الجمعة, مارس 14, 2025
الرئيسيةاخبار السودانكيف أصبحت «فاشر السلطان» العاصمة التاريخية لدارفور محط أنظار السودانيين؟

كيف أصبحت «فاشر السلطان» العاصمة التاريخية لدارفور محط أنظار السودانيين؟

20 يوليو 2024 – في لحظة فارقة من أزمنة السودانيين القاسية، أصبحت مدينة الفاشر عاصمة دارفور التاريخية، محط أنظار السودانيين منذ مايو الماضي وسط حرب مشتعلة للشهر السادس عشر على التوالي توزع الموت والنزوح واللجوء والخراب على سكان 11 ولاية من أصل 18 تشكل السودان.

الفاشر، عاصمة السلطان علي دينار، الحاكم القوي وآخر سلاطين مملكة الفور والذي لجأ إلى جبل مرة واغتيل هناك في عام 1916 ببنادق الجيش الانجليزي الغازي، بعد هزيمة جيشه في معركة برنجية على تخوم الفاشر، وهي أحد أحياء المدينة حاليًا.

 ومع ذلك، ظلت مدينة الفاشر، مركز دارفور التاريخي، مكانًا رحيبًا يضم الأعراق السودانية بلا تمييز ويصهر مجتمعها. وهكذا؛ تمضي فيها الحياة، كفضاء مكاني غارق في المحبة والفنون تشده الذكريات إلى تاريخ إداري تليد وتقاليد للدولة استمرت لقرون، كان مجلس سلطانها الحربي، يتشكل من جميع الأعراق، ويوزع قمع سلطته القابضة حينها على الجميع.

وضمن إرث الدولة في سلطنته، أنشأ السلطان علي دينار الحدائق العامة وشق الطرقات ومجاري المياه وسك العملة في إطار نظم إدارية للدولة الحديثة.

ويشكل إقليم دارفور المنكوب منذ أكثر من عشرين عامًا 20% من مساحة السودان ويعيش فيه نحو 14% من سكان البلاد البالغ عدهم نحو 42 مليون نسمة.

فيما تحتل مدينة الفاشر موقعًا استراتيجيًا في شمال دارفور، فهي حاليًا تعتبر المدينة الكبيرة الوحيدة التي يمكن الوصول إليها من مدن شمال السودان مثل الدبة، نظرًا لقربها الجغرافي من تلك المناطق، وبالتالي فهي تعتبر المدخل الوحيد لقوافل المساعدات الإنسانية القادمة من ميناء بورتسودان – على ساحل البحر الأحمر – الذي يستقبل المساعدات الخارجية في الوقت الحالي، ومن ثم يتم نقل المساعدات منها إلى بقية أرجاء الإقليم.

جغرافيًا، تحدها من الغرب دولة تشاد، ومن الشمال ليبيا، ما يجعلها في موقع استراتيجي عسكري للجهة التي تسيطر عليها، خاصة في ظل وجود فصائل مسلحة وقوات سودانية داخل حدود الدولتين الجارتين.

وبعد سقوط مدن: «نيالا، زالنجي، الجنينة والضعين» على التوالي في يد الدعم السريع نهاية العام الماضي، تضع الدعم السريع أعينها حاليًا نصب الفاشر حتى تبسط سيطرتها على كامل إقليم دارفور عدا منطقة جبل مرة التي تخضع لسيطرة حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور

لذلك، تسعى الأطراف المتقاتلة إلى فرض سيطرتهما على الفاشر نظرًا لأهميتها الاستراتيجية البالغة في دارفور إذ تعد بوابة بحكم موقعها الجغرافي، حيث تقع على بعد 195 كيلو مترًا شمال شرق نيالا وتربطها طرق رئيسية، بمدن: أم كدادة والجنينة وبها أهم وأكبر مراكز النزوح مثل أبوشوك وزمزم والسلام ما يعزز من أهميتها الإنسانية واللوجستية.

