الأربعاء, مارس 12, 2025
الرئيسيةتقاريرتقرير: شمال كردفان.. حصار وهشاشة أمنية يحولان حياة المدنيين إلى جحيم

تقرير: شمال كردفان.. حصار وهشاشة أمنية يحولان حياة المدنيين إلى جحيم

 

جبراكة نيوز: تقرير – مهند مرشد

منذ أشهر طويلة، وسكان ولاية شمال كردفان يواجهون تحديات أمنية وصحية واقتصادية كبيرة.

وتعمق هذه التحديات باستمرار تداعيات الحرب الجارية في السودان، التي جعلت حياة مواطني الولاية قاسية، في ظل غياب الرعاية الصحية الأساسية ونقص الغذاء والخدمات الأخرى.

ورغم الدعوات الدولية والمحلية لأطراف الصراع بالسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول، وحماية المدنيين، إلا أن المعاناة لا تزال مستمرة.

تتكون ولاية شمال كردفان وحاضرتها الأبيض، من محليات شيكان وأم روابة، بارا، الرهد، سودري، أم دم حاج أحمد وجبرة الشيخ.

ومنذ الأشهر الأولى للحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، تهيمن الأخيرة على الولاية باستثناء مدينة الأبيض.

وتضم الأبيض مقار الفرقة الخامسة مشاة المعروفة بـ”الهجانة”، وبينما لم تفلح الدعم السريع في الاستيلاء على المدينة، إلا أنها تفرض حصارًا عامًا من أربع جهات مما أدى إلى تصعيب وصول القوافل التجارية والمساعدات للمتأثرين وفاقم من أوضاع المدنيين المعيشية والصحية.

انتهاكات ونهب مسلح

وقال مواطنون من محلية بارا إحدى محليات الولاية لـ”جبراكة نيوز” -فضلوا حجب أسماءهم وقراهم لأسباب أمنية- إن من أكبر التحديات الأمنية التي ظلوا يواجهونها هي الانتهاكات التي تمارسها قوات الدعم السريع بحق المدنين مثل القتل والتعذيب والاعتقال بتهمة الانتماء للجيش.

وأكدوا على انتشار عصابات النهب المسلح في الطرق البرية، مشيرين إلى أن بعضها ينتمي لقوات الدعم السريع والآخر من قطاع الطرق المسلحين، لاسيما في طريق “الدبة”، الرابط بين شمال كردفان والولاية الشمالية، وهذا الطريق يعتبر شريان الحياة للولاية خاصة محلياتها الشرقية.

إيقاف الصادرات

تكرار حوادث النهب في طريق الدبة دفع التجار إلى الامتناع عن نقل بضائعهم إلى الولاية خوفًا من النهب، وذلك انعكس على الامداد التجاري وتسبب في ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق.

ووفق حديث تجار يتركز عملهم بين منطقتي حمرة الشيخ وأم سيالة، فإن الحركة التجارية والرعوية والزراعية تأثرت لأقصى الدرجات بعد قرار الدعم السريع إيقاف الصادرات إلى جمهورية مصر العربية ومناطق سيطرة الجيش.

وأشاروا إلى أن هذه القرارات أسهمت في إضعاف العملية التجارية للمحاصيل المهمة مثل السمسم وحب البطيخ والفول السوداني والمواشي، وأضعفت عملية ضخ السيولة في أسواق الولاية مما خلق أزمة اقتصادية حادة تأثر بها صغار التجار والعمال وسكان المناطق التي تمر بها القوافل التجارية.

يشار إلى أنه في أكتوبر الماضي، أعلنت قوات الدعم السريع مقاطعتها للعملية التجارية مع جمهورية مصر، وشددت على معاقبة رادعة لكل تاجر خالف التوجيهات في مناطق سيطرتهم.

وكان السودان يصدّر إلى مصر سلعًا زراعية وحيوانية، يتركز معظم إنتاجها في ولايات دارفور وكردفان، بينها الفول السوداني، السمسم، الصمغ العربي، القطن، وأنواع الماشية الضأن، الأبقار والجمال، مما يعني تضرر مئات المزارعين والتجار ومواطني الولاية.

وأفاد أحد سكان قرى الولاية التي تقع بالقرب من طريق الصادرات الاستراتيجي المؤدي لولاية الخرطوم، بأن الطريق يعتبر خط الامداد الرئيسي لقوات الدعم السريع مما جعله والمناطق المجاورة له هدفًا لطيران الجيش، وبسبب القصف الجوي وعدم دقته في “معظم الاحيان” سقط الكثير من القتلى والجرحى المدنين، وفق حديثه.

