جبراكة نيوز: تقرير- عيسى دفع الله
في الوقت الذي تنخرط فيه قوات الدعم السريع في مباحثات جنيف رفقة الشركاء الدوليين ما زالت القوات المسلحة السودانية تراوغ الوسيط الامريكي بذرائع عدم تنفيذ إعلان جدة ودواعي تحويل المنبر إلى دولة آخرى إضافة لتذمرها من مشاركة دولة الإمارات التي تتهمها بدعم الدعم السريع.
كل تلك المبررات بحسب مراقبين يرسلها الجيش بغية عدم الذهاب إلى جنيف لإيقاف الحرب رغم التراجع الميداني على حساب الطرف الثاني الذي يسيطر على نصف العاصمة وأربع من ولايات دارفور واجزاء واسعة من كردفان وولاية سنار والجزيرة.
بالمقابل كشف المبعوث الامريكي الخاص للسودان توم بيريلو، عن تواصله بصورة يومية مع قيادة الجيش الامر الذي اعتبره المراقبون بمثابة مشاركة للجيش في المباحثات خاصة بعد قراره إرسال وفد للقاهرة للتفاكر مع الوساطة الامريكية.
إعلان جدة
في مايو من العام الماضي وقعت القوات المسلحة مع قوات الدعم السريع على إعلان جدة واعلنا بموجبه التزامهما بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بيد ان الطرفين لم يلتزما بتنفيذ الاتفاق على ارض الواقع، بعدها جرت مباحثات في العاصمة البحرينية المنامة بينهما وقبيل التوقيع النهائي غادر وفد الجيش بقيادة نائب القائد العام شمس الدين كباشي.
وبعد طرح الولايات المتحدة الامريكية مبادرة جديدة لبدء مباحثات جنيف بحضور شركاء دوليين طالب الجيش بلقاء مع الوسيط الامريكي للتباحث حول المباحثات بدأت يوم 14 اغسطس الجاري قبيل بدء منبر جنيف إلا ان وفد الحكومة الذي ترأسه وزير المعادن محمد بشير أبو نمو، أوصى بعدم المشاركة في مباحثات جنيف قبل ان تتخذ الخارجية ورئيس مجلس السيادة قرارا بعدم المشاركة.
تجربة جديدة
كشف المبعوث الامريكي الخاص للسودان بيريلو، عن احرز تقدم في المفاوضات الجارية في جنيف السويسرية رغم تغيب وفد الجيش، وذكر، إنه تحدث إلى كل من الجيش والدعم السريع وزاد “سنواصل البناء على ما حققناه حتى الآن”.
وأكد، في مؤتمر صحفي الاثنين، بجنيف، العمل مع الجيش والدعم السريع لضمان تنفيذ الإلتزامات المتعلقة بفتح المعابر، واضاف، لدينا فريق تفاوض قوي لديه تاريخ في البلاد إلى جانب الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي، مثمنا الخطوات المهمة التي اتخذها الجيش خلال الايام الماضية.
واعتبر بيريلو، المباحثات الجارية بانها تجربة جديدة في التفاوض وقال “سنواصل العمل لاسابيع بمشاركة اطراف مختلفة مما يساعد في انجاح المفاوضات وسنبذل قصارى جهدنا لإيصال المساعدات الإنسانية للشعب السوداني وإيقاف الحرب”.
وفد القاهرة
أعلنت حكومة السودان الأحد أنها قررت إرسال وفد إلى القاهرة لبحث “إنفاذ اتفاق جدة” بشأن تخفيف أثر الحرب المستعرة مع قوات الدعم السريع منذ 16 شهرا، بينما تستمر مفاوضات أخرى في جنيف برعاية أميركية، في خطوة تظهر استمرار الجيش في المراوغة بعد تحميله مسؤولية إفشال المفاوضات في ظل تدهور أوضاع البلاد بسبب الحرب.
ووفقًا لبيان مجلس السيادة يوم الأحد، “تم اتخاذ القرار بناءً على اتصال مع الحكومة الأميركية ممثلة في المبعوث الأمريكي إلى السودان توم بيريلو، بالإضافة إلى اتصال من الحكومة المصرية لمناقشة رؤية الحكومة بشأن تنفيذ اتفاق جدة”.
جاء القرار بعد عدم الموافقة على المشاركة في المفاوضات التي نظمتها واشنطن في جنيف بتاريخ 14 أغسطس الجاري، واعتبر دبلوماسيون وخبراء أن “الاجتماعات المرتقبة في القاهرة ستكون بمثابة تكملة للمشاورات الجارية في سويسرا، بهدف إحراز تقدم إيجابي في الأزمة السودانية”.
لن تنهزم
رئيس حركة جيش تحرير السودان الإصلاح فيصل السُحـيني يرى إنه لا جدوى من محادثات دون مشاركة الطرف الأساسي المتمثل في حكومة السودان حتى لو اجتمعت دول العالم كلها، لأن حكومة السودان قوية بصمود شعبها وستظل هكذا، وقال السُحيني، لـ”جبراكة نيوز” إن إرادة الشعوب لن تنهزم مهما تكالب عليها الأعداء، مؤكدا ان الحكومة السودانية لن تخضع بعد الآن لأي ضغوط خارجية مهما عظمت وكبرت وهذا مرده أن السودان بتحالفاته الاستراتيجية مع دول المشرق روسيا وتركيا والصين وإيران وقطر أصبح في حلف قوي جداً عسكرياً ودبلوماسياً واقتصادياً لايمكن تجاوزه أو هزيمته فلا مكان للحلول الجزئية بعد الآن بل لابد من حلول دائمة وجذرية، ولن يتحقق ذلك إلا بتنفيذ إتفاق جدة او أستمرار القتال حتي إجتثاث المليشيات من جسد الدولة السودانية.
