الأربعاء, مارس 12, 2025
الرئيسيةتقاريرتقرير: نساء خلف القضبان.. سودانيات يواجهن الابتزاز والعنف الجنسي

تقرير: نساء خلف القضبان.. سودانيات يواجهن الابتزاز والعنف الجنسي

جبراكة نيوز: تقرير- فريق التحرير

“العسكري طلب مني الذهاب معه من المعتقل إلى منزله والمبيت مقابل إطلاق سراحي”.

تقول آمنة – اسم مستعار –وتروي أنها كانت متجهة من الخرطوم إلى ولاية الجزيرة للعمل مع منظمة إنسانية في أحد معسكرات النزوح.

وتضيف في حديثها لـ”جبراكة نيوز”: “تم اعتقالي في منطقة 24 القرشي بولاية الجزيرة وسط السودان بعد تحويل جميع من هم بالحافلة إلى التحقيق لأننا لم ندفع مبلغا محددا لارتكاز الجيش – وهي نقطة تفتيش – حتى يتركونا نعبر، لم يكن بحوزة المواطنين المبلغ المطلوب فتم تحويلنا للتحري في واقعة غير منطقية ودون أي حق أو جرم ارتكبناه.

الجنس مقابل الحرية

وتقول آمنة “طلب منا المحقق المبيت والتحرك اليوم التالي، أنا اعترضت فتم إدخالي المعتقل داخل قسم الشرطة وقاموا بتفتيشي وأخذ هاتفي ووجدوا بعض صور المواكب أيام الثورة فاستخدموا معي العنف اللفظي وسألني أحدهم من أين أتيت وعندما علم أنني من سكان مايو وجه لي اتهاما بأنني عميلة وجاسوسة للدعم السريع، ولم يسمح لي أن أتحدث وأدافع عن نفسي وإنما فقط وضعوني وراء القضبان”.

وتتابع “عندما جاء الليل جاءني أحدهم وطلب مني الذهاب معه إلى منزله والمبيت معه فصرخت في وجهه فغضب وقرر أخذي بسيارة إلى مكان لا أعلم به فتصديت له ووقفت إلى جانبي نساء أخريات كن معي داخل الحراسة، ولا أعلم مصيرهن حتى الآن.

وصول للناجيات

حال فاطمة، هو حال الكثير من النساء اللاتي يتم اعتقالهن دون تهم واضحة وإنما فقط بسبب إنهن سياسيات أو ناشطات في العمل العام.

تقول مديرة وحدة مكافحة العنف -وحدة حكومية – سليمى اسحاق، إن دور الوحدة كبير جدًا في رصد الانتهاكات ولكن المشكلة أن هناك صعوبة في الوصول إلى الناجيات من الاعتقال.

وأضافت سليمى في إفادتها لـ”جبراكة نيوز”: في إطار ملف النساء المتهمات بالتعاون مع الدعم السريع، لا توجد موافقة مستنيرة في ظل وجود سلاح يجبر على الانصياع وتنفيذ الأوامر، إضافة إلى أننا مقصرين جدا في هذا الملف ولكننا نعمل عليه.

وأكدت سليمى، أنه لا توجد احصائيات في الوحدة لكن سوف يتم العمل على قصص الاعتقال، وأضافت “بعدها نستطيع حصر النساء اللاتي تم اعتقالهن بسبب الاجسام السياسية أو انتماءتهن القبلية”. وتابعت “في تقاريرنا نركز على كل الانتهاكات سواء أكانت من الدعم السريع أو الجيش، في النهاية غرضنا الأول هو إيقاف استخدام أجساد النساء في الحروب”.

