جبراكة نيوز: تقرير- مآب الميرغني
“أستطيع فقط توفير وجبة واحدة في اليوم لأبنائي أما الثانية فاعتمد على “تكايا الحي”. هكذا تحدثت المواطنة بولاية سنار، سعاد إبراهيم “اسم مستعار”، لـ”جبراكة نيوز”.
وسعاد أم لطفلين، وتصف الأوضاع بعد قطع الإنترنت والاتصال بغاية البؤس، خاصة أن “التكايا” تعتمد على جهود المتطوعين والعاملين بالخارج دون أي دعم حكومي.
عمل مهدد
بعد توقف “التكايا” لم تستطع “سعاد” إعداد الطعام لابنيها، ليس لأنها لا تمتلك المال فحسب، بل لأنها أيضًا لا تمتلك غاز الطهي وتعتمد على الحطب.
فهي، مثلها مثل الآلاف من مواطني الولاية الذين يعتمدون بالكامل على وجبة الإفطار من قبل التكايا.
بعد قطوعات الانترنت، خرجت المطابخ الجماعية “التكايا” عن الخدمة في عدة مناطق بولاية سنار خلال الأشهر الماضية.
وأصبح استمرارها مهددا مع قطوعات الانترنت التي امتدت لأكثر من ثلاثة أشهر، هذا لاعتماد المطابخ الخيرية بشكل أساسي على التحاويل البنكية.
في مستهل أكتوبر المنصرم، شهدت سنار انقطاعا شاملا في خدمات الاتصالات والانترنت.
وعادت شبكة الاتصال إلى العمل في الولاية الأسبوع الجاري باستئناف الخدمة عبر تقنية اتصال واحدة فقط مما يمثل تحولا ايجابيا يعزز عودة “التكايا”.
تعثر المطابخ
في غضون ذلك، كشفت غرفة طوارئ مايرنو، عن توقف مشروع المطبخ المشترك، وأرجعت الغرفة سبب التوقف لانقطاع الانترنت عن ولاية سنار.
وقال الأمين العام لغرفة طوارئ مايرنو ومسؤول المطابخ الأول، بابكر آدم محمد علي، إن انقطاع الانترنت انعكس سلبيًا على مجمل الأوضاع الحياتية والمعيشية. وأشار إلى أن ذلك أثر بشكل مباشر على عمل المطابخ الجماعية والتكايا في محلية سنار بمختلف مدنها ومناطقها.
وحول تأثر سنار بقطوعات الانترنت، أفاد بأن القطوعات أحدثت ضررًا كبيرًا على عمل المطابخ والتكايا وتسببت في حرمان وصول الوجبات للمستفيدين منها والمحتاجين.
إذ تعذر على العديد من التكايا الحصول على التمويل والمساعدات المالية والعينية وانقطعت الجهات الداعمة والممولة لها من داخل وخارج السودان.
وتوقف تسيير عملها بسبب انقطاع الإنترنت وذلك لفقدان التواصل بينها وبين داعميها والمتطوعين والمستفيدين مما عطل تقديم الوجبات المجانية للمواطنين والنازحين.
وتابع قائلا: توقفت عمليات التحويلات البنكية على مختلف التطبيقات المصرفية وترافق هذا مع توقف أعمال البنوك ولهذا توقفت العديد من المطابخ والتكايا.
وقال إن المطبخ يغطي كل أحياء مايرنو لكن مؤكدا ليس كل الأسر. فالخدمات وصلت لما يقارب الـ 10000 فرد، إذ كانت تغطي النازحين بمدارس الإيواء.
العون الإنساني
شكل انقطاع شبكات الاتصال والانترنت تحديًا حقيقيًا لتجمع شباب سنار إذ اعتمد التجمع طيلة فترة تغطيته لآثار الحرب على التواصل المباشر مع مصادر ومواطنين في الأرض.
وقال التجمع في إفادة خص بها “جبراكة نيوز” إن انقطاع الشبكات أدى إلى تغييب كثير من المناطق والأحداث.
كما جعل عملية التحقق من المعلومات الواردة أمرا غاية الصعوبة لاسيما أن التجمع يعتمد على تعدد المصادر لتأكيد المعلومات.
ولفت إلى أن إيصال المعلومات من العناصر الموجودة على الأرض أصبح يتطلب التنقل والسفر إلى الأماكن التي توجد بها شبكات “ستارلينك” لإيصال المعلومة.
وأشار إلى هذه الشبكات مكلفة جدا، إذ يقدر متوسط سعر الساعة بـ 3000 جنيه سوداني.
وقال إن التواصل بين الأفراد والعائلات الكبيرة شكل هو الآخر هاجسًا اجتماعيًا ونفسيًا للكثير من الأسر.
الانتهاكات
ويرى التجمع أن انقطاع الاتصالات يمثل بيئة خصبة لانتشار الانتهاكات، إذ يشعر الأفراد المسلحون وغيرهم من المجموعات والعصابات بمساحة حرية أكبر لممارسة ما يشاؤون.
إذ أن هنالك الكثير من المناطق وردت عنها أخبار مبتورة عن حدوث انتهاكات دون التأكد من طبيعتها أو حتى حجمها أو مدى استمرارها.
وفي منحى آخر يعزز انقطاع الاتصالات من حالة عدم التوثيق ويقلل قدرة الأفراد على التصرف في غياب أي فرصة للاستغاثة أو طلب المشورة.
أزمات مالية
مع اعتماد معظم المواطنين على التحويلات البنكية أدى انقطاع الاتصالات إلى حدوث أزمة في النقد “السيولة” في مدينة سنار بالتحديد.
وأكد مواطنون لـ”جبراكة نيوز” أن التحويلات المالية عبر تطبيق بنكك التي تتم باستخدام شبكات “ستارلينك” شهدت نسب فوائد كبيرة اضطرت البعض للتخلي عنها.
عصور مظلمة
وفق تحليلات تجمع شباب سنار وإفادات المواطنين، فإن انقطاع الاتصالات يؤدي إلى خلق مناطق مغلقة ومعزولة عن الاعلام والعالم.
وتشكل هذه البيئة حالة من الانفصال تتيح اتخاذ الأطراف المتصارعة إجراءات قد تكون مضرة بالمدنيين إلى حد كبير، كما تعزز انتشار الانتهاكات والجرائم.
وأوردت عدة مناطق في أحداث سابقة وقوع أحداث شنيعة في ظل انقطاع الشبكات دون وجود أي وثائق عدا الإفادات المحكية لاحقا.
وتضم ولاية سنار 7 محليات تسيطر الدعم السريع على 5 منها، بينما تتقاسم محلية سنار مع القوات الحكومية المتمركزة داخل المدينة.
وكانت قوات الدعم السريع سيطرت على مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، في أواخر يونيو الماضي، قبل أن تتمدد في أجزاء واسعة من الولاية.
وتمكن الجيش السوداني، في نوفمبر الجاري، من تحرير مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من قبضة قوات الدعم السريع، بعد تمكنه من تحرير منطقة جبل مويه الاستراتيجة في أوائل شهر أكتوبر المنصرم.
أحدث التعليقات