الأربعاء, مارس 12, 2025
الرئيسيةتقاريرتقرير: تسنيم مصورة توثق مآسي الحرب في ولاية سنار

تقرير: تسنيم مصورة توثق مآسي الحرب في ولاية سنار

 

خرجت بعد أن ضاقت الأوضاع المعيشية في سنار وعادت المدينة إلى عهد “مملكة سنار” في القرن السادس عشر، حيث المطاحن التقليدية والظلام الدامس وبدائية الحياة.

كما تواجه المدينة على الدوام خطرا محدقا، إما من الأجهزة العسكرية داخلها أو عن طريق القذائف التي تطلقها قوات الدعم السريع على أحياء المدنيين.

بهذه العبارات تلخص الناشطة المجتمعية والمصورة تسنيم محمد لـ”جُبراكة نيوز” أسباب مغادرتها مدينة سنار بعد أن صمدت مدافعة ومساعدة وموثقة للأحداث لأكثر من 7 أشهر.

جبراكة نيوز: تقرير – مآب الميرغني

شهادة توثيق

“أنا وكاميرتي شاهدتان على الحرب التي حدثت في سنار، يمكن أن نغيب هي وأنا في يوم ما، ولكن هذه الصور ستظل باقية وموثقة في ذاكرة الوطن، وتوضح إلى أى مدى عاش مواطن سنار حياة غير كريمة خاصة النساء والفتيات”.

هذا ما ورد على لسان الناشطة المجتمعية، التي عملت جاهدة على توثيق أحداث سنار عبر عدستها، وعلى الرغم من المخاطر قررت المصورة تسنيم أن تحمل كاميرتها وتتجول في سنار لتنقل لنا الصورة كما هي.

ولقد عبرت صور لها عن “المرحاكة”، عن الكثير عن معاناة النساء في زمن الحرب، التي أثرت على الجميع، إذ أصبحت المرأة بشكل يومي في مواجهة قاسية مع الحياة.

“المرحاكة” تتكون من حجرين صخريين، وهي آلة يدوية قديمة تستخدم لطحن الحبوب قبل ظهور طواحين الغلال الحديثة، التي حلت محلها بعد أن تراجع Yستخدامها.

المياه في سنار
معاناة المياه في سنار

تقول تسنيم في حديثها لـ”جبراكة نيوز” أن نساء سنار وصفوا “المرحاكة” بـ”أداة الشقاوة في الزمن الحديث”.

ومضت بالقول: بعد اشتداد الخناق على الولاية أثناء الحرب اللعينة تم قطع الكهرباء من قبل المليشيا، فذهبت وانا احمل سلاحي “الكاميرا” لأعكس معاناة امهاتنا وهن يحاولن توفير لقمة تسد رمق الأطفال.

لقد رأيت الأطفال ملتفين حول والدتهم وهي تطحن الذرة جالسة على ركبتيها على الأرض ويداها تضغطان على حجر المرحاكة، والألم يبدو واضحا على محياها، إنها تعود بالزمن إلى عصر سحيق باستخدامها هذه الأداة في الطحن.

قدمت الصورة المعنى من خلال التفاصيل، كيف استطاعت المرأة أن تصمد أمام تداعيات الحرب، وكيف تبدو الحياة بدائية ورغم ذلك تكافح النساء بلا توقف رغم أنف الحرب.

معاناة الطعام في سنار
معاناة الطعام في سنار

أنفاس مرهقة

وفي صورة أخرى، ننقل العدسة مواجهة المواطنين لخطر الموت عطشًا بسبب انقطاع مياه الشرب لأكثر من 10 أشهر، وكيف أنهم اضطروا للبحث عن بدائل أخرى مثل انتشال الماء من الآبار الجوفية، بسبب الاقتتال الدائر بين الجيش والدعم السريع.

وتقول تسنيم: “ذهبت مع قريبتي منذ الصباح الباكر إلى “الكرجاكة” وهي مضخة ماء تعمل بتحريك يد حديدية لأعلى وأسفل بالضغط يدويا، ومن ثم حمل المياه لمسافات طويلة والرجوع إلى المنزل حيث “تتوالى الأنفاس إرهاقا”.

وعن عمليات طهي الطعام، قالت: توقفت الأدوات الحديثة لطبخ الطعام التي تستخدم الغاز أو الأدوات كهربائية، وأصبحت النساء والفتيات تعتمد بشكل أساسي على الحطب (القصب).

وتابعت: “تطبخ المرأة والدموع تسيل من عينيها بسبب الدخان، وشريط ذكرياتها يذهب بها إلى ما قبل الحرب، زمان راحة البال والجسد، وهي في حالة السرحان هذه تنظر إلى أطفالها يبكون جوعاً.

قل الطعام وتوالت الأمراض وأصبحت هذه الأيام القاسية هاجسا يغذيه انقطاع التيار الكهربائي والمياه لأشهر طويلة.

طرق تقليدية

بعد حرب أبريل، وقع على عاتق النساء العبء الأكبر، إذ واجهن النزوح واللجوء والعنف والاغتصاب والفقر والبطالة.

المعاناة الأكبر التي واجهتها النساء في حياتهن اليومية تمثلت في الحصول على المياه في البداية كن يذهبن كيلومترات لجلب الماء من الآبار والمضخات والآن أصبحن يعتمدن على مياه أمطار الخريف الموسمية الملوثة وغير النقية.

 اعتقالات ومضايقات

رغم ما قدمته الناشطة تسنيم من خدمات جليلة للمنطقة، إلا أنها غادرت سنار في الأيام الماضية، وبحسب حديثها أنها لم تستطع البقاء في سنار أكثر من ذلك.

إذ ترى أنها رغم تحرير أجزاء واسعة من الولاية بعد سيطرة المليشيا عليها، إلا انها لا تستطيع البقاء فيها.

وتقول أسعار السلع ارتفعت بشكل كبير إضافة إلى شح في العقاقير الطبية بجانب الضغوطات الأمنية المشددة خاصة مع طبيعة عملها.

وأوضحت: القرار لم يكن سهلا والبقاء أيضًا كان مستحيلا. لافتة: عاد التيار الكهربائي ولكنه لم يشهد استقرارا وكذلك الانترنت والاتصال، إضافة إلى شح السيولة النقدية الذي يفاقم المعاناة في سنار ويجعل الحياة تبدو شبه مستحيلة.

قصة خروج تسنيم ليست الأولى، فبجانب الحصار الذي فرضته الحرب على ملايين السودانيين في الخرطوم والولايات الأخرى، يدفع الناشطون في العمل العام ثمنا باهظا بالتهديد والاعتقال بواسطة طرفي النزاع.

وفي الآونة الأخيرة نفذت السلطات بولاية سنار حملة اعتقالات واسعة في مدن سنار المدينة، وسنجة، والدندر، طالت أعضاء لجان المقاومة والناشطين في العون الانساني والسياسي.

حملة التضييق التي تحدث سواء من الجيش أو الدعم السريع تجاه أنشطة القوى المدنية التي تعمل على كشف وتوثيق الانتهاكات من أجل الضغط لإنهاء الحرب بالطرق السليمة تتزايد في كل يوم عن الذي قبله، مما يجعل خيار المغادرة هو الأنسب.

 

المقالات ذات الصلة
- Advertisment -

الأكثر قراءة

أحدث التعليقات