الأربعاء, مارس 12, 2025
الرئيسيةتقاريرتقرير: شباب السودان.. أحلام دمرتها الحرب وآمال ترنو إلى الغد

تقرير: شباب السودان.. أحلام دمرتها الحرب وآمال ترنو إلى الغد

جبراكة نيوز: تقرير- أمل يحيى

يقول محيي الدين يحيى “كنت أعمل في إحدى الشركات بالعاصمة الخرطوم، أعيش مع أسرتي الكبيرة والصغيرة، وأعولهم بما أجلبه من دخل معقول. كانت لدي الكثير من الفرص للعمل خارج السودان، لكنني رفضتها؛ كنت أطمح لبناء مستقبلي في بلدي، بجوار أسرتي وأصدقائي. لكن فجأة، اندلعت الحرب. فقدت كل ما أملك، واضطررت لمغادرة السودان، بحثًا عن الأمان في دولة الإمارات مع أسرتي الصغيرة، بينما بقيت بقية الأسرة داخل السودان.”

قبل اندلاع الحرب في السودان في العام قبل الماضي، كان العديد من الشباب يعيشون أوضاعًا متنوعة؛ منهم من يدرس، ومنهم من يعمل، وآخرون ينخرطون في أنشطة سياسية واجتماعية سعياً لتحقيق الديمقراطية في البلاد.

بعد ثورة ديسمبر، لعب الشباب دورًا كبيرًا في المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي. حينها، بدأت رؤى جديدة تتضح لهم، وبدأوا يحلمون بوطن ديمقراطي حر. حتى الذين كانوا يطمحون للهجرة، عدلوا عن ذلك وقرروا البقاء والعمل من أجل بناء السودان.

تبدد الأحلام

يتابع محيي الدين في حديثه لـ “جبركة نيوز” ويقول بصوت يغلبه الحزن: “لا يزال الأمل يراودني في انتهاء الحرب والعودة إلى السودان، لكنني أشعر بالخوف من المستقبل. كيف سيكون الحال بعد هذا الدمار؟ ومع دخول السنة الجديدة، أتمنى أن تتوقف الحرب، لكنني أدرك أن العودة قد لا تكون مباشرة. أفكر الآن في الهجرة إلى أوروبا لبناء حياة مستقرة، لكنني أؤمن أن تحقيق السلام ممكن إذا قرر طرفا الحرب إنهاءها. فهما من بدأ الحرب، وهما فقط من يمكنهما إيقافها. ورغم جهود القوى المدنية، يبقى القرار في أيدي أطراف الصراع. أتمنى أن تحمل السنة الجديدة السلام لنا، فالحرب أنهكتنا جميعًا.”

تبدد الأحلام

حين اندلعت الحرب. فقد الكثيرون وظائفهم، تدهورت أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، وتبددت أحلامهم. انتهى المطاف بالبعض في دول الشتات، يبحثون عن فرصة لبناء حياة جديدة، بينما يعيشون بين أمل العودة بعد انتهاء الحرب، وبين التفكير في الهجرة إلى دول أخرى، خاصة الأوروبية.

من العاصمة الأوغندية كمبالا، يروي الشاب محمد حسن، شيئا من تجربته مع اللجوء بعد اندلاع الحرب في السودان، ويقول لـ”جبراكة نيوز”:
“اللجوء في حد ذاته حدث اضطراري، دفع بالكثير من الشباب للسفر دون تخطيط أو استعداد كافٍ بحثًا عن الأمان. كانت أوغندا وجهة مثالية بسبب سهولة شروط اللجوء فيها، لكن بمجرد الوصول، بدأت التحديات تتكشف. يعاني الشباب هنا من صعوبة الاندماج بسبب التباين الكبير بين ثقافة البلدين. السودانيون، نتيجة العزلة الثقافية، لم يتعرضوا كثيرًا للثقافات الأفريقية القريبة منهم، مما جعل التكيف أكثر صعوبة.”

الشاب السوداني محمد حسن

ويضيف محمد “اللغة إحدى العوائق الكبرى. فمعظم السودانيين نشأوا وتعلموا باللغة العربية، بينما تعتبر الإنجليزية لغة التواصل الرئيسية في أوغندا. إضافة إلى ذلك، أبرز التحديات هي الاقتصادية؛ فرص العمل قليلة جدًا، والأجور لا تكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية. كما أن غياب الثقافة القانونية يمنع الكثير من الشباب من معرفة حقوقهم وواجباتهم، ما يعرضهم للاستغلال.”

