جبراكة نيوز: تقرير – كمبالا
مع دخول العام 2025 ما يزال السودان يشهد وطأة حرب دامية بين الجيش وقوات الدعم السريع مستمرة لنحو 20 شهرًا متواصلة.
وامتدت شرارتها لتشمل معظم انحاء البلاد، بعد اندلاعها في العاصمة الخرطوم في 15 أبريل 2023، حيث كانت تطلعات السودانيين خلال الأشهر الأولى تمضي نحو إنهاء الصراع عبر الحلول السلمية، إلا أن الواقع يشير إلى أن خيار استمرار المواجهات هو الأرجح.
وخلال الأشهر القليلة الماضية تمكن الجيش السوداني من فرض سيطرته على مناطق عديدة في السودان وسط تراجع وهزائم متلاحقة لقوات الدعم السريع، التي كانت تحرز تقدمًا في عدد من الولايات في النصف الأول من هذا العام، قبل أن تتغير موازين القوى لاحقًا.
ومنذ أغسطس الماضي شهدت العمليات العسكرية تطورات مهمة، أدت إلى استعادة مناطق استراتيجية لصالح القوات المسلحة السودانية، وذلك بسبب تقدم الجيش والانتقال من استراتيجية تعزيز الدفاعات والاعتماد بشكل كبير على سلاح الجو، إلى استراتيجية الهجوم البري المصحوب بالطلعات الجوية.
وتشير التقديرات العسكرية إلى أن تقدم الجيش في عملياته العسكرية الأخيرة قد يكون له تأثير كبير في مجرى الحرب خلال العام الجديد 2025.
معركة جبل مويه
في أكتوبر الماضي، عبر عمليات جوية وبرية نوعية حقق الجيش انتصارًا كبيرا باستعادة السيطرة على جبل مويه بولاية سنار، التي تعد منطقة استراتيجية عسكريًا لوقوعها في طريق يربط عددا من الولايات، ما عزز موقف الجيش العسكري في ولاية سنار.
وكانت قوات الدعم السريع قد سيطرت على منطقة جبل مويه أواخر يونيو الماضي، مما مهد لسيطرتها على معظم ولاية سنار بما في ذلك مباني الفرقة 17 بعاصمة الولاية سنجة، قبل أن يتمكن الجيش من استعادتها في أواخر أكتوبر الماضي، ضمن مناطق أخرى بالولاية.
وظل الطرفان يقدمان وعودا بإنهاء الحرب لصالحهما خلال فترات قصيرة، وتوقع نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي مالك عقار في مؤتمر صحفي سبتمبر الماضي إنهاء الحرب عسكريًا بينهم والدعم السريع قبل نهاية العام 2024.
محور الجزيرة
منذ ديسمبر الماضي اقتحمت قوات الدعم السريع حاضرة ولاية الجزيرة ود مدني، مما دفع الجيش للانسحاب نحو ولاية سنار دون خوض معارك تذكر، وسرعان ما انتقلت للاستيلاء على اجزاء واسعة من الولاية عدا محليتي المناقل و 24 القرشي.
وفي هذا الشهر -ديسمبر- تقدم الجيش نحو قرى استراتيجية في ولاية الجزيرة أدت إلى سيطرته على عدد من البلدات، وأمس الاثنين، أعلنت قوات درع السودان التي تقاتل مع الجيش سيطرتها على مدينة ود راوة الواقعة شمال غرب تمبول، التي تعتبر استراتيجية كونها تفصل بين ولاية الجزيرة والخرطوم، قبل أن تعود قوات الدعم السريع للسيطرة عليها في اليوم ذاته بعد تكبدها بعض الخسائر.
محور ولاية الخرطوم
بحسب ما تفيد التقارير، فإن الجيش كثف من عملياته الجوية، مع انفتاحه على مناطق جديدة في مدينة الخرطوم منذ سبتمبر الماضي، بما في ذلك تقدمه نحو منطقة المقرن الاستراتيجية، مع بقاء سيطرته على القيادة العامة وسلاح المدرعات، وبالمقابل ظلت الدعم السريع تحافظ على مواقع مثل القصر الجمهوري ومطار الخرطوم ومواقع جنوب وشرقي ووسط الخرطوم.
