ألحق أضرارًا ببعض المحال التجارية في السوق دون وقوع خسائر بشرية، وفق شهود عيان، كما نفذ الجيش في ذات اليوم هجومًا بطائرات مسيرة تابعة له، استهدفت سوق الجيلي الكبير الواقع في الريف الشمالي لمدينة بحري بولاية الخرطوم، وأسفر الهجوم عن مقتل 12 مواطنًا، حسب ما أعلنت لجان أحياء بحري، وكان ذلك الهجوم الثاني خلال الشهر الجاري على الريف الشمالي.

وكانت مدينة الضعين عاصمة ولاية شرق دارفور، من ضمن المناطق التي قصفت مرتين خلال اسبوع واحد من قبل الطيران التابع للجيش السوداني، الأول استهدف مستشفى المدينة الرئيسي مما أودى بحياة 15 شخصًا بينهم أطفال ونساء مع عشرات الإصابات، ودمر أجزاء كبيرة من المستشفى، وتجدد القصف صباح الأحد من الأسبوع الجاري، ما أحدث تدميرا جزئيا في مكتب الصحة والاحصاء دون وقوع ضحايا بشرية، وفق شهود عيان.

قصف ممنهج

من جهتها، اتهمت قوات الدعم السريع طيران الجيش بتنفيذ عمليات قصف ممنهج بلغ أكثر من 27 طلعة جوية خلال الاسبوع الماضي، محدثًا دمارًا كبيرًا في البنية التحتية والمرافق العامة والخاصة شملت الأحياء السكنية، المستشفيات، الأسواق، محطات المياه، المدارس، الكباري، دور العبادة، وحظائر الماشية.

وبحسب بيان قوات الدعم السريع الجمعة الماضية، شملت المناطق التي استهدافها الجيش بتنفيذ غارات جوية ولاية الخرطوم وولايات بإقليم دارفور وولاية الجزيرة ومنطقة بابنوسة في ولاية غرب كردفان، وولاية سنار وأسفرت الهجمات عن مقتل العشرات من المواطنين والكثير من الجرحى.

ولم يصدر الجيش تعليقًا رسميًا لتوضيح تفاصيل الهجمات التي شنها على مناطق متفرقة من البلاد، وتسببت في خسائر بشرية ومادية بين المدنيين.

جهة محايدة

في 24 يونيو الماضي نشر المرصد المركزي لحقوق الإنسان – السودان، تقريرًا عن ما وصفها بانتهاكات الطيران الحربي التابع للجيش السوداني، ووثق فيها للغارات الجوية للجيش، التي وقعت في 10 ولايات سودانية كان لولاية الخرطوم النصيب الأكبر بواقع 200 غارة وتلتها ولاية شمال دارفور 16 غارة وجنوب دارفور 10 غارات، وأسفرت عن حوالي 450 قتيلا من المدنين ودمارا للبنية التحتية ونفوقا للماشية.

ولفت التقرير إلى أن مطار الخرطوم الدولي تدمر نتيجة للاشتباكات بين طرفي النزاع بالقصف المدفعي والجوي، والقصر الجمهوري الواقع في منطقة ملتهبة تعرض لتدمير واسع جراء الغارات المتكررة، ومن المناطق التاريخية أيضًا التي دمرت بسبب القصف الجوي والأرضي جامعة الخرطوم، ومباني دار الوثائق القومية ومتحف السودان القومي.

تأثير الهجمات

أدى القصف المتكرر لطيران الجيش لتدمير الكثير من المنشآت العامة والحيوية في البلاد وكذلك دمرت مئات المنازل الخاصة بالمدنيين، وتسببت في وقوع الكثير من الضحايا بين قتيل وجريح. ويعرب أهالي المناطق التي استهدفت عن قلقهم من تكرار الهجمات الجوية على مناطقهم، ويطالبون بوقف الهجمات الجوية والمدفعية لطرفي الصراع على المناطق السكنية، وأن لا يتم معاملتها كأهداف عسكرية.

إدانات ومطالب

أدانت أحزاب سياسية وكيانات من المجتمع المدني وأجسام نقابية ولجان مقاومة قصف الطيران على مناطق المدنيين، فيما ذهبت حركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي في تعليقها على قصف الطيران لعدة مناطق، بمناشدة مجلس الأمن والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والايقاد، باتخاذ اجراءات عملية لفرض حظر الطيران الحربي في السودان، وكذلك ناشدت منسقية النازحين واللاجئين في السودان مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، بتفعيل القرار الصادر من مجلس الأمن الدولي بحظر السلاح والطيران في إقليم دارفور، وحماية المدنيين من طرفي الصراع، وذلك عقب استهداف طيران الجيش لمعسكر زمزم بولاية شمال دارفور في 4 أغسطس الجاري، وإسقاط البراميل المتفجرة على المعسكر مما أدى إلى مقتل 4 أشخاص ودمار نحو 20 منزلاً.

