الخميس, مارس 13, 2025
الرئيسيةتقاريرتقرير: 21 أكتوبر.. ملامح من الذكرى الـ«60» لأول ثورة شعبية في السودان

تقرير: 21 أكتوبر.. ملامح من الذكرى الـ«60» لأول ثورة شعبية في السودان

جبراكة نيوز: كمبالا

تمر الذكرى الـ 60 لثورة أكتوبر 1964، والسودان يشهد حربًا ضروسا أحدثت دمارًا هائل في البنية التحتية وأدت إلى فقدان الآلاف من الأرواح والممتلكات فضلا عن الانتهاكات الواسعة التي ارتكبها أطراف الصراع في السودان .

وتعد ثورة أكتوبر تلك الحركة التغييرية التي مثلت أحلام أجيال ما بعد الاستقلال وامنياتهم بالانعتاق من الحكومات الاستبدادية، كما كانت ثورة أكتوبر ملهمة لثورتي أبريل 1984 وديسمبر 2019 اللتين اندلعتا من أجل إرساء الحكم الديمقراطي، والعدالة ووطن خالٍ من الحروب مالك زمام امره.

ملامح من ثورة أكتوبر

اندلعت الثورة في 21 أكتوبر من العام 1964 ضد نظام الرئيس السوداني الراحل الجنرال إبراهيم عبود واطاحت بنظامه، وكانت أول ثورة شعبية سلمية في السودان  وأفريقيا والشرق الأوسط .

كان الجنرال عبود قد وصل إلى كرسي الحكم في السودان بعد صراعات مريرة  بين القوة المدنية السودانية انذاك، مما دفع برئيس الوزراء عبدالله خليل الذي ينتمي لحزب الأمة القومي في نوفمبر 1958 إلى تسليم الحكم للعسكر بقيادة الفريق إبراهيم عبود،  الذي حل بدوره الاحزاب وعلق الدستور وتحول إلى ديكتاتور بالرغم من التأييد الذي وجده من زعيمي الانصار والختمية.

قدمت ثورة أكتوبر نموذجًا فريدًا في السودان خلال تلك الحقبة، مقارنة بكل الأحداث الثورية في المنطقة وذلك من خلال اتباع اساليب جديدة  كانت حاسمة في توجيه مسار الثورة .

انطلاق شرارة الثورة

انطلقت شرارة الثورة بعد مقتل الطالب أحمد القرشي في ندوة بجامعة الخرطوم إثر اصابته بطلق رصاص من قبل قوات الشرطة، وتحولت ساحة الندوة إلى مظاهرات ومطاردات من قبل الشرطة .

من جانبه يري المؤرخ والاكاديمي وشاهد العيان الدكتور عبدالله على إبراهيم إن مقتل الطالب القرشي ليس هو السبب الأول والأخير للثورة أكتوبر 1964، مضيفا إن الثورة لا تندلع على هذا النحو. ويقول: “إن اي لحظة لا تأتي إلا بعد جهد جهيد،  وكذلك لحظة الثورة لا تأتي إلا بعد جهيد ايضًا” .

بعد تولي الجنرال عبود حكم السودان في 17 نوفمبر 1958 إثر خلافات واسعة بين السلطتين التنفذية والتشريعية. قضى أول قرارته بتعطيل العمل الدستوري وحل البرلمان وتشكيل حكومة من  رجالات الجيش.

هذه الاجراءات التعسفية إلى جانب ممارسة نظام الجنرال عبود عمليات قمع واسعة لحرية الرأي في الصحافة والإعلام وحرية التظاهر وحركة التنظيمات السياسية.

وفوق ذلك أشعل الجنرال عبود الأوضاع في جنوب السودان بفرض عمليات الاسلمة والتعريب قسرًا بنشر المساجد وإغلاق الكنائس، كل تلك المسوغات حسب المؤرخين أدت الى اندلع ثورة أكتوبر 1964.