مدخل مدينة الفاشر، الصورة: مواقع التواصل الاجتماعي

مولد الفاشر

بعد تداعي حكم السلطان علي دينار، في عام 1916، حافظت الفاشر الواقعة في شمال دارفور والقريبة من دولتي تشاد وليبيا ومصر عبر الصحراء الكبرى والطرق البرية، على ذلك العالم الإداري والاجتماعي والروابط الاجتماعية ونما شعبها بشكل مثالي متحدًا ومتماسكًا. ومع دخول التعليم الحديث، ما فتئت الفاشر تقدم أبنائها وبناتها لعموم السودانيين في المجالات العلمية والإدارية والطبية والتجارية، لتنصهر مرة أخرى مع عموم السودان.

وبحسب مؤرخين فاشريين، فإن نشأة الفاشر كانت في نهايات القرن السابع عشر، وتميزت بأنها كانت عاصمة لسلطنات متعددة وفي العهد الحديث كانت عاصمة لمحافظة دارفور قبل الحكم الإقليمي في عهد الرئيس الأسبق جعفر نميري. ثم توسعت لاحقًا وازدادت كثافتها السكانية بسبب النزوح إليها من القرى المجاورة لها هربًا من المجاعات والحروب.

كما اختلفت الروايات وتعددت حول معنى واسم الفاشر إلا أن أكثرها شيوعًا وأقواها حجة تلك التي تذهب إلى أن اللفظ يعني مجلس السلطان، كما ورد في الأعمال الأدبية والغنائية بالسودان مثل الأغنية التراثية التي تقول في «..الفاشر الكبير طلعوا الصايح» أي مجلس السلطان الكبير، والفاشر أبو زكريا، أي مجلس السلطان زكريا بن محمد الفضل والد علي دينار.

وفي السياق نفسه، عرفت الفاشر بأنها مكان إقامة السلطان أو قلعته. فهناك عدة فواشر منتشرة في دارفور مثل «فاشر قرلي» التي بناها السلطان تيراب في منطقة جبل مرة، كما شيّدت فواشر في المناطق المجاورة لها في الغرب الأوسط لإفريقيا.

وهناك رواية تقول إن الفاشر هو اسم الوادي الذي تقوم على ضفتيه المدينة بمعنى الفاخر.

وتلقب الفاشر كذلك بالفاشر أبو زكريا نسبة إلى الأمير زكريا والد السلطان علي دينار الذي كان له فضل كبير في تطويرها. ويعود تاريخ الفاشر العريق إلى أيام السلطان عبد الرحمن الرشيد ( 1787ـ 1802 ) والذي اختار رهيد تندلتي موطنًا لمملكته قبل أن يتحول اسمها إلى الفاشر.

لميارم يلعبن دورًا كبيرًا في مجتمع الفاشر، الصورة: مواقع التواصل الاجتماعي

ميارم السلطنة

كانت النساء في الفاشر في ذلك العهد، عهد السلطان علي دينار ذوات وجود وتأثير واضح المعالم، حيث توجد الميارم وهن نسوة قويات شكلن شبكة من النفوذ الاجتماعي والسياسي في عاصمة سلطنة الفور الأخيرة، وأشهر الميارم هي ميرم تاجة شقيقة السلطان علي دينار.

يقول الباحث في التراث الدارفوري، محمود الشين، إن الميارم هن العنصر النسائي في منزل السلطان ويتم إعدادهن من تنشئة وتربية على نسق نساء الدولة في العصر الحديث.

مضيفًا “لكن ما يميزهن في هذا الجانب هو الإلمام بكافة تقاليد وقيم المجتمع لأن المرأة في سلطنة الفور مسؤولة عن إعداد وتنشئة رجال الدولة بما في ذلك السلاطين أنفسهم”.

وأكد أن لقب ميرم أطلق علي سائر النساء اللائي يبدعن في إعداد وطهي الطعام، مشيرًا إلى أنها جزئية ضئيلة من مهامها الكبرى.