واوضح السحيني، ان قيادة الدولة في السودان ترى أن ما يقوم به المجتمع الدولي هو مؤامرة قديمة متجددة تجاه الوطن تقف وراءها قوة إقليمية معادية للسودان لها مصالح في تفتيته وتمزيقه حتى يسهل لها نهب ثرواته وموارده لكن الشعب السوداني قوي بإرادته وكرامته وعزته، ولا تستطيع أي جهة إجباره أو إذلال حكومته، مهما كانت المعاناة والمأساة التي يعيشها، وحديث البرهان واضح وضوح الشمس لن ولم يكن هنالك تنازل عن ما تم الاتفاق عليه مسبقا في جدة وإلا فالاستمرار في القتال هو الفيصل.
مناورة الجيش
الكاتب والباحث شكري عبدالقيوم، توقع انحياز الجيش إلى مباحثات جنيف ورأى عبدالقيوم، ان الجيش حسم أمره بالمشاركة بعد ما ناور جيدا بدرجة عالية من الاحترافية والخبرة واليقظة والقراءة.
وقال عبدالقيوم، لـ”جبراكة نيوز” إن الجيش من خلال المشاركة يحصل على مطلبه الأساسي في إنهاء التمرد واستعادة سيطرته وهيبته مقابل التضحية بالإسلاميين، وأضاف ممكن يناور ليحكم منفرداً الفترة القادمة التي اعتبرها عبدالقيوم، مطلب ثانوي.
ورأى ان الجانب الأمريكي سوف يحصل على مطلبه في إنجاز اختراق في ملف سلام السودان للأغراض الانتخابية وتغطية فشله في خطة الانقلاب العسكري، ومطلبه في تطهير أجهزة الدولة من العناصر الإسلامية، وتعطيل تقارب النظام مع الحلف الروسي الإيراني، مقابل التضحية بالدعم السريع. أيضاً ربما يحاول الجانب الأمريكي فرض قوى الحرية والتغيير على المشهد في اليوم التالي.
وأشار عبدالقيوم، إلى ان الجانب الإماراتي سيحصل على مكسب الإياب سالماً من الغنيمة، ووقف خساراتها عند هذا الحد وضمان تجميد شكوى السودان ضده على أمل إن يحاول لاحقا المضي إلى ملفاته ومطامعه في السودان من الباب وليس الشباك كما هذه المرة.
ترميم سمعة
المحلل السياسي محمد المصباح، قال إن الدعم السريع حريص على اتفاق يشرعن وجوده ليواصل تجهيزاته للسيطرة على الدولة لأن محاولة انقلابه فشلت كما فشل في الحرب الحالية في تحقيق اهدافه واتضح له ولحلفائه تماما انه بشكله الحالي وتركيبته الحالية لن يستطيع السيطرة على البلاد ليس لانعدام الموارد او انعدام القوة المادية بل لانعدام الشرعية وعدم قبول الشعب السوداني به ولتركيبته الاجرامية التي فشلت في تأسيس اي شكل من اشكال الحكم في المناطق التي سيطر عليها فاصبحت اجتياحاته لا تجلب سوى الادانات والسخط داخليا وخارجيا.
ورأى المصباح، ان الدعم السريع يحتاج لاتفاق يعطيه مكانا في السلطة العسكرية بشكل رئيسي ليفترع منه ادوار سياسية واقتصادية تمكنه من مواصلة استقطاب للسياسيين والمجتمع المدني والمجتمع التقليدي وترميم سمعته الدولية.
واشار إلى أن السلام الذي ينتج من مثل هه المباحثات غير مستدام، ولفت إلى ان مصلحة الدولة السودانية والشعب السوداني في عدم القبول بأي اتفاق من هذا الشكل والمواصلة في مواجهة الدعم السريع حتى الرضوخ لتفكيك منظومته وهو الحد الأدنى لأي اتفاق.
تقدم في جنيف
من جانب أفاد المستشار السياسي السابق لقائد الدعم السريع، يوسف عزت، بوجود دلائل على تحقيق تقدم في محادثات جنيف المتعلقة بوقف العدائيات، بالإضافة إلى فتح قنوات للإغاثة. وأعرب عن تفاؤله بإمكانية الوصول إلى اتفاق كما هو متوقع في هذه المرحلة.
وأوضح عزت في تغريدة له عبر منصة “إكس” أن من الضروري على السودانيين دعم هذه الجهود والعمل على تعزيزها، بهدف تحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار. وأكد على أهمية الوحدة والتعاون بين جميع الأطراف لتحقيق هذا الهدف.
تأتي هذه التصريحات في وقت حساس تمر به البلاد، حيث يسعى الجميع إلى تحقيق السلام والاستقرار. ويأمل عزت أن تسهم هذه المحادثات في تحسين الأوضاع الإنسانية وتلبية احتياجات المواطنين المتضررين من النزاع.
أحدث التعليقات