وبعدها تولى سر الختم الخليفة رئاسة الوزراء في الحكومة الانتقالية الأولى والثانية “1964 _ 1965” إلى أن أجريت انتخابات عامة في البلاد فاز بها حزب الامة القومي واختار محمد احمد المحجوب لرئاسة الوزراء في العام 1966م وفي العام ذاته انتقلت رئاسة الوزارة الى زعيم حزب الأمة الصادق المهدي.

ثم عاد المحجوب رئيسًا للوزارة مرة أخرى في العام 1968 بعد تغيير التوازنات السياسية واسقطت حكومة المهدي الأولى، قبل أن يطيح بهم جعفر النميري بانقلاب عسكري في 1969 الذي استمر في الحكم “16” عاما.

الانتكاسة

أرست ثورة أكتوبر 1964 مبادئ سياسية مواكبة للواقع الجديد، وجرى الإجماع عليها بين اهل السودان، أهمها تقديم الحل السلمي للنزاع في جنوب السودان الذي انفصل لاحقًا بموجب اتفاقية نيفاشا في العام 2011، بجانب السماح للمرأة بممارسة العمل السياسي.

لكن هذه المكتسبات اصطدمت بضعف تنظيم الثورة مسبقًا في كيفية إدارة حكم البلاد من الثوار بسبب قلة الخبرة أو اطماع الاحزاب السياسية ورغبتها في الانفراد بالحكم، فكان من الطبيعي أن تعود الصراعات السياسية بين الأحزاب والقوى السياسية، مما هيأ الفضاء العام  لعودة العسكرين الطامحين لحكم البلاد في السنوات اللاحقة.

أدبيات ثورة أكتوبر

عرفت ثورة أكتوبر بأدبيات سياسية ظهرت لأول مرة في القاموس السياسي السوداني كالعصيان المدني والاضراب وليلة المتاريس التي أعلنها زعيم “جبهة الهيئات” فاروق أبو عيسي وهو سياسي بارز التحق بالحزب الشيوعي في بداية الخمسينيات وتقلد وزارة الخارجية في حكومة جعفر نميري، وسجل أبو عيسي في كتاب له يوميات ثورة أكتوبر معنون بـ”عشرة أيام هزت السودان”.

مثلما مثلت ثورة اكتوبر حدثا مفصليا في تاريخ السودان المعاصر، ظلت بصماتها في الشعر والفن باقية حيث تغنى لثورة أكتوبر عدد من الفنانين والشعراء منهم محمد وردي ومحمد الأمين وابو عركي البخيت والشاعر هاشم صديق وخليل إسماعيل وأم بلينة السنوسي وغيرهم.

تمر ذكرى العام الحالية مع رحيل ابرز مبدعي وسياسي ثورة أكتوبر، وكان آخرهم الشاعر والدبلوماسي محمد المكي إبراهيم.

ويعد الشاعر الراحل محمد مفتاح الفيتوري، أحد أبرز من كتبوا لاكتوبر حيث تغني له المرحوم محمد وردي بقصيدة “أصبح الصبح فلا السجن ولا السجان باق” كما تغني وردي بقصيدة الشاعر الراحل صلاح احمد إبراهيم “يا ثوار أكتوبر يا صناع المجد” ويعتبر وردي أكثر من تغنى بالأكتوبريات.

ويعد الشاعر الراحل محجوب شريف من المساهمين البارزين في ادبيات ثورة أكتوبر ومن كتاباته “أكتوبر ديناميتنا، ديناميتنا ساعة الصفر ركيزة بيتنا”، وبعدها تبارى عدد من الشعراء والمطربين في التغني وتمجيد الثورة وأحلام التغيير فكانت “اكتوبريات” الشاعر محمد المكي إبراهيم مع الفنان محمد وردي وايضا اغنية عبدالكريم الكابلي (هبت الخرطوم في جنٌح الدُّجى) لشاعرها عبدالمجيد حاج الأمين.

كل تلك الاغنيات والأناشيد أسهمت في مناحي ومسارات ادبيات ثورة اكتوبر التي اشتهرت بالمنتوج الفكري.

المقالات ذات الصلة
- Advertisment -

الأكثر قراءة

أحدث التعليقات