وبحسب القوانين والمواثيق الدولية يفترض على الأطراف المتنازعة اتخاذ الوسائل الممكن لتجنب استهداف المدنيين، ويعتبر الهجوم على المناطق السكنية دون التمييز بينها والأهداف العسكرية خرقا للقوانين الدولية.

رأي قانوني

قال المدافع عن حقوق الإنسان عبد الباسط الحاج لـ”جبراكة نيوز”، إن الهجمات على المناطق المدنية هو فعل محظور دوليًا وفقًا للقانون الدولي الإنساني وقانون الحرب تحديدًا الاتفاقية الرابعة من اتفاقية جنيف والبروتوكولات الخاصة بحماية المدنيين والأعيان المدنية في حالة الحرب، إذ يلزم القانون الدولي أطراف النزاع الالتزام بعدم استهداف المدنيين أو الحاق أي ضرر بليغ متعمد بهم، وأي استهداف للمناطق المدنية هي جريمة، وأطراف الصراع عليهم الالتزام بحماية المدنيين في مناطق سيطرتهم، ويجب عليهم عدم استخدام الأحياء السكنية والمنازل كمنصات للهجوم الأمر الذي قد يؤدي إلى هجوم مماثل من الطرف الآخر قد يعرض المدنيين لضرر مباشر.

ولفت الحاج إلى أن من حق المواطنين التمتع بالحماية والخدمات والحصول على الغذاء دون حرمانهم، ومن حق القانون الدولي منع استخدام المدنيين كدروع بشرية وكذلك عدم تهجيرهم، وهي من الالتزامات الواقعة على عاتق الأطراف المتحاربة.

من جهته، قال المدافع الحقوقي أحمد عبد الرحمن لـ”جبراكة نيوز”، إن عدم الالتزام بقوانين الحرب يجعل التفات مجلس الأمن الدولي لطبيعة الصراع الدائر الذي يهدد الأمن والسلم الدوليين القائم عليهم ميثاق الأمم المتحدة أمرًا ضروريًا، ويجب الضغط من قبل المنظمات الدولية المختصة لتشكيل لجنة تحقيق تعمل على أرض الواقع حتى إذا استدعى ذلك تنفيذ البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة لفرض حفظ السلام.

أهداف عسكرية

قدم الكاتب والمحلل السياسي محمد جلال هاشم في منشور على حسابه في “فيسبوك” تحليلًا مختلفًا حول استهداف الغارات الجوية لمناطق مدنية، وقال إنه من ناحية التكييف الأخلاقي الإنساني لا يوجد إنسان سليم العقل والفؤاد يمكنه أن يبارك قصف أي موقع مدني غير عسكري، ولا يملك المرء إلا أن يتعاطف مع جميع المدنيين الذين يتعرضون في اشخاصهم وممتلكاتهم لأي عمليات تدوين أو قصف جوي.

أما من حيث التكييف القانوني، ذلك بحسب بروتوكول روما وقانون جنيف المتعلقين بكيفية التعامل مع الأحياء السكنية والمناطق غير العسكرية في زمن الحرب، فالأمر له وجوه أخرى من قبيل أي أشخاص مدنيين أو مكان من هذه الأمكنة المدنية توجد به قوات أو معدات عسكرية حربية فإنها بذلك تصبح هدفا عسكريا.

ويرى أنه وفقًا لمنهجية التكييف القانوني الدولي للتعامل مع مثل هذه الحالات، وهو ما ينبغي العمل بموجبه قبل تدبيج عبارات الرفض والاستنكار والإدانة.

يستمر السودان في حالة من التدهور المريع جراء استمرار القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، لـ 16 شهرًا متواصلة، إذ اتسعت دائرة الصراع الدامي بعد أن اندلع في عاصمة البلاد الخرطوم ليشمل معظم ولايات السودان، وأسفر عن عشرات الآلاف من القتلى من المدنيين، واضطر نحو 11 مليون شخص للنزوح من منازلهم ومناطقهم، وما يزيد عن نصف سكان السودان البالغ عددهم 50 مليون، يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية، وفق تقديرات الأمم المتحدة.

 

المقالات ذات الصلة
- Advertisment -

الأكثر قراءة

أحدث التعليقات