اتهام بالتجسس

تقول علوية – اسم مستعار – “نزحت من مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور إلى ولاية القضارف، وعند حصار ولاية سنار غادر عدد كبير من المواطنين إلى مدينة القضارف شرقي السودان”. وأضافت في حديثها لـ”جبراكة نيوز” إنها تعمل صحفية، وذهبت لتغطية ميدانية عن أوضاع النازحين من ولاية سنار مع زميل صحفي فتم اعتقالهما والتدقيق في هوياتهم وهواتفهم، ووجدوا أنها من مواليد مدينة الجنينة فتم التحقيق معها على أساس عنصري قبلي واعتبروها جاسوسة تتبع لحواضن قوات الدعم السريع، ووجهت الأجهزة الأمنية إليها اتهامات مباشرة بذلك. وتقول إن التحقيق استمر معها لمدة ست ساعات.

استغلال جنسي

القانونية أروى صابر، تقول لـ”جبراكة نيوز” “منذ اندلاع حرب 15 أبريل ارتكبت كل أطراف النزاع انتهاكات ضد النساء وخاضت الحرب على أجسادهن. وتضيف “النساء فئة مستضعفة من قبل المجتمع ويتعرضن للاستغلال الجنسي والاعتقالات والأحكام بالإعدام لمدنيات بسبب قوانين طوارئ غريبة لا تتكافأ مع القوانين الدولية للنزاع ولا مع قوانين التعامل مع المدنيين في حالات النزاع”.

وتقول “مثلا قانون الوجوه الغريبة والادعاء على فئة من الفئات الغرض منه إدماج المدنيين في الحرب وهي انتهاكات غير دستورية ليست لها أي مرجعية”.

وذكرت أروى، أن النساء السياسيات والمدافعات عن حقوق الإنسان منذ بداية الحرب تعرضن للاستهداف من أطراف النزاع، سواء بالعنف الجنسي أو أساليب الاغتصاب، أو تلفيق التهم لهن وإصدار أحكام تصل إلى الإعدام.

ونوهت إلى أن مثل هذه الأحكام غالبا لا توفر حق المحاكمة العادلة، بعدم توفير محامي دفاع، كما أن المبلغ هو نفسه القاضي والجلاد. وتقول “بالنسبة لي إن كل هذه المؤشرات عبارة عن دليل وصور واضحة أن الحرب تستهدف فئة النساء بشكل خاص وممنهج متعمد من طرفي النزاع”.

قتل النساء

قالت مسؤولة بـشبكة نساء القرن الأفريقي (صيحة) إن قوات الدعم السريع قتلت نساء كثيرات منذ بداية الحرب في مدينة أمدرمان، منهن 6 نساء قتلن في منطقة أمدرمان القديمة، إحداهن تدعى (ن) اغتالتها قوات الدعم السريع رميا بالرصاص في شارع الموردة وتم مواراة جثمانها من قبل سكان من المنطقة وتم الإعلان عن مكان دفنها ليستطيع ذووها في يوم ما الوصول إلى قبرها.

وقالت مسؤولة صيحة في تصريح لـ”جبراكة نيوز” إن الشبكة وثقت حالة تعذيب حتى الموت لامرأة تعمل طبيبة فى منطقة الهاشماب، وأن هناك أخبارا عن استهداف وقتل نساء في مناطق جنوب الخرطوم.

وأفادت بالقبض على عدد كبير من النساء من قبل الخلية الأمنية والقوات النظامية فى المناطق التي يسيطر عليها الجيش، علاوة على توجيه عدد من الاتهامات لهن بالتخابر والتعاون مع الدعم السريع، واستهداف النساء بالبلاغات فى عدد من الولايات.

وأضافت إنه تم سابقا اتهام السيدة سلمى وأم زوجها وأخت زوجها بالتخابر مع الدعم السريع في ولاية نهر النيل بعطبرة، وفقدت أم الزوج حياتها داخل السجن وتم الحكم على سلمى بالاعدام وتم تبرئتها لاحقا بعد الاستئناف.