لكن مع مرور الزمن أصبح لقب ميرم مماثلًا للقب الكنداكة في شمال السودان، والمرأة السودانية عمومًا.

«نكاد نجزم بأنه لا توجد قبيلة في السودان ليس لها امتداد أو تمثيل مقيم في مدينة الفاشر ومنذ عهد قديم» يقول الدكتور جبريل عبد الله أحد أشهر المؤرخين للفاشر عن مجتمعها في كتابه (من تاريخ مدينة الفاشر)، ويتابع «أما تاريخها الاجتماعي يمكننا وصفه بالتمازج والتداخل».

وتعتبر الفاشر مدينة المصاهرات المفتوحة وبها ذابت الحدود القبلية وصار أهلها يعرفون بعضهم على اختلاف قبائلهم، إذ استقرت مكونات إثنية عديدة أتت من مختلف مناطق الإقليم، وهو ما جعل مجتمعها متراحمًا ومتواددًا يرحبون بالضيوف الوافدين إلى مدينتهم للخدمة المدنية أو العسكرية، أو لأجل التجارةـ أو أية أغراض أخرى حتى صار بعضهم جزءًا من نسيجها الاجتماعي.

ومع مرور الزمن تشكل مجتمع الفاشر وحيواتها بما في ذلك من فنون ورياضة وسياسة ومسرح ودور تعكس ذلك لتنطلق في عملية تنمية بطيئة ككل السودان وخاصة أركانه البعيدة عن مركز السلطة في الخرطوم. وكما غيرها من المدن السودانية، ظلت بمنأى عن العنصرية والقبلية، وإنما تعكس قيمها الاجتماعية وفاشريتها فقط.

وفي أعقاب اندلاع حرب دارفور الأولى في السابع والعشرين من أبريل عام 2003، اهتز أمان وأمن الفاشر للمرة الأولى منذ عقود حين نفذت حركات مسلحة هجومًا على مطارها الدولي كإعلان لتمردها على السلطة المركزية، لكن سرعان ما عاد إليها هدوئها كمجتمع، رغم القبضة الأمنية الباطشة لنظام الرئيس المخلوع، عمر البشير.

ورويدًا رويدًا تم ربطها بطريق بري بالعاصمة الخرطوم، وأصبحت أنديتها لكرة القدم أحد أعمدة الدوري السوداني الممتاز لكرة القدم، حيث شهد استاد النقعة ملاحم كروية وألتراسات صاخبة، وكانت فرق الخرطوم الرفيعة مثل الهلال، المريخ والخرطوم، تخشى ما تخشاه، أن تحل باستاد النقعة، حيث الهزائم المتتالية لها.

التعليم والفنون في الفاشر

صر السلطان علي دينار، الصورة: مواقع التواصل الاجتماعي

تعتبر دارفور(أرض التقابة) وهي نار توقد من الحطب في الخلاوى مساءً لتعين الطلاب على حفظ القرآن بضيائها، والفاشر باعتبارها إحدى أهم مدن الإقليم، كان التعليم فيها قرآنيًا وانتشرت فيها خلاوى تحفيظ القرآن وتعليم علومه للتلاميذ، وهو من بين أقدم نظم التعليم التقليدي في السودان ككل.

وتأسست أول مدرسة فيها في العام 1916 وهي مدرسة المزدوجة الأولية ثم المدرسة الأهلية الوسطى الأميرية ومدرستي دارفور والفاشر الثانويتين وازداد عدد المدارس بعدها بإزدياد كثافة السكان، ثم أتت جامعة الفاتح من سبتمبر كهدية من الحكومة الليبية قبل أن يتم تغيير اسمها إلى جامعة الفاشر.

ويوجد بالفاشر عدد من المسارح منها مسرح نادي الفاشر وتم تحويل اسمه إلى مسرح (المجمع الثقافي)، ومسرح القيادة، إضافة إلى المسارح المدرسية، وتوجد بها عدد من الفرق المسرحية، بينها: (فرقة فنون دارفور) بإوركسترا كاملة ومغنيها العديدين الذين تغنوا بأغانيهم الخاصة من التراث الشعبي.

