ناجية تسترجع أيام الرعب بعد ندلاع الحرب في مدينة الجنينة
جبراكة نيوز: تقرير – فريق التحرير
“صادفت أكثر من 60 جثة من بينها 13 طفلًا ملقاة بإهمال على الطريق أثناء فراري من مدينة الجنينة نحو الأراضي التشادية”.
أمنة إسحق آدم، الباحثة الاجتماعية البالغة من العمر 27 عامًا، تروي قصة مؤلمة عن تجربتها في الهروب من مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور. وتقول إن أكثر ما أثر فيها رؤية أم متحللة وجسد طفلها لا يزال مربوطًا بها، مما جعل هذا المشهد من أكثر المواقف حزناً التي واجهتها.
مشاهد مروعة
المشاهد المروعة التي عاشتها آمنة أثناء الفرار، حيث الشوارع مليئة بالجثث الملقاة، في ظل تهديدات مستمرة تحاصر المدنيين. وتروي أنها كانت برفقة أسرتها المكونة من أختها الصغرى، والدتها، زوجة أخيها، وأخيها مع أطفاله، في محاولة يائسة للهرب من الخطر المتزايد.
وفقًا لتقرير مجلس خبراء الأمم المتحدة المقدم إلى مجلس الأمن في 15 يناير 2024، فإن قوات الدعم السريع والمليشيات المحلية المتحالفة معها تتحمل مسؤولية المجازر التي وقعت في غرب دارفور، وبالتحديد في مدينة الجنينة، خلال الفترة ما بين يونيو ونوفمبر 2023. وقد أسفرت هذه الأحداث عن مقتل ما يتراوح بين 10,000 و15,000 شخص.
تروي آمنة أن المواجهات في الجنينة لم تبدأ منذ اليوم الأول للحرب في الخامس عشر من أبريل ليتركز القتال في أيامه الأولى على الأحياء الشمالية لمدينة الجنينة. تشير آمنة المقيمة في حي الشاطئ أن الهجوم الأول الذي شهده الحي كان في منطقة المدارس، حيث سُمع دوي المدافع ورُصدت موجات من السكان يفرون، حوالي الساعة العاشرة صباحًا.
وتضيف: “تعرّض منزلنا لهجوم مباشر. المسلحون اقتحموا المنازل وكانوا يحملون قوائم أسماء مكتوبة في دفتر صغير. طريقة استجوابهم كانت واضحة وتستهدف بشكل عرقي، حيث كانوا يسألون عن انتماءاتنا القبلية ويبحثون عن الرجال تحديدًا”.
تمكنت آمنة من ملاحظة اسم واحد في الدفتر يعود لعائلة محمد أرباب، لكن الخوف والارتباك حالا دون قراءة بقية الأسماء. الهجوم ترك شعورًا عميقًا بالخوف والقلق من استمرار هذه الاستهدافات العرقية، مما دفع الكثيرين للفرار نحو مدينة أدري التشادية ومعسكرات اللجوء.
تسرد أمنة تفاصيل مروعة تعرضت لها أسرة تسكن جوارهم مكونة من سبعة أفراد، وتقول حاول الجيران التوسط إلا أن المسلحين أصروا على استهداف الرجال بالمنزل ونهب ممتلكاته.
في حوالي الساعة الواحدة ظهرًا، عاودت المجموعة مهاجمة المنزل مرة أخرى، وكسروا الباب باستخدام السلاح واقتحموا المنزل. داخل المنزل رجل كفيف حاول المسلحون الاعتداء عليه. تدخل الجيران مرة أخرى، لكن المهاجمين نهبوا محتويات المنزل، وكسروا الأثاثات ودمروا المراوح والمكيفات.
خلال الهجوم، تعرض إحدى أفراد الأسرة التي وضعت مولودًا قبل عشرين يومًا فقط، للاعتداء أثناء محاولتها الحديث مع المهاجمين. عندما بدأوا في تفتيش المنزل وعثروا على ساطور تحت إحدى المراتب فاعتدوا عليها بضربها في ساقها، مما تسبب لها في جرح خطير ونزف حاد. ورغم الإصابات. لحسن الحظ استقرت حالتها الصحية لاحقًا.
وتروي آمنة تفاصيل نهب المنازل، وتقول إن مجموعة مسلحة مكونة من سبعة أفراد، تتمركز في الشارع الرئيسي، بدأوا في اقتحام المنازل واحدًا تلو الآخر وقاموا بالاعتداء والنهب تحت تهديد السلاح.
شهدت المدينة هدوءًا نسبيًا لنحو أسبوع لتتصاعد الهجمات بشكل أعنف. ولتبدأ معها عمليات اقتحام المسلحين للمنازل، مما زاد من حالة الرعب بين السكان.
تقول آمنة: “أشقائي قرروا الفرار خلال هذه الفترة، متجهين نحو منطقة أردمتا، ومنذ ذلك الوقت لم نتلق أخبارهم لمدة شهر كامل، وسط تضارب الأنباء حول مكان وجودهم”.
في الأثناء تعرضت شقيقة آمنة، وهي إعلامية تعمل في وزارة الثقافة والإعلام، لتهديدات مباشرة بسبب حديثها عن الهجوم الذي تعرضوا له في منزلهم في وقت سابق. التهديد كان من أحد شاب حي النسيم المجاور الذي شوهد يتجول وهو يحمل السلاح بالقرب من منزلهم.
نجحت أسرة آمنة في إجلاء شقيقتها الإعلامية وعدد من الفتيات إلى مدينة أدري التشادية قبل مقتل الوالي خميس أبكر بفترة وجيزة.
وبعد مقتل أبكر والتمثيل بجثته لم يعد من الممكن لبقية أفراد أسرة آمنة من الإقامة بالجنينة، فقرروا مغادرة المدينة.
وقالت إن السائق الذي أوصلهم عبر الطريق لم يظهر أي احترام للجثث، بل أساء للموتى بطريقة مستفزة، واصفة تصرفاته بأنها غير أخلاقية ومشينة.
خلال الرحلة، واجهوا أول نقطة تفتيش، حيث تم تهديدهم وتفتيشهم. تقول: “لم يأخذوا منا شيئًا، لكن كانت هناك محاولات لتخويفنا.” وعند وصولهم إلى ثكنة الجيش، تعرضوا لمزيد من التهديدات والتمييز على أساس قبلي.
تروي تفاصيل موقف مرعب حدث مع أخيها: “سألوا أخي عن قبيلته. قال إن والدته مسلاتية ووالده ديجاوي”. ردوا عليه بأنه لا يبدو كمسلاتي وأجبروه على النزول من السيارة، وكان يحمل طفلًا رضيعًا. ترك الطفل معي ونزل تحت التهديد.” وأضافت أن السائق حاول إخفاء هويته طوال الوقت.
أحدث التعليقات