وفي مدينة بحري تمتد سيطرة هذه القوات على المناطق الواقعة جنوب وشرقي المدينة وشرق النيل، بالإضافة إلى أنها ما تزال تسيطر على أهم منشأة نفطية في السودان “مصفاة الجيلي”، شمال بحري.
فيما أحرز الجيش تقدمًا بعبوره جسر الحلفايا من ناحية بحري وتمكن من البقاء داخل الأحياء المتاخمة للجسر، مما يقرب المسافة بين قوات الجيش في قاعدة الكدرو العسكرية.
وتشهد مدينة بحري، في منطقة شمبات، مربعات 15 و16 خلال هذه الأيام معارك عنيفة بين الدعم السريع وقوات الجيش التي تحاول التقدم وتحقيق الالتحام ما بين قوات في بحري وقواتها في سلاح الإشارة مما يمهد للاتصال بالقوات الموجود داخل القيادة العامة في الخرطوم.
وفي أمدرمان يهيمن الجيش منذ اندلاع الحرب على مواقع عسكرية مهمة بينها سلاح المهندسين، السلاح الطبي، كلية القادة والأركان، قاعدة وادي سيدنا العسكرية، الكلية الحربية، بالإضافة إلى محلية كرري وأحياء أمدرمان القديمة التي استعادها في عمليات نوعية في مارس الماضي، بالإضافة إلى سيطرته على اجزاء من محلية أمبدة غربي المدينة التي تقدم إليها مؤخرًا، وتقع الأجزاء الأخرى من المدينة تحت سيطرة الدعم السريع.
إقليم دارفور
تسيطر قوات الدعم السريع على 4 ولايات في إقليم دارفور منذ العام الماضي، فيما يحكم الجيش وحركات الكفاح المسلح “القوة المشتركة”، التي تقاتل إلى جانب القوات المسلحة سيطرتها على مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور التي تعتبر آخر المواقع الكبيرة والاستراتيجية للجيش في الإقليم.
وخلال ديسمبر الحالي أعلن الجيش والقوات المشتركة المتحالفة معه في بيانات منفصلة تقدمهم في عدد من المناطق بولاية شمال دارفور، مؤكدين سيطرتهم على قاعدة الزرق العسكرية التي عدها بيان القوة المشتركة نصرا إستراتيجيا كبيرا، سبقة السيطرة على وادى هور بالكامل.
غير أن الدعم السريع قالت في بيان إنها استعادت سيطرتها على قاعدة الزرق العسكرية، في حين تنفي القوات المشتركة ذلك.
وتأتي تلك التطورات وسط اتهامات حكومية متواصلة بأن قوات الدعم السريع تتلقى دعما لا محدود من دولة الإمارات العربية المتحدة، بينما تنفي الأخيرة تلك الاتهامات عن نفسها.
وفي تقرير لوكالة رويترز هذا الشهر ذكرت إن إدارة الرئيس جو بايدن ستقدم للمشرعين الأميركيين تقييما بحلول 17 يناير المقبل لمصداقية التأكيدات التي قدمتها الإمارات العربية المتحدة بأنها لا ولن تقدم أسلحة لقوات الدعم السريع في السودان.
ومنذ اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، تسببت الحرب في مقتل أكثر من 20 ألف شخص، ونزوح 14 مليون من مناطقهم، وخلفت أزمات إنسانية حادة، ونصف سكان البلاد يحتاجون للمساعدات الإنسانية، وفق المنظمات الأممية.
أمد الحرب
ورغم الأصوات الدولية والإقليمية بما في ذلك الأمم المتحدة الساعية منذ أشهر طويلة للتوسط بين طرفي النزاع للوصول لاتفاق ينهي القتال الدامي بينهم، للحد من الأزمات الإنسانية المتصاعدة وسط المدنيين، لم تثمر الجهود المبذولة بوقف إطلاق النار.
ويشير الفشل المستمر في إنهاء الصراع عبر الطرق السلمية، إلى أن أمد الحرب سيطول بسبب تعقيد الأوضاع، ومع ذلك يبقى أمل السودانيين قائمًا في نجاح الوساطة في إيصال الأطراف المتحاربة لطاولة المفاوضات وانهاء معاناة الملايين عبر الحلول السلمية.
أحدث التعليقات