وكتب أبناءها وبناتها الشعر باللغات المحلية والعربية، ومنهم الشاعر عالم عباس وشقيقه حافظ، والدكتور محمد الأمين “سيكا “، وعايدة أحمد عبد القادر “ننيه”، وعواطف إسحق وأستاذ الصافي.

ومن الشخصيات العامة أيضًا الطبيب الجراح، إبراهيم حسن، الشهير بـ”كوجان” والذي كتب رواية (خور جهنم)، وأيضًا هناك المحامي محمد بدوي الذي كتب كتابًا من ثلاثة أجزاء أسماه “وجوه ” وثق فيه التاريخ الاجتماعي لشخصيات عاشت في الفاشر في مختلف الحقب.

وتعتبر الفاشر من أبرز المدن التاريخية في السودان، وتشمل أهم معالمها، قصر السلطان علي دينار ويضم مركزاً لتحفيظ القرآن ومسجدًا ومكتبة الكترونية، بالإضافة إلى آبار حجر قدو وهناك مقولة مشهورة بحقها، وهي: “من شرب من مياه آبار قدو لا بد أن يعود ويشرب منها مرة أخرى”. أيضًا، من ضمن معالمها  الفولتيين الكبيرة والصغيرة ، سجن خير خنقا، سوق المواشي الخاص ببيع اللحم المشوي والطازج، وسوق أم دفسو الخاص بالفواكه الناتجة من جبل مرة، وأشهر ما يباع به ” المرس، الكول، السمن الطبيعي وعسل الجبل”، وسوق المدينة الكبير وبه المحال التجارية والمقاصف والدكاكين وبرج الفاشر.

أيضًا توجد أسواق أخرى مهمة مثل: (سوق الخضار، ، سوق نيفاشا، سوق المواسير والسوق المركزي).

على مستوى التجارة الحدودية، كانت الفاشر بمثابة مركز تجاري بين السودان ودول غرب إفريقيا، واشتهرت بتصدير البضائع.

وتصل البضائع والمؤن إلى الفاشر عبر الحدود مع دول غرب إفريقيا، ومن مدن أخرى في إقليم دارفور، وعبر الشمال بطريق الدبة ـ مليط.

صورة جوية لمدينة الفاشر، تصوير: محمد زكريا

عام من الحصار وأسابيع من اشتداد الحرب

يُسرع الزمن بالسودانيين وهو يحمل في جوفه المخاطر لتنفجر الحرب في الخرطوم في أبريل 2023، أي، بعد عشرين سنة تمامًا من اندلاع حرب دارفور، لتنتقل إلى إقليم دارفور، لكنها لم تصل إلى الفاشر بشكل قوي إلا في مايو الماضي، حين بدأت قوات الدعم السريع شن هجوم غير مسبوق على المدينة بهدف الاستيلاء عليها بقوة السلاح.

وعلى مدار أكثر من شهرين، تحولت الفاشر إلى محرقة استثنائية، بعدما حول القصف المدفعي الذي تشنه الدعم السريع على أعيانها المدنية، تلك البنية التحتية التي بنيت على مدار عقود من الزمن إلى رماد، وفر مئات الآلاف منها، وأصبحت العاصمة الغنية والواقعة تحت الحصار بحاجة إلى أن تطعم أطفالها وشيوخها ونسائها وكل شعبها، ولم يكن أمامهم سوى التكايا التي تحول الطعام إلى كونه حق للجميع.

والآن، تحت رماد الحرب، يحاول الجيش والقوة المشتركة والمتطوعين للدفاع عن آخر معاقل الدولة المركزية الكبرى في إقليم دارفور وسط سيل هجمات عنيفة تشنها الدعم السريع. كما أن حرب الفاشر، تعكس وجهة نظر سياسية أخرى، فبالحفاظ عليها، يعني ذلك عمليًا عدم قدرة الدعم السريع على إنشاء سلطة كاملة ومستقلة في إقليم دارفور، على غرار النموذج الليبي.

