جبراكة نيوز: تقرير – محمد الفاضل
في سباقٍ محتدمٍ، انطلقت اليوم الثلاثاء عمليات التصويت للانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي يتنافس فيها المرشح عن الحزب الجمهوري، رجل الأعمال دونالد ترامب، والمرشحة عن الحزب الديمقراطي، النائبة الحالية للرئيس بايدن، كامالا هاريس.
وقد سبق أن أدلى ما يزيد عن 77 مليون أمريكي بأصواتهم عبر الاقتراع المبكر بواسطة البريد والتصويت الحضوري، الذي انطلق على مراحل مختلفة في عدد من الولايات الأمريكية أثناء شهر سبتمبر وحتى بدايات الشهر الجاري.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن نحو 260 مليون أمريكي يحق لهم التصويت لاختيار رئيس الولايات المتحدة في الدورة القادمة، فيما أوضحت إحصاءات أخرى أن 160 مليوناً فقط قاموا بالتسجيل للإدلاء بأصواتهم. ومع ذلك، تتيح بعض قوانين الولايات الأمريكية إمكانية التسجيل حتى الساعات الأخيرة من بدء عمليات الاقتراع.
ومن المزمع أن تُغلق صناديق الاقتراع يوم الأربعاء، في أوقاتٍ متباينة بحسب التوقيتات المختلفة للولايات الأمريكية.
منافسة حادة
تتسم العملية الانتخابية الحالية بمنافسة حادة بين المرشحين، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى تقارب شديد في شعبيتهما، مع مؤشرات على تفوق طفيف للمرشحة الديمقراطية هاريس.
فوفقًا لاستطلاع رأي أجرته واشنطن بوست قبل نحو أسبوعين في عدد من الولايات الأمريكية، أظهر 47% من المستطلعين عزمهم على التصويت لترامب، بينما حصلت هاريس على النسبة ذاتها. إلا أن أحدث الاستطلاعات تُظهر تفوق المرشحة الديمقراطية في بعض الولايات.
ورغم دخول هاريس السباق في وقت متأخر، قبل نحو ثلاثة أشهر فقط من انطلاق الانتخابات، إلا أنها تحظى بدعم واسع من حزبها وعدد من الشخصيات المؤثرة، أبرزها الرئيس الأسبق باراك أوباما وزوجته ميشيل، اللذان ظهرا معها في عدة تجمعات انتخابية داعيين المواطنين للتصويت لهاريس.
في المقابل، حصل ترامب أيضًا على دعم شخصيات بارزة ومؤثرة، ربما أشهرها إيلون ماسك، مالك منصة X ومؤسس شركة “تسلا”، الذي أعلن دعمه لترامب علنًا، بخلاف الدعم الخفي المعتاد من رجال الأعمال.
وبحسب تقرير لجنة الانتخابات الأمريكية الصادر الأحد الماضي، نجحت حملة المرشحة كامالا هاريس في جمع ما يقارب مليار دولار، فيما جمعت حملة ترامب أقل من 400 مليون دولار.
أبرز الخلافات بين المرشحين
في ظل الاختلافات الجوهرية بين رؤى الحزبين الرئيسيين في أمريكا، يأتي هذا السباق وسط أحداث ساخنة تتعلق بالمصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة. يتبنى الحزب الديمقراطي سياسات أكثر توجهًا للإنفاق العام على الصحة والضمان الاجتماعي والتعليم، بما يعني زيادة الضرائب على الفئات الأعلى دخلًا، فيما يميل الحزب الجمهوري إلى سياسات محافظة تتجه نحو تخفيض الضرائب على أصحاب الدخول المرتفعة والشركات الكبرى.
وفيما يخص السياسة الخارجية، تبرز قضايا رئيسية مثل الصراع بين حماس وإسرائيل، إضافة إلى الحرب الأوكرانية-الروسية. ويعتمد المرشح الجمهوري على الانتقادات التي تواجه الرئيس الحالي جو بايدن ونائبته هاريس في إدارة هذه الملفات.
يُلاحظ أن كلا المرشحين يتبنيان رؤية متشابهة تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث يؤكدان دعمهما لإسرائيل في حقها “بالدفاع عن نفسها”. ويشير ترامب إلى قدرته على تهدئة التوترات بين إيران وإسرائيل، متهماً الإدارة الحالية بالفشل في إدارة هذا الملف.
الانتخابات الأمريكية والأوضاع في السودان
مثل العديد من القضايا الساخنة عالميًا، يمكن أن تلعب الولايات المتحدة دورًا فاعلًا في أزمة السودان المشتعلة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل من العام الماضي. وفي الفترة الماضية، نشطت الإدارة الحالية في محاولة لعب دور محوري في الصراع، حيث تبنت، بالتعاون مع المملكة العربية السعودية، منبر جدة التفاوضي لجمع الأطراف المتصارعة. إلا أن هذا المسعى لم يُفضِ إلى اختراق ملموس في إنهاء النزاع.
ومع ذلك، لم تتوقف الجهود الأمريكية، حيث كانت آخر محاولاتها بقيادة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الذي دعا لعقد منبر تفاوضي في سويسرا في أغسطس الماضي، لكن المنبر واجه عقبات متعددة، كان أبرزها رفض وفد القوات المسلحة المشاركة.
ويرى الناطق باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، السوداني بكري الجاك، أن توجه الولايات المتحدة إزاء الأزمة السودانية يعتمد بشكل أساسي على مصالحها الإستراتيجية وليس على الحزب الحاكم أو هوية شاغل المنصب. وفي حوار له مع قناة الجزيرة مباشر، أوضح الجاك قائلاً: “ملف الأمن القومي الأمريكي، بما يشمل أمن البحر الأحمر والتطورات في منطقة الساحل والصحراء، يعدّ جوهريًا للإدارة الأمريكية، سواء كان الحزب الحاكم جمهوريًا أو ديمقراطيًا”.
لكن من المتوقع أن تشهد السياسة الأمريكية تغييرات طفيفة تجاه السودان إذا فاز المرشح الجمهوري في الانتخابات. قد يتضمن هذا التغيير مغادرة المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيرييلو ، الذي نشط منذ تعيينه في فبراير الماضي بلقاءات مع قادة وسياسيين سودانيين. وتشير التقديرات إلى أن بيرييلو قد لا يستمر في منصبه في حال فوز ترامب بالانتخابات.
أحدث التعليقات