وعن مستقبله ومستبقل بلده السودان يقول محمد “بالنسبة لي، لا أرى أي أفق قريب للسلام في السودان. لقد بدأت أفكر جديًا في بناء حياة جديدة بعيدًا عن السودان، رغم صعوبة اتخاذ هذا القرار.”

أمل العودة

أما الشابة أروى صابر، فتُعبّر عن رأيها بحسرة،  إلا إنها رغم ذلك مفعمة بالأمل، إذ تقول: “رغم كل شيء، أؤمن أننا سنعود يومًا ما، وستتحقق العدالة للضحايا. لا أحد منا لا يتمنى العودة إلى السودان وتربية أطفاله على الهوية السودانية. لكن طول أمد الحرب يضطرنا كلاجئين إلى التكيف مع أوضاعنا الحالية، والعمل لبناء حياتنا في الدول التي لجأنا إليها. نعيش في حالة من الضبابية، لكننا متمسكون بالأمل.”

أروى وصلت إلى أوغندا بعد اندلاع الحرب في بلدها السودان، وتقول إنها تسعى الآن لتوفير فرص عمل ثابتة تعينها على الحياة في بلد اللجوء رغم صعوبة ذلك، وتضيف إنها تخطط أيضا إلى إكمال تعليمها الجامعي والتزود بالعلم للمستقبل الذي ترى إنه رغم قتامة الحاضر إلا أننا يجب أن نستعد له ونتهيأ لبناء وطننا السودان فـ “الحرب حتما ستنتهي، وسنعود إلى بلدنا”، كما تقول.

إيقاف الحرب

يقول الباحث الاجتماعي بخيت الطاهر، إنه رغم المعاناة والشتات، يبقى الشباب السوداني العنصر الأهم في تحقيق السلام ووقف الحرب.

ويضيف في إفادة لـ “جبراكة نيوز” أن الشباب لديهم القدرة على تشكيل قوة ضاغطة عبر تنظيم المبادرات والحملات التي تدعو للحوار والسلام.

ويتابع “يمكنهم أيضًا لعب دور محوري في توعية المجتمع بضرورة نبذ العنف والعمل على تعزيز قيم التعايش والتفاهم بين مختلف الأطياف السودانية”.

بناء المستقبل

ويرى الطاهر، بأن الشباب، باعتبارهم الفئة الأكثر تأثرًا بالحرب، قادرون على تقديم مقترحات مبتكرة للحلول السياسية والاجتماعية. من خلال استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، كما يمكنهم تسليط الضوء على الأوضاع الإنسانية داخل البلاد، مما يجبر الأطراف المتصارعة على الالتفات إلى معاناة الشعب والبحث عن حل شامل ومستدام.

ويؤكد أن دور الشباب بعد توقف الحرب يصبح أكثر أهمية في مرحلة البناء والإعمار. مشيرًا إلى أنهم يمكنهم قيادة جهود إعادة الإعمار من خلال العمل في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبنية التحتية. وأردف إن الشباب يمثل الطاقة التي يحتاجها الوطن لتجاوز الدمار وإعادة بناء ما تهدم، سواء عبر مشروعات تنموية، أو تأسيس شركات صغيرة تُعزز الاقتصاد المحلي، أو حتى من خلال المساهمة في نشر التعليم والوعي في المناطق التي تأثرت بالصراع.

وزاد: “يتحمل الشباب مسؤولية ترميم النسيج الاجتماعي من خلال تعزيز ثقافة الحوار والمصالحة بين المجتمعات التي دمرتها الحرب”. وأكد الطاهر، أن بناء وطن جديد يتطلب جهودًا جماعية، ويحتاج إلى روح الشباب المتفائلة التي تسعى دائمًا للتغيير الإيجابي.

حياة جديدة

يجد الشباب السوداني أنفسهم عالقين بين خيارين أحلاهما مر. أولهما العودة إلى وطنهم، وهو خيار ليس سهلاً في ظل استمرار الحرب وغياب الاستقرار، والخيار الآخر هو البقاء في دول اللجوء، ما يفرض عليهم تحديات يومية تتعلق بالاندماج والعمل وبناء حياة جديدة.

لكن يبقى الأمل موجودًا، فالشباب هم أساس أي تغيير. وشباب السودان، وهم النسبة الأكبر من المواطنين، إذ يمثلون أكثر من 60% من السكان؛ سواء قرروا العودة لبناء وطنهم، أو استقروا في الخارج، سيظل حلمهم بوطن ديمقراطي حر يُضيء طريقهم، مهما كانت التحديات.

المقالات ذات الصلة
- Advertisment -

الأكثر قراءة

أحدث التعليقات