وكانت الفاشر ظلت على مدار حوالي عام تحت الحصار الذي تضربه عليها قوات الدعم السريع من حوالي ثلاثة اتجاهات خاصة بعد استيلائها على عواصم الإقليم الأخرى نهاية العام الماضي.

وفي أواخر أبريل الماضي يبدو أن صبر قوات الدعم السريع قد نفد في محاولتها للسيطرة على كامل إقليم دارفور الذي تعادل مساحته مساحة الجمهورية الفرنسية، لتبدأ في حشد قواتها من جميع أماكن سيطرتها في أنحاء البلاد المختلفة في تخوم العاصمة الأخيرة في إقليم دارفور الخاضعة للسلطة المركزية.

وقبل بدئها الهجوم المباشر على الفاشر، شنت الدعم السريع هجمات على ما يزيد عن 12 قرية غرب الفاشر، شملت قرى: (درماء، ازباني، كارو، جروف، حلة محمد علي ، حلة عبد الله، سرفاية، حلة خميس، ام عشوش، تركينية، جخي، ام هجاليج، جقي مقرن، جرونقا) ونزح جراء تلك الهجمات غالبية سكانها إلى مخيم زمزم بالفاشر وبلدة شقرة ومحلية طويلة.

وتزامنًا، مع بداية تحركات الدعم السريع في اتجاه الفاشر، انطلقت التحذيرات الأممية والدولية لها بتجنب الهجوم على المدينة التي كانت مركزًا رئيسيًا لتوزيع الإغاثة والمساعدات. وحذرت الولايات المتحدة أطراف النزاع المختلفة من مغبة محاولة السيطرة على مدينة الفاشر، فيما أبدى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش قلقه من هجوم وشيك محتمل على الفاشر، مشيراً إلى أن القتال سيؤدي إلى توسيع نطاق الصراع على طول الخطوط القبلية في أنحاء ولايات دارفور الخمس.

بينما اعتبر المبعوث الأمريكي للسودان توم بيريلو في حسابه على منصة إكس إن الهجوم على الفاشر سيضيف زيتاً على النار التي تحرق السودان.

 أيضًا، حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن نافذة الوقت تضيق أمام مساعي منع حدوث مجاعة في هذه المنطقة الشاسعة، وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” من خطر يتهدد حياة ورفاه 750 ألف طفل في الفاشر وربما ملايين آخرين في حال شن هجوم عسكري وشيك على المدينة. وقالت إن تصاعد القتال في الولاية تسبب في خسائر بشرية مميتة بين الأطفال مشيرة إلى مقتل مالا يزيد عن 43 شخصاً بينهم أطفال ونساء في فترة أسبوعين.

ومع اشتداد حدة الصراع في مايو الماضي، أعلنت وزارة الصحة في الولاية عن مقتل  38 شخصاً وإصابة 280 في هجوم قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر بعد يومين من الاشتباكات الحادة بتاريخ 13 و 14 مايو، قبل أن يرتفع عدد الضحايا لاحقًا إلى مئات. كما تأثرت عدد من المستشفيات وخرجت عن الخدمة بينها مستشفى الفاشر للأطفال الذي تعرض لغارة جوية من الجيش 13 مايو، تسببت في انهيار سقف وحدة العناية المركزة ومقتل طفلين وفق ماذكرت منظمة أطباء بلا حدود.

ومع استمرار القتال يومًا عن يوم خرجت جميع المرافق الطبية في الفاشر عن الخدمة بعد تعرضها للاستهداف بغارات جوية للدعم السريع، لكن في المقابل ظلت أيادي المتطوعين والخيرين تحاوط المراكز وتقوم بعمليات صيانه وترميم عديدة وإنشاء عيادات جديدة رغم القصف.

تسلسل زمني للصراع الحالي في الفاشر

بدأت محاولات الدعم السريع للهجوم على المدينة منذ شهر مايو 2023 إذ تم رصد أول محاولة في نهاية الشهر وأعلن الجيش عن صده الهجمة.