وأكد أن من أبرز التحديات الأمنية التي يواجهونها عندما يسافر مواطنو الولاية لمناطق سيطرة الجيش بغرض العلاج أو التجارة أو التعدين لتحسين أوضاعهم الحياتية الصعبة، يتعرضون للمضايقات والاعتقالات بتهم تتعلق بالانتماء لمكونات اجتماعية أو مناطق يصنفها الجيش بـ”حواضن لقوات الدعم السريع”، بحد تعبيره.

الوضع الصحي

توجد بالولاية مراكز صحية صغيرة في القرى والبلدات، ومستشفيات قليلة في المدن والمناطق الريفية الكبيرة، ومعظم هذه المرافق الصحية خاصة غير حكومية ولا تتلقى الدعم من المنظمات الإنسانية لذا تتسم بارتفاع تكاليف العلاج والدواء، ومع ذلك تفتقر هذه المراكز إلى الخدمات الأساسية وعدم توفر الأجهزة المتطورة، مع نقص كبير في الأطباء الاختصاصيين ووفرة الدواء.

وقال المواطن جلال “اسم مستعار”، من سكان المناطق الواقعة شمال بارا إن المرضى في ريف الولاية يواجهون صعوبة في تكاليف الترحيل إلى مناطق التي تتوفر فيها المراكز الصحية، وأشار إلى أن تكاليف الدواء تشهد ارتفاعًا حادًا مع انعدام الكثير منها.

وأكد جلال تفشي حمي الضنك والكوليرا بمطقته في الأشهر الماضية، مما أدى إلى وقوع وفيات كثيرة، إلا أن الجهود الطبية المبذولة استطاعت الحد من تفاقم الأوضاع الصحية.

ودعا في حديثه لـ”جبراكة نيوز” المنظمات لتقديم الإغاثة نسبة للتدهور المريع في الوضع الاقتصادي، موضحًا أن غالبية الأسر بمحلية بارا يعانون في توفير الحد الأدنى من الاحتياجات المعيشية، مؤكدًا على غياب المنظمات الإنسانية المعنية بتقديم المساعدات للمتأثرين بالحرب.

وكشف أحد تجار المحاصيل الزراعية فشل الموسم الزراعي في معظم ولاية شمال كردفان، مرجعًا السبب إلى الآفات الزراعية وعدم توفر المبيدات الحشرية، بسبب عرقلة انسياب المدخلات الزراعية.

ولفت في حديثة لـ”جبراكة نيوز”، إلى أن معظم سكان المناطق الزراعية في شمال كردفان يعتمدون في معاشهم بشكل أساسي على المخزون الغذائي الذي يوفرونه من محاصيلهم الزراعية قبل طرحها في السوق، ومع الفشل الذي أصاب الموسم باتت مئات الأسر تواجه الجوع الحاد.

وأبان أن جميع القوافل التجارية التي تأتي من الولاية الشمالية عالية الكلفة، بسبب فرض قوات الدعم السريع والإدارات الأهلية مبالغ مالية قد تصل لـ 7 ملايين جنيه للسماح لها بالمرور عبر “الطوف”، بذريعة حمايتها، مما يدعو التجار لإضافة التكلفة إلى أسعار السلع، وهذا جعل أصحاب الدخل المحدود عاجزين عن الشراء لاسيما من فقدوا أعمالهم بفعل تأثيرات الحرب.

وقال إن ذلك أسهم في وقوع إصابات بسوء التغذية مع الوضع الاقتصادي المتدهور، وعدم قدرة السكان على توفير الحد الأدنى من الضروريات المعيشة.

وبسبب تواصل الصراع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لنحو 20 شهرًا، بات الوضع الإنساني في غاية القسوة، مما يستدعي التعاون الدولي والمحلي لايصال المساعدات للمتضررين في ولاية شمال كردفان.

وبحسب الأمم المتحدة، فإن أكثر من نصف السكان بأنحاء السودان يعانون من الجوع الحاد، تسبب في الصراع المستمر في البلاد.

ويواجه السودان مستويات تاريخية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ولكن الوضع خطير بشكل خاص للعالقين في المناطق المتأثرة بالصراع وخصوصًا ولايات الجزيرة، دارفور، الخرطوم وكردفان.

 

المقالات ذات الصلة
- Advertisment -

الأكثر قراءة

أحدث التعليقات