وتابعت “أيضا تم توجيه تهمة التخابر للشابة آية في ولاية نهر النهر بمدينة عطبرة وتم الحكم عليها بالإعدام ولاحقا تمت تبرئتها بعد الاستئناف”.

وأشارت مسؤولة صيحة إلى إنه تتم الآن محاكمة الشابة “الدرة” في ولاية نهر النيل، التي تم الحكم عليها بالاعدام وتم إلغاء الحكم وارجاعها الى محكمة الاستئناف.

وأوضحت أن كل هذه الحالات مثال لعدد كبير من النساء اللاتي تم توجيه تهم إليهن دون أي سند قانوني، وهناك عدد من النساء تم إلقاء القبض عليهن ولم يتم توجيه أي تهم أو حتى فتح بلاغات ضدهن وما زلن موجودات بسجن بورتسودان المركزي.

أحكام الإعدام

واعتبرت المحامية أروى، أن صدور أحكام الإعدام والمحاكمات الجزافية التي لا تتوافق مع حق المحاكمة العادلة ليست فقط في مدينة أمدرمان بل في كل الولايات الآمنة التي تسيطر عليها ما وصفتها بحكومة الأمر الواقع، فهناك نساء كثر متهمات بـ التآمر والتخابر دون وجه حق ودون أدلة كافية ويتم التحقق معهن وتفتيشهن دون إذن وهذا يعني انك تتربص بالمتهم ويعد هذا انتهاك خصوصية دون أمر من الخدمات النيابية، والقصد واضح استهداف النساء وقمع حرياتهن.

وأكدت مسؤولة صيحة أن الشبكة تتواصل مع الضحايا بشكل مباشر وتعمل في المناصرة لكل قضايا النساء والفتيات وأيضا في مسألة إنهاء العنف ضد النساء والفتيات.

وأضافت “نعمل على وصول النساء والفتيات إلى العدالة ونعمل أيضا في الحماية، ونساعد في رفع قدرات المجتمع المدني وتحديدا المجموعات النسوية والمجموعات التي تعمل في توثيق العنف الجنسي”.

وتابعت إن شبكة صيحة تتواصل مع الضحايا أحيانا بشكل مباشر وأحيانا كثيرة عبر مقدمي الخدمات، ولفتت إلى أنها تحرص على أن تساعد في أن تحصل ضحية العنف الجنسي على البروتوكول الصحي وبعدها تعمل في مساعدتها على الخروج إلى منطقة آمنة لأنه غالبا ما تتعرض الضحية للاغتصاب مرة أخرى ومن ثم نعمل بعد أن نطمئن إنها في مكان آمن على حصولها على الدعم النفسي وتلقى الخدمات الطبية.

عنف جنسي

أعداد النساء فى معتقلات الدعم السريع غير محصورة ولكنها أرقام كبيرة، وبحسب ناشطين حقوقيين تم رصد عدد من معتقلات وسجون الدعم السريع، وأكدوا سماع شهادات من أشخاص تم إطلاق سراحهم بأن هناك نساء كثيرات حبيسات بالسجون، شهدوا بأنهن يتعرضن للعنف الجنسي بشكل يومي وأيضا يتم إجبارهن على اداء كل الخدمات من غسل ملابس الجنود وطبخ وإعداد الطعام.

وسبق وحذر المحققون الذين عينهم مجلس حقوق الإنسان في جنيف من أن النساء والفتيات في السودانم يتعرضن بشكل نمطي للعنف الجنسي واسع النطاق والاغتصاب الجماعي والاختطاف واحتجاز أشبه بالعبودية الجنسية.

وعدم وجود إحصائيات دقيقة لأعداد النساء داخل السجون، فى ظل انقطاع الاتصالات والتضييق الأمني الحاد يمثل عقبة أمام الأسر في الحصول على الدعم القانوني وفي معرفة أين اختفت هؤلاء النساء.

 

المقالات ذات الصلة
- Advertisment -

الأكثر قراءة

أحدث التعليقات