  • تلا هذا الهجوم العديد من الهجمات الأخرى، ففي منتصف سبتمبر شنت قوات الدعم السريع هجومًا آخر أعلن الجيش تصديه له وقتل 30 من أفراد القوة المهاجمة.

  • شهدت الهجمات تغيرًا في استراتيجية الدعم السريع، ففي نهاية أكتوبر شنت القوات هجومًا على قيادة الجيش في الفاشر باستخدام الطائرات المسيرة، مصحوبًا باشتباكات بالأسلحة الثقيلة في عدد من الأحياء شمال شرقي المدينة. أدى هذا الهجوم إلى موجة نزوح نحو المناطق الآمنة في وسط المدينة وخارجها.

  • تفاقمت أزمة النزوح في الفاشر بعد إعلان الدعم السريع سيطرته على حاميات الجيش في نيالا وزالنجي والجنينة، حيث أصبحت الفاشر تؤوي عشرات الآلاف من المواطنين الذين فروا إليها من ولايات دارفور المختلفة.

  • في بداية نوفمبر، حذر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن من وجود مؤشرات على هجوم وشيك واسع النطاق لقوات الدعم السريع على المدينة، وسط تحذيرات من حدوث أزمة إنسانية ضخمة نظرًا للعدد الكبير من المدنيين المحتمين في المدينة.

  • في 8 نوفمبر، وبعد أيام من التحذيرات الأمريكية، هاجمت قوات الدعم السريع منطقة أم كدادة بولاية شمال دارفور وسيطرت على خزان قولو، أحد أهم مصادر المياه الرئيسية في مدينة الفاشر.

  • في أبريل الماضي بدأ العد التنازلي للمعركة الكبرى حول الفاشر،بحشد الدعم السريع قواتها عند تخوم الفاشر ، في أعقاب تنفيذها عدد من الهجمات على قرى غربي الفاشر لتبدأ ضربتها المباشرة للعاصمة التاريخية في مايو.

  • بدأت الإشتباكات في الأسبوع الأول من مايو وازدادت بشكل يومي حتى بلغت أقصى مستوياتها بعد تاريخ العاشر من الشهر مما تسبب في دمار عدد من المرافق الحكومية والخاصة كما حُرقت أحياء ومنازل ومعسكرات نزوح ودفعت حدة الإشتباكات حاكم إقليم دارفور،لإعلان الإستنفارالعام في المدينة.

  • قلة حدة الإشتباكات أواخر مايو بتمكن الجيش والقوى المشتركة لحركات الكفاح المسلح الموالية له  في 27 مايو من دحر الدعم السريع وجعلها تتراجع إلى خارج المدينة بينما توزعت بعضها في أحياء قليلة شرق الفاشؤ وأصبحت الأخيرة تنتهج سياسة القصف العشوائي بالمدفعية الثقيلة  والصواريخ قصيرة المدى على أحياء المدينة والهجمات مستمرة حتى اللحظة.

 

على مدى أكثر من شهرين لفتت الفاشر أنظار السودانيين والعالم. فبالنسبة للسودانيين، كان ترابط مجتمع الفاشر بكل مكوناته أمرًا مثيرًا للاهتمام، رغم المعاناة الفائقة التي يواجهونا مع بدء هجوم الدعم السريع على المدينة في مايو الماضي.

كذلك، لفتت الفاشر أنظار العالم بحجم المعاناة الإنسانية الكبيرة بسبب حصارها وانقطاع طرق قوافل المساعدات الإنسانية إليها.

سياسيًا وعسكريًا، تمثل الفاشر نقطة الصراع الفاصلة في إقليم دارفور، لذا تبدو العاصمة التاريخية على وشك كتابة تاريخ جديد للوحدة الوطنية في السودان.

تقارير بيم: سلسلة مدن السودان

المقالات ذات الصلة
- Advertisment -

الأكثر قراءة

